سبقته مئات الدراسات والتقارير التي حملت تحذيرات بالأرقام والنسب والمعدلات تؤكد كلها ذات الحقيقة. معظم الدول العربية يتهددها شبح ندرة المياه العذبة الآن، والمستقبل ينذر بمخاطر جمة. وإذا ترجمنا الأزمة رقميا، فإن نحو 83 مليون نسمة يعانون في اللحظة الراهنة افتقارهم إلي قطرة مياه تروي ظمأهم! فماذا ينتظرنا غدا أو بعد غد؟ لا شك أن القادم أخطر. ننسي أن معظم منابع انهارنا تأتي من وراء الحدود. نهدر الكثير من ذاك القليل في البحر أو علي الرمال، أو بسوء استخدام لا نظير له حتي لدي هؤلاء الذين يمتلكون اضعاف ما نملك، ولا يعانون تحكم الجيران في حياتهم، لأنه لا أمل في استمرار الحياة دون ضمان امدادات المياه للشرب والتنمية في آن معا. في تقريرها -الذي لن يكون الأخير- حول توقعات البيئة العربية حذرت الجامعة العربية من تداعيات أزمة المياه المتفاقمة، باعتبارها أكبر التحديات التنموية والبيئية. التقرير يطرح حتمية التوجه للمياه المحلاة والمعالجة، ولكن ماذا عن ترشيد الاستهلاك؟ وأين دور المياه الجوفية وخطط البحث الجادة عنها ضمن آليات التغلب علي أزمة الندرة؟ لا نرجح بديلا عن آخر، فتلك مهمة الخبراء، ولكن لماذا لا يدرسون جدوي السير قدما باتجاه تبني أكثر من بديل؟ ولماذا أيضا لا نواجه الأزمة عبر أساليب متوازية؟ تأمين احتياجات العرب الآن، وفي المستقبل، من المياه مسألة حياة أو موت، وأي تقاعس في مواجهة الفقر المائي وتداعياته سوف يدفع الأجيال المقبلة ثمنه فادحا.