ما بين الأزمة المالية العالمية التي نشبت منذ أكثر من عامين وانخفاضات اليورو الفترة الماضية فإن الخاسر الأول هو التصدير المصري، فحركة الصادرات بعد أن بدأت تلتقط أنفاسها وتتأقلم مع ما أحدثته الأزمة المالية العالمية فوجئت بأزمة جديدة تعصف بها وتهددها، فحصيلتها شهدت بالفعل انخفاضا كبيرا جعل القطاعات التصديرية المختلفة وبالأخص التي يمثل الاتحاد الأوروبي أهم أسواقها تنادي بضرورة الإسراع بإنقاذها من هذا المأزق الجديد، مطالبة الحكومة بالتحرك لمساندتها والخروج بها من هذا الوضع الحرج بأقل خسائر ممكنة. سألنا المستثمرين والخبراء عن رؤيتهم لهذا الوضع ومدي تأثيره عليهم وما المطلوب من جانب الحكومة لمساندتهم. في البداية، حاولنا الاتصال بوزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد وسؤاله حول الآليات التي تعتزم الوزارة اتخاذها للتعامل مع انخفاض اليورو بما لا يؤدي إلي إلحاق خسائر بأي قطاع اقتصادي فقال لنا انهم لايزالون في مرحلة الدراسة وتقييم الوضع لتقدير إذا ما كانت هناك خسائر ناجمة عن هذا الانخفاض حتي يمكن التعامل معها واتخاذ الآليات المناسبة لمواجهتها.. ولكن ما رأي المستثمرين؟ المهندس علي عيسي رئيس الشعبة العامة للمصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية أكد أن انخفاضات اليورو التي وصلت لمعدلات فاقت كل التوقعات أثرت عليهم كمصدرين بشكل حاد وبخاصة قطاع الحاصلات الزراعية الذي تتوجه نسبة كبيرة منه للأسواق الأوروبية، وكذلك قطاع الملابس الجاهزة ومواد البناء، مشيرا إلي تخوفهم الحالي من حدوث انهيار مالي بالسوق الأوروبية مثلما حدث خلال الأزمة المالية من قبل في عام ،2008 وهو الأمر الذي يعني تأثر حركة التجارة العالمية والصادرات ككل وليس فقط تراجع الحصيلة كما يحدث اليوم. فمنطقة اليورو حاليا يحدث بها تباطؤ اقتصادي كبير وهي أكبر منطقة تتعامل معها مصر تجاريا.. تصديرا واستيرادا. وعن المطلوب اتخاذه من جانب الحكومة لمساندتهم والحد من أي آثار سلبية تقع عليهم، أكد عيسي أنه لابد من تدخل سريع من جانب وزارة التجارة والصناعة لدراسة القطاعات المتضررة من جراء هذا الوضع واتخاذ آلية مؤقتة لمساندتها وتعويضها. كما يجب أن يتم تفعيل نظام "البورصة الآجلة بالعملات" الذي يتم من خلال قطع العملة مع البنك والشراء وفقا للسعر الذي يرتضيه المصدر علي أن تقوم وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع البنك المركزي بتفعيل تلك الآلية للحد من أي خسائر. أما شريف البلتاجي رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية فأكد تأثرهم كقطاع بانخفاضات اليورو نظرا لما يمثله السوق الأوروبي من أهمية كبري بالنسبة لهم، فالصادرات الزراعية يتم توجيه 45% منها لأوروبا، مشيرا إلي أن تراجع اليورو بنسبة 20% أثر علي حصيلتهم وعائداتهم من أوروبا مما يعني إضعاف قدرتهم التنافسية خلال الفترات القادمة. ويري البلتاجي أن استمرار هذا الوضع يعني في النهاية خروجهم من السوق الأوروبي في بعض المحاصيل إذا لم يتم تدارك الوضع واتخاذ الحلول الملائمة لمواجهة هذا المأزق الجديد. ويضيف أن الصادرات الزراعية بالأخص كانت قد نجحت خلال الفترات الماضية في تحقيق نمو كبير بأسواق الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلي ضرورة الحفاظ علي ذلك وعدم التهاون بما يؤدي لفقد ذلك السوق المهم. ويؤكد وليد هلال رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية أن 46% من الصادرات الكيماوية يتم توجيهها للسوق الأوروبي وبالتالي فإن الانخفاض الحاد لليورو الذي تراوحت معدلاته ما بين 17% و20% من قيمة العملة سوف يؤثر عليهم لا محالة وعلي حصيلتهم التصديرية.. مشيرا إلي الاجتماع الذي تم عقده فيما بينهم وبين المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة، والذي طالبوا فيه بعدد من الآليات التي يمكن خلالها تخفيف الأعباء المفروضة علي الصناعة ومن ثم مساعدتهم علي مواجهة الضغوط الجديدة التي تحد من قدرتهم علي النفاذ للأسواق الخارجية. ويحدد هلال هذه الآليات: أولا: عدم رفع سعر الطاقة بدءا من أول يولية بشكل كبير علي أن يكون رفعها بمعدل 5% فقط أول يولية ثم 10% في أول يناير من عام ،2011 وتكون هناك زيادات معروفة يتم إعلام المصنعين بها حتي يتمكنوا من ضغط تكاليفهم، بما يضمن الشفافية في أسعار الطاقة المستقبلية.