في أعقاب الاعلان عن انشاء جهاز لادارة الاصول المملوكة للدولة ترددت بعض الانباء عن حدوث خلافات بين وزارتي المالية الولي الطبيعي علي كل المملوكات والموارد والاستثمار في أعقاب الحديث عن تكهنات تشير إلي نية الحكومة تقليص صلاحية وزارة المالية فيما يتعلق بالاشراف علي شركات قطاع الاعمال ونقل ملكيتها المندرجة تحت مظلة القانون 203 من وزارة المالية إلي جهاز ادارة الاصول، وهو الامر الذي يحاول مسئولو وزارة المالية نفيه علي اعتبار ان ما يحدث حاليا مجرد مناقشات بين أجهزة ووزارات الحكومة لمعرفة كيفية ادارة هذه الاصول وما الصيغة التي ستحصل بمقتضاها وزارة المالية علي الحصة المقدرة بنحو 57% من أرباح شركات قطاع الاعمال العام التي تبلغ 6 مليارات جنيه سنويا، ورغم ان حالة الشد والجذب هذه قد تحتمل الصواب والخطأ في نفس الوقت إلا ان الحديث في هذه الامر فتح من جديد ملف العجز الشديد الذي تعانيه موازنة الدولة وسعي وزارة المالية إلي البحث عن أي مخرج لحل الازمة الحالية بشكل مؤقت دون النظر إلي حلول مستقبلية شاملة وهنا يجب ان نذكر قيام الحكومة مؤخرا بتحويل العجز من خلال السندات والاذون الحكومية والتي تمثل عبئا علي الاجيال القادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل نضبت مصادر تمويل عجز الموازنة؟ وكيف يمكن التعامل مع هذا العجز في الموازنة دون المساس بحقوق البسطاء..؟ تشير البيانات إلي ان العجز في الموازنة العامة يتزايد علي نحو خطير سواء كحقيقة مطلقة أو كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، فقد ارتفع من نحو 69 مليار جنيه عام 2008 2009 إلي نحو 98 مليار جنيه 2009 2010 بنسبة زيادة قدرها 42% ومخطط له في الموازنة الجديدة 2010 2011 ان يرتفع إلي 8.113 مليار جنيه بنسبة زيادة قدرها 1.16%، وتوضح هذه الارقام ان عجز الموازنة والدين العام قد تجاوز كل حدود الامان، حيث بلغت قيمة الديون الداخلية فقط نحو 841 مليار جنيه في بداية العام الحالي 2010 بواقع 10513 جنيها مديونية لكل فرد من ال 80 مليون مصري. ومن جابنه، يوضح د. فرج عبدالفتاح استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان تغطية الانفاق العام بانواعه المختلفة يجب الاعتماد فيه علي الموارد السيادية بشكل رئيسي من ضرائب دخل وضرائب جمركية وضريبة عامة علي المبيعات، فهذه هي المصادر الاساسية لتمويل الانفاق الجاري يضاف إليها فائض الجهات التي تملكها الدولة بخلاف شركات قطاع الاعمال العام مثل رسوم المرور من قناة السويس ورسوم دخول المناطق المملوكة للدولة، ويوضح انه إذا كان هناك عجز في الموازنة العامة للدولة فيجب النظر لعلاجه من خلال زيادة كفاءة أجهزة التحصيل في ظل التشريعات القائمة وامكانية تعديل بعض التشريعات التي من شأنها زيادة الموارد السيادية والنظر في شرائح الضرائب فليس من المعقول ان من يكسب 100 ألف جنيه نحصل منه علي 20% ضريبة دخل ومن يكسب مليون نحصل منه علي نفس النسبة ومن يكسب 10 ملايين تظل النسبة ايضا ثابتة ومن ثم يجب اعادة النظر في الشرائح الضريبية مع ضرورة التدرج بها. وفيما يتعلق بالجدل بين وزارة المالية والاستثمار حول ادارة الشركات القابضة ينوه عبدالفتاح ان هذا حق أصيل للاستثمار وهو ان يكون هناك جهاز لادارة الاصول المملوكة للدولة المدرجة تحت بند قطاع الاعمال العام، فإذا كان هناك فائض في الارباح يجب ان يتركز في الجهاز المزمع انشاؤه تحت مسمي جهاز ادارة الاصول المملوكة للدولة ضمانا لاستقلاليته عن الجهاز الاداري، مشيرا إلي ان حقوق الدولة كموازنة عامة يمكن ان تحصل عليها في شكل ضريبة علي دخل هذه الشركات شأنها شأن شركات القطاع الخاص طالما كنا ننادي بادارة هذه الاصول ادارة اقتصادية، مشيرا إلي ان فكرة توجيه الفوائض لتمويل عجز الموازنة من شأنه ان يحدث خلط فيما بين مسألة ادارة هذه الاصول ومراكزها الاقتصادية في السوق، بينما تكون هذه الشركات محققة للارباح وتحتفظ بهذه الارباح في شكل تراكم رأسمالي يسمح بعمل توسعات بعمل صيانة للحفاظ علي الطاقة الانتاجية لها فإن ذلك هو مفهوم الادارة الاقتصادية، منوها ان أحد أسباب الخسائر التي مني بها القطاع العام في الماضي كان راجعا لتدخل الدولة في ادارة هذا القطاع خاصة بعدما استطاع هذا القطاع ان يسدد ما عليه من ديون والآن هو يحقق فائضا وتطلب منه أداءا اقتصاديا ومحاسبة بمعايير الربحية الخاصة وطالما نحاسبه فيجب ان نطبق مفاهيم الادارة الخاصة بالكامل عليه.