أثير في الفترة الأخيرة موضوع تعدد سياسات التصرف في أراضي الدولة وذلك طبقا للقوانين المختلفة المنظمة لذلك في الجهات المختلفة المسئولة عن التصرفات وتعارض ذلك أحياناً مع قانون المناقصات والمزايدات، كما طلب السيد رئيس الجمهورية في اجتماع عقد مؤخرا ضرورة وضع سياسة واضحة للتصرفات المختلفة لهذه الأراضي. دعونا أولاً نتفق علي عدة مبادئ: - أراضي مصر وديعة من الشعب لدي الحكومة وهو تعبير طيب سمعته في إحدي المواجهات التليفزونية من السيد اللواء مهندس عادل نجيب النائب الأول لرئيس هيئة المجتمعات العمرانية. - الدولة ليست تاجر أراضي وقيمة الأرض ترتبط بنوعية استعمالها وما تتحمله الدولة من أجل إعدادها لتكون صالحة للتنمية.. أي تنمية. - الدولة منظمة لتنمية هذه الأراضي طبقا لقواعد علمية يمكن من خلالها التعرف علي كل معطيات المكان فوق الأرض وتحت الأرض وفي إطار مخططات عمرانية تأخذ في الحسبان إمكانيات المكان والسكان في أمد زمني محدد يأخذ في الحسبان أيضا مباديء التنمية المستدامة التي تضمن لأجيال مستقبلية حقها في أرض وطنها. - التخطيط العمراني ليس تخطيطاً لمدن أو قري فقط ولكنه -كما ذكرت من قبل لدراسة كل معطيات المكان فوق الأرض وتحت الأرض من اقتصاديات قد تصلح لاستقرار الإنسان فوقها زارعاً أو مستخرجاً مستثمراً لخيراتها أو صانعاً لمستخرجاتها ليشكل في كل حالة كياناً مجتمعياً مناسبا لها. - الدولة وهي تنظم وتيسر تنمية هذه الأراضي بنوعيات معطياتها المختلفة تضع سياسات واضحة للتصرف في هذه الأراضي في إطار سياسة الدولة التي تستهدف التنمية التي تعود علي المواطن طبعا لما هو مخطط وممكن -خاصة إذا وفرت لكل ما يخطط الآليات المادية والبشرية التي تحقق هذه التنمية في الأمد الزمني المخطط لها. * إذا اتفقنا علي هذه المباديء.. تعالوا ننظر إلي ما نحن فيه: - بعد عبور أكتوبر 1973 أصدر الرئيس الراحل أنور السادات ورقة استراتيجية مهمة في أبريل 1974 سميت ورقة أكتوبر عن تصور استراتيجيات المستقبل -في ذلك الوقت- دعت ضمن ماد عت إليه إلي ضرورة الخروج من الوادي وتشكيل مجتمعات جديدة حيثما كان ذلك ممكناً، وبدأ في ضوء ذلك التوجه إلي الصحراء خارج الوادي -لاستيعاب الزيادة السكانية وحفاظاً علي ما تبقي من أرض زراعية بالوادي -وإعداد المخططات العمرانية للجيل الأول من المدن الجديدة (العاشر من رمضان - السادات - برج العرب الجديدة - 15 مايو - السادس من أكتوبر).. وكانت المجموعة الاستشارية المصرية الأمريكية المسئولة عن مخطط مدينة السادات والتي كنت أشرف بأن أكون أحد أعضائها - مسئولة عن وضع تصور لإدارة هذه المدن الجديدة -ومازالت أذكر أن المجموعة أعدت ورقة تم عرضها علي الرئيس السادات الذي أشر عليها (النائب - رئيس الوزراء - وزير الإسكان) أري أن يكون لكل مشروع كبير يقدم هيئة تعطي الشخصية الاعتبارية وكامل السلطة لكلي تكون هناك جدية وسرعة في التنفيذ. أنور السادات). وترتب علي هذه التأشيرة إصدار القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن المجتمعات العمرانية الجديدة. كذلك صدر بعد ذلك القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية. وكلا القانونين يحمل من المواد ما يحفز علي التنمية والاستثناء من بعض القوانين من أجل ذلك.. - ومازال البعض منا يذكر عندما عرض علي الرئيس السادات الخطوط الأساسية لمخطط عام مدينة العاشر من رمضان - كأول مدينة جديدة في الجيل الأول من المدن - أن طلب من السيد ممدوح سالم -رئيس الوزراء وقتها- أن يتم تخصيص الأرض للصناعة مقابل نصف جنيه للمتر المربع وللإسكان مقابل جنيه واحد تحفيزاً لإنشاء مجتمع عمراني جديد وطبقاً لهذا التوجه التحفيزي - تشكلت بدايات جادة لمدينة العاشر من رمضان. - في بدايات عهد الرئيس حسني مبارك عقد المؤتمر القومي الأول للسكان وأقر في توصياته في الاجتماع الذي عقد برئاسة الرئيس في 29 مارس 1984 بضرورة وضع خريطة لتوزيع السكان فوق الواقع الجغرافي المصري تأكيداً واستمراراً لما تضمنته ورقة أكتوبر من توجه استراتيجي كما أشرت من قبل -وتأكدت تقريباً نفس التوصيات عام 2008 عندما انعقد المؤتمر الثاني للسكان. وذلك كله يؤكد الرؤية المستقبلية للتنمية فوق أرض مصر. وما قد تطلبه هذه الرؤية من مخططات لتحقيقها.