ان التغلب علي المرحلة القادمة من الازمة المالية ربما يكون أصعب. فالوضع تطلب خمسة تريليونات دولار وتحالفا عالميا غير مسبوق لدول مجموعة العشرين لارساء الاستقرار بالاقتصاد بعد انهيار بنك الاستثمار ليمان براذرز في 2008. ولوقف موجة الذعر التي أندلعت قبل نحو عامين حولت الحكومات تلالا من الديون من حسابات خاصة الي حسابات عامة. لكن تلك الديون الحكومية الان تثير الاضطراب بالاسواق المالية ولا يوجد مكان اخر يمكن تحويل تلك الاعباء اليه. وتسلط الاستجابة الاوروبية غير الملائمة لمخاوف ديون اليونان الضوء علي المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تنتظر الدول التي ينوء كاهلها بالديون ومن يمولون القروض. ولم يفلح الزعماء الاوروبيون حتي الان في اقناع المستثمرين بأن لديهم خطة قصيرة الاجل ذات مصداقية لاحتواء عجز الميزانيات الحكومية وحل طويل الاجل لبطء النمو في المنطقة. والي أن يفعلوا ذلك ستظل الاسواق المالية متقلبة وسيظل التعافي الاقتصادي الصعب معرضا للخطر. يقول دومينيكو لومباردي رئيس معهد أوكسفورد للسياسة الاقتصادية ان أوروبا تحاول حل مشكلة ديون بديون أخري. وسيتطلب حل المشكلة توفر المال والارادة السياسية. ولا يغني أي منهما عن الاخر وكلاهما غير متوفر. ولم تهدأ حالة الذعر التي نتجت عن انهيار ليمان الا بعدما أظهرت مجموعة الدول العشرين التي تضم الاقتصادات الغنية والصاعدة الرئيسية أنها تمتلك الموارد المالية والالتزام السياسي لوقف الانهيار الاقتصادي. وتعهدت حكومات من دول مجموعة العشرين باجراءات تحفيز وضمانات قروض بقيمة خمسة تريليونات دولار رغم أن ذلك اثار ردود فعل سياسية تكلف بعض المسؤولين المنتخبين مناصبهم. وخطت أوروبا ما اعتقدت أنه كان خطوة كبيرة في وقت سابق هذا الشهر بعدما اتفقت علي خطة انقاذ بتكلفة نحو تريليون دولار الا أنه وفي غضون أيام عاد القلق مجددا ليسيطر علي المستثمرين وهوت الاسواق. وقال راجورام راجان كبير الخبراء الاقتصاديين السابق لدي صندوق النقد الدولي ان العنصر المفقود هو الارادة السياسية. وتشك الاسواق في ان الحكومات ستفي بوعود لا تلقي تأييدا شعبيا مثل خفض الخدمات وزيادة الضرائب لاسيما بعد أحداث الشغب في شوارع أثينا. والدول التي لن تتمكن من امتلاك الارادة لخفض الانفاق وزيادة الضرائب أمامها خياران اخران .. التضخم أو العجز عن السداد. وليست للتضخم فائدة تذكر في حالة أوروبا نظرا لان جانبا كبيرا من الدين قصير الاجل ويستغرق تقليصه وقتا. وهذا يترك العجز عن السداد كمسار مرجح. وقال راجان الذي نشر مؤخرا كتاب زخطوط الصدعس الذي يبحث الاضطرابات الاقتصادية العالمية زيتعين علي جهة ما دفع تكاليف هذا.. وسيتم الدفع من خلال فرض تكاليف علي دافعي الضرائب أو علي الدائنين. وتشكل الدول التي تعاني من الديون في أوروبا - اليونان وأيرلندا والبرتغال واسبانيا 0.4 % فقط من الاقتصاد العالمي ورغم ذلك فقد ألقت الاضطرابات لديها بالشكوك علي التعافي العالمي. وجزء من ذلك له علاقة بالمخاوف من أن الاقراض سيجف مع تحسب البنوك المالكة للديون الاوروبية لخسائر هائلة. وقال ادوين ترومان من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي ان تعرض البنوك الامريكية للاتحاد الاوروبي بأكمله يبلغ 1.3 تريليون دولار. الا أن سيتي جروب تقدر تعرض أكبر خمس شركات مصرفية قابضة أمريكية - بما في ذلك حسابات الذمم المدينة الخاصة بالمشتقات - لليونان وايرلندا وايطاليا والبرتغال وأسبانيا بمبلغ 190 مليار دولار. ويساعد ذلك في توضيح سبب قيام وزير الخزانة الامريكي تيموثي جايتنر بجولة تشمل بريطانيا والمانيا الاسبوع الحالي في طريق عودته من محادثات الحوار الاستراتيجي والاقتصادي الامريكي الصيني في بكين. وقال ترومان المسؤول السابق بوزارة الخزانة ان جايتنر سيحث الاوروبيين علي الارجح علي الوفاء سريعا بوعودهم بشأن خطة المساعدات التي تتكلف تريليون دولار لكنه لن يتحدث بنفس الشدة بشأن خفض الانفاق العام. وأضاف ان الاقتصاد العالمي لن يتعافي بدون تعاف أوروبي معقول. وقال أندرو بوش الخبير الاستراتيجي لدي بي.ام.أو كابيتال ماركتس في شيكاجو ان البنك المركزي الاوروبي يمكنه عمل المزيد لتعزيز الثقة.