"التضارب".. هيئة الاستثمار بتقول "آه" والبيئة والمنطقة الصناعية "لأ" دمياط: الموافقة مشروطة بدون وحدة الصباغة والقرار جماعي للمنطقة الصناعية وليس قرار المحافظ الشركة: المشروع قائم.. وتوقف لاستكمال الإجراءات هيئة الاستثمار: لم نرفع يدنا.. ونسعي لحل المشكلات كما كان الحال في مشروع أجريوم لصناعة الأسمدة يثور حاليا جدل واسع في الوسط الصناعي بدمياط حول مشروع تقدم به مستثمر تركي لإقامة مصنع ضخم ومتطور للنسيج في المنطقة الصناعية بالمحافظة، وخلاصة الحكاية أن الرجل بدأ في تنفيذ المشروع ليفاجأ بأن مجلس إدارة المنطقة الصناعية وافق علي المصنع بدون وحدة الصباغة لخطورتها علي البيئة، ودعمت وزارة البيئة نفس الموقف وقالت "لأ" في حين قالت هيئة الاستثمار "آه"! نحاول في هذه السطور تتبع الحكاية من جميع مصادرها كمثال علي التضارب والعشوائية في إدارة المشروعات الاستثمارية. وبدون تدخلات كانت هذه الحكاية.. اختار المستثمر التركي "أور أوغلو" مصر تحديدا لإقامة مشروعه لصناعة الغزل والنسيج، وتوجه للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة لاتباع الإجراءات اللازمة لتحديد قطعة أرض لإنشاء المصنع عليها واتخاذ الإجراءات اللازمة للبدء في عمليات البناء، وبالفعل وجهت الهيئة المستثمر التركي إلي المنطقة الصناعية الحرة بدمياط وتم البدء في بناء المصنع وإلقاء الأساسات، ولكن فجأة وبدون سابق إنذار أبدت الجهات المسئولة بالمحافظة اعتراضها علي المشروع وخاصة وحدة الصباغة التي لا يستغني عنها أي مشروع للنسيج، وقامت المحافظة ووزارة البيئة بتصنيفها بالفئة "ج" الأكثر تلويثا للبيئة، فاعترضت محافظة دمياط والأجهزة التابعة لها ووزارة البيئة علي إنشاء هذه الوحدة ضمن المشروع ورهنت الموافقة عليه بهذا الشرط، ولكنها وافقت علي المشروع كاملا بدون هذه الوحدة. وكان من الطبيعي أن يرفض المستثمر التركي ذلك لأنه لا يجوز إنشاء المصنع بدون هذه الوحدة ورفض الشرط الأساسي لاستكمال المشروع وأكد أن المصنع سيضم وحدة معالجة للمياه مجهزة بأحدث الأجهزة لمعالجة مياه الصرف وإبعادها تماما عن مجري مياه الشرب والري، ولكن المحافظة رفضت وأوقفت استخراج رخص البناء وسحبت الأرض بموجب اعتراض المستثمر علي شرطها الأساسي الذي يلوث البيئة. أما هيئة الاستثمار فلم تر أن الصباغة مشكلة لتعرقل المشروع مادام أنه سيتم الاتفاق داخل العقد علي وحدة المعالجة وتوقيع عقوبات في حالة عدم الالتزام ويأتي ذلك فيما يتمسك المحافظ بتنفيذ برنامجه للارتقاء بدمياط لتكون من أهم المناطق السياحية وإعادة مدينة رأس البر لمجدها القديم والاستفادة من مياها ورمالها في جذب السياح، بعيداً عن تلويث المياه والهواء من جراء إنشاء المصانع. المصير المجهول ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها الآن: هل سيكون مصير المشروع كمصير مصنع أجريوم؟ ولماذا تم إنشاء المنطقة الصناعية الحرة بدمياط من الأساس مادام هناك توجهات بتحويل المحافظة إلي منطقة سياحية للترفيه والعلاج معا؟! وكيف يكون هناك تضارب وعشوائية في قرارات الجهات المسئولة سواء هيئة الاستثمار أو المحافظة التي تسعي الأولي جاهدة لتنفيذ المشروع لتنمية الاستثمارات، وبين الثانية التي تري أن المشروع غير صديق للبيئة، مهما كانت التحوطات ولماذا تمت الموافقة علي المشروع قبل دراسة كل جوانبه بدلا من الموافقة ثم الاعتراض والدخول في متاهات؟ وهل هذا التصرف سيعيق ويحد من الاستثمارات القادمة لمصر؟ وما مدي خطورة التعسف في استخدام الروتين من الجهات التنفيذية علي مناخ الاستثمار في مصر؟