أثارت توقعات ليبيا حول حدوث ارتفاع في أسعار النفط خلال العام الجديد وأن يصل سعر البرميل إلي حدود 100 دولار ردود فعل واسعة في أوساط المراقبين والخبراء رغم محاولة أوبك السيطرة علي أثار هذه التصريحات والطمأنة بأن الأوضاع مستقرة حتي لو حدثت مضاربات إلا أن ارتفاع أسعار البترول بات الأقرب من وجهة نظر المراقبين في ضوء الانخفاض مع برودة الطقس في أوروبا بشكل أخاف الأسواق بأن تصاب بحمي ارتفاع البترول، وبعيدا عن التكهنات قصيرة الأجل التي جعلته يترنح في عشرة أيام هبوطا مع التخبط في خطة انقاذ إيرلندا وصعودا بعد تصريحات ليبيا يؤكد الخبراء أن الارتفاع في الأجلين المتوسط والطويل ستكون له أثار كبيرة علي السوق المحلي. تؤكد الدكتورة مني المصري أستاذ التجارة الدولية أن الارتفاع في مستويات أسعار البترول يشعل تكهنات بمزيد من التقلبات بالأسواق وينذر بتزايد احتمالات موجة تضخم جديدة مثلما شهدتها الأسواق في عام 2008 حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار الغذاء في الأسواق العالمية وسينعكس ذلك علي الأسواق المحلية وستزيد فاتورة الاستيراد بما أن مصر دولة مستوردة لكن المشكلة - بحسب المصري - هي أن الأسعار إذا ارتفعت محليا لا تخفض مجددا الأمر الذي قد يجعل هناك أعباء إضافية علي السياسة النقدية في ضوء ضعف الرقابة الحكومية علي الأسواق داعية إلي رفع درجة التأهب القصوي وإحكام الرقابة علي الأسواق خلال الفترة المقبلة حماية لمصالح المستهلكين. وقال أيمن فرج الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة لم تعد العلاقات التاريخية العرفية بين الدولار والبترول والذهب مسلم بها منذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة ولقد رأينا كيف انفصلت هذه العلاقات وتجزرت بعد عام 2008 لأول مرة منذ عقود طويلة. أوضح فرج أن العلاقة بين ارتفاع النفط وانخفاض الدولار ستضعف وقد يواصل سعر النفط صعوده حتي إذا تعزز موقف العملة الخضراء - بحسب قوله - مضيفا أنه علي سبيل المثال وبالعودة إلي الوراء وتحديدا عام 2007 فقد الدولار نحو خمس قيمته مقابل اليورو وهو أحد عوامل ارتفاع سعر النفط الذي تضاعف في عام موضحا ذلك بقوله: "أعتقد أن ضعف الدولار في المستقبل لن يكون عاملا كبيرا في تحديد مسلك الأسعار بالنسبة للنفط فدور المضاربين سيكون أكثر من أي شيء آخر". ويتابع قائلا: أنه من المتوقع أن تصبح هناك تذبذبات شديدة في أسعار الذهب نتيجة العلاقة بينه والبترول فأكثر الأمثلة دلالة علي عمق تلك العلاقة هو ما شهدناه خلال السنتين الماضيتين عندما ارتفعت أسعار النفط ووصل سعر البرميل إلي 150 دولارا، ثم تراجع كي يصل إلي نحو 60 دولارا للبرميل، لاحظنا حينها العلاقة العكسية بين أسعار السلعتين، فكلما ارتفع أسعار النفط انخفضت أسعار الذهب، والعكس صحيح تماما ونتيجة للمضاربات ستكون هناك موجات من الصعود والهبوط المفاجئ. ويقول الدكتور أحمد عاشور الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة أن الدول المصدرة للنفط تعتبر سعر البترول أقل من المعدل الذي يجب أن يكون عليه حتي لو تجاوز المائة دولار للبرميل وتري هذه الدول ذلك طبيعيا وتعويضا مستحقا للدول المنتجة حتي تتحقق لها فوائض ولكن الخلل في الأسعار بوجه عام ناتج عن عدم عدالة النظام التجاري العالمي السائد اليوم، صحيح أن ارتفاع أسعار البترول يؤثر علي الأسعار ولكنه ليس هو المؤشر الوحيد أو الحاسم كما أن هناك جملة إجراءات اقتصادية ومالية تتبع للتحكم في مستويات الأسعار ينبغي أن تمارس من قبل الدولة لزيادة القدرة علي تحمل أي صدمات مفاجئة وحماية من عدم توفير ذرائع للمحتكرين لرفع الأسعار مشيرا إلي أن هذه التوقعات تغذي اقتراح بأن يكون هناك لجنة حكومية تتنبأ بالأحداث وتضع الاحتمالات الأسوأ مسبقا لانه حتي لو ارتفعت أسعار الغذاء بسبب البترول سيكون برئ من هذا الارتفاع وبنسبة لن تقل عن 50%. وبين هذه التكهنات المشتعلة من قبل الخبراء يتوقع البعض الآخر الأفضل فمن جانبه يؤكد الخبير المصرفي أشرف بيومي أن ارتفاع أسعار البترول ربما يولد سيولة كبيرة في منطقة الخليج علي غرار ما حدث في عام 2007 قد تبحث عن أسواق جديدة وهي السوق المصري وهو ما يجعل هناك تفاؤل بارتفاع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر وبالتالي تقلص خسائر الأزمة التي أدت إلي انخفاضه 50%.