التجارة الداخلية إحدي المقومات الأساسية لاستقرار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والمرآة العاكسة لرواج الاقتصاد القومي للبلاد، ومدي كفاية حجم المعروض من المنتجات لحجم الطلب عليها ومدي مساهمة الإنتاج المحلي في تلبية احتياجات الاستهلاك بالأسعار الملائمة والمواصفات المقررة خاصة للسواد الاعظم من جمهور المستهلكين محدودي الدخل الذين اخذت شريحتهم الاجتماعية تتسع يوما بعد الاخر.. كما أن التجارة الداخلية هي الجوهر الكشاف لما ينبغي تصديره وما يستوجب استيراده وفقا لحاجة السوق الداخلي التي تصب فيه جميع الواردات وتخرج منه كل الصادرات. وقد تبعت التجارة الداخلية قرابة قرن من الزمان عدة وزارات منها الزراعة والمالية والصناعة والتموين في ظل نظام اقتصادي يقوم علي التخطيط المركزي واصدار الأوامر في صورة قرارات كانت الدولة أحد اطرافها.. ثم آلت تبعيتها أخيرا لوزير التجارة والصناعة في 30/12/2005 بقرار رئيس الجمهورية 420 لسنة 2005 في ظل نظام اقتصاد السوق الذي تعمل فيه الافراد والمشروعات بحرية تامة.. وحتي يمكن تطوير وتنمية التجارة الداخلية لتؤدي دورها الفعال في ظل هذا النظام الذي تغلب عليه التخصصية والسوق الحرة وحفزها نحو تحقيق توزان عادل بين المنتجين والمستوردين والتجار فضلا عن حماية حقوق ومصالح المستهلك فإن من الضروري إلقاء الضوء علي الاوضاع الراهنة للتجارة الداخلية والقفزات السعرية للمنتجات بدون مبرر وبصورة مفاجئة.. وقد يرجع ذلك إلي العمل بردود الافعال وليس بالتخطيط القائم علي التوقعات المرئية علي أسس اقتصادية وتشريعية. ولعل من أهم العوامل اللازمة لمواجهة الاختلالات المزمنة في هيكل التجارة الداخلية أي كانت أسبابها سواء كانت بين الانتاج والاستهلاك أو بين الصادرات والواردات أو كانت لأي سبب اخر ضرورة استحداث أو تطوير الآليات التي تتفق مع سياسة التحرر الاقتصادي والتحول من نظام التخطيط المركزي لنظام السوق ومن سيطرة القطاع العام إلي وضع يقوم فيه القطاع الخاص بالدور الرئيسي ومن أهم هذه الآليات التعاونيات الاستهلاكية التي تلعب دورا مهما في توفير المنتجات لاعضائها بأقل أسعار ممكنة واعلي جودة مقررة من خلال الجمعيات الاستهلاكية الفئوية أو المنزلية وغيرها التي تمثل منظمات جماهيرية ديمقراطية تعمل علي تحقيق مطالب أعضائها اقتصاديا عن طريق الاتصال المباشر مع المنتجين أو المستوردين دون حلقات التداول التجارية الأخري.. لهذا كان دورها فعالا ومؤثرا في احداث التنمية الحقيقية للتجارة الداخلية من خلال ديمقراطية متواصلة بمشاركة جميع الاعضاء في سلطة اتخاذ القرار المعبر تعبيرا صادقا عن احتياجاتهم وللعلم فإن هذه الآليات التعاونية منتشرة علي نطاق واسع في الدول الرأسمالية المتقدمة وتحقيق مصالحهم دون منفعة خاصة.. كما أن أموال تلك الجمعيات مملوكة لها ملكية تعاونية بصفتها الاعتبارية ولذلك فهي تعد بمثابة المال العام.. وقد حرص المشرع المصري من خلال احكام قانون التعاون الاستهلاكي 109 لسنة 1975 علي وضع قواعد لتنظيم أداء تلك الجمعيات وحمايتها للاستمرار والاستقرار نحو تحقيق الهدف المنشود لحماية حقوق مصالح الاعضاء المستهلكين لذا فقد منحها عدة امتيازات أهمها تخفيض قيمة التكاليف الكلية للمنتجات من خلال الاعضاء من التأمين المؤقت والنهائي في المناقصات والمزايدات المطروحة بالاضافة إلي حقها في مجال التوريد وأداء الخدمات بطريقة الأمر المباشر دون التقيد بالحدود القصوي المنصوص عليها في قانون المناقصات والمزايدات فضلا عن حقها في الحصول علي تخفيضات تقدر نسبتها 25% من قيمة أجور الاتصالات عن طريق وسائل النقل العام والسكك الحديدية وأيضا تخفيضا تقدر نسبته ب "50%" من رسوم أو اجور الاستشارات والبحوث و التحاليل التي تجريها المؤسسات العامة. ومن اللافت للنظر أن هذه الجمعيات تتمتع بالاهلية التجارية في ممارسة نشاطها بمجرد شهر ملخص عقد تأسيسها ونظامها الداخلي.. هذه المنح تمثل دعما للجمعيات في مواجهة حالات غلاء الأسعار باعتبارها لا تبغي في المقام الأول تحقيق الأرباح.. وتدار مثل هذه الجمعيات من خلال جمعياتها العمومية ومجالس إداراتها التي تعمل تحت اشراف الاتحادات الاقليمية والاتحاد المركزي بالاضافة لوزارة التجارة والصناعة التي يمثلها قطاع التجارة الداخلية.. ومن اللافت للنظر أيضا أن هذه الجمعيات تتميز بتوزيع الفائض الناتج عن نشاطها بما يعادل 15% مكافأة لرأس المال وفقا للقواعد المخصصة كذلك.. وفي جميع الاحوال فإنها إحدي المنشآت الاقتصادية الخاضعة لاشراف الجهاز المركزي للمحاسبات في مراجعة حساباتها المالية.