علي الرغم من تصريحات المحافظين ووزارة التضامن الاجتماعي وهيئة البترول عن الاجراءات التي تم اتخاذها من أجل القضاء علي ظاهرة اختفاء انبوبة الغاز وبيعها في السوق السوداء بعد ذلك وطرح كمية جديدة تقدر ب 100 ألف أنبوبة، - فإن الظاهرة أصبحت متكررة في موسم الشتاء كل عام، والشكاوي مازالت مستمرة من المواطنين ومعاناتهم من اختفاء اسطوانات الغاز في وقت تتزايد فيه تصريحات المسئولين عن اقتراب حل المشكلة، وكأن المشكلة وليدة هذا العام، لنجد الاتهامات متبادلة بين المواطنين والمسئولين ما بين انعدام الرقابة علي مستودعات أنابيب الغاز وسوء استخدام المواطنين للانبوبة، وبين هذا وذاك حلقت أسعار الأنبوبة لتصل في بعض المناطق إلي 70 جنيها، بينما سعرها المدعم لا يتجاوز ال 5.2 جنيه. "الأسبوعي" قام بجولة في الدقهلية لرصد المشكلة. "العودة" لاستخدام بوابير الجاز والكانون هي الحل.. كان هذا رأي بعض المواطنين في مركز "أجا" التابع لمحافظة الدقهلية، بعدما طال انتظارهم في مستودع الأنابيب حيث أوضح مراد عبد العاطي مدرس بمدرسة أجا الثانوية الصناعية انه يبحث عن انبوبة منذ أربعة أيام ويجلس في المستودع يوميا مدة لا تقل عن أربع ساعات هو والمئات من المواطنين علي أمل الحصول علي انبوبة ولكن من دون جدوي، بينما أكدت السيدة ليلي العربي "ربة منزل" انها سمعت ان المستودع يوجد به أنابيب في الساعة الحادية عشر مساء مما جعلها علي الفور تتوجه للمستودع وانتظرت حتي الثامنة من صباح اليوم التالي ولكن من دون جدوي.. وخلال جولة "الأسبوعي" رصدنا حالات اغماء ومشاجرات والتقينا السيدة سعاد مرعي "ربة منزل" بعد أنت أصيبت بحالة إغماء بعد دخولها في مشاجرة مع احدي السيدات التي حاولت الاحتيال عليها وسرقة انبوبتها، علي حد وصفها، حيث أكدت هي وبعض الموجودين في المستودع انه في ظل تلك الأزمة ينتشر النصابون في صفوف المواطنين للاحتيال وسرقة أنابيب الغاز وابدي بعض المواطنين تخوفهم من أن تصبح السرقة بالاكراه في ظل غياب الأمن عن المستودعات. وبالسؤال عن أسعار الانبوبة داخل المستودع أكد الجميع ان سعرها وصل إلي 12 جنيها علي الرغم من ان سعرها المتعارف عليه هو 5 جنيهات فقط، واتهموا أصحاب المستودعات ببيع أنابيب الغاز لمصانع الطوب مما تسبب في حدوث تلك الأزمة، بينما قال محمود خطابي صاحب أحد مستودعات الغاز ان المشكلة تكمن في شركة الغاز التي تقوم بالتوريد لهم، حيث لا توجد رقابة عليها وهي من ترفع السعر عليهم وتقلل حصتهم من اسطوانات الغاز. البيه.. السريح من ضمن الموجودين بالمستودع "محمد أبو النور" مدرس جغرافيا.. تساءل مستغربا: حتي وان كانت مصانع الطوب تستخدم الأنابيب كيف يمكن ان تحدث مثل تلك الأزمة في محافظات ومدن مصر وهي بلد عائم علي الغاز الطبيعي؟ ومحمد لا يعرف أن مصر لا تنتج سوي 50% من استهلاكها من غاز الأنابيب بينما تستورد النصف الآخر، كما انه وعلي الرغم من انه مدرس مواد اجتماعية لا يعلم أن الغاز الذي تصدره مصر هو نوعية مختلفة عن غاز الأنابيب لكنه أكد ان مصر مصنفة الرابعة عالميا في نسبة احتياطي الغاز الذي لديها. وتوجهنا بعد ذلك إلي المستشفي العام بمركز أجا وتساءلنا عن تأثير نقص أنبوبة الغاز فأوضح أحد العاملين بالمستشفي - رفض ذكر اسمه - انه مع غياب الأنبوبة ظل المستشفي لمدة يومين عاجزا عن تحضير الطعام والوجبات الخاصة بالمرضي وطلبت ادارة المستشفي من المرضي توفير طعامهم عن طريق ذويهم. وبالتجول داخل مطاعم الوجبات السريعة والفول والطعمية أوضح علي عبد العظيم صاحب مطعم فول وطعمية انه يشتري الانبوبة بمبلغ 30 جنيها علي الرغم من ان سعرها المعتاد 8 جنيهات مما جعله يحمل تكلفة الزيادة علي أسعار الفول والطعمية للمواطنين، واكد ان جميع المطاعم تتعامل بنفس الاسلوب وطالب بمزيد من الرقابة التموينية علي مستودعات الأنابيب وكبح جماح طمع أصحاب تلك المستودعات و"السريحة"، مازحا في نهاية حواره بأنه في كل فترة يصعد نجم احد الحرفيين والبائعين في الازمات التموينية، فتارة يلمع نجم خباز العيش أثناء ازمة العيش والآن يسطع نجم بائع الأنبوبة "السريح" حيث يتعامل اغلب "السريحة" في هذه الفترة "كما لو كانوا أعضاء مجلس الشعب وهم وحدهم من يملكون حل مشكلة المواطنين". وبسؤال "ممدوح عطوي" مدير الرقابة التموينية بمديرية محافظة الدقهلية حول سبب حدوث تلك الازمة وهل يتوقع أن يتم التغلب عليها، أفادني برد واحد: "لا يوجد لدي اجابة ولا أستطيع الحديث لأي جهة إعلامية ولا أستطيع كشف ما يوجد عندي من تقارير وأرقام بخصوص ذلك الموضوع". جريمة بلا عقاب بالتجول داخل مركز كفر شكر بالقليوبية وجدت شكاوي عديدة من أبناء المدينة وأبناء القري المجاورة من غياب اسطوانات الغاز، حيث أكد "محمود فتحي" موظف بالشهر العقاري أن باعة الانابيب يأتون ليلا وفي هدوء حتي يتمكنوا من بيعها بسعر السوق السوداء مما جعل اهالي المدينة يسهرون ليلا ويحلمون بقدوم بائع الانابيب، وأكد "عمر الصاوي" صاحب مستودع أن سبب تلك المشكلة هو بيع الانابيب لاصحاب مزارع الدواجن واستخدامها في التدفئة وعدم مراعاة ذلك الجانب في عدد الاسطوانات الواردة لكل محافظة مؤكدا أنه لا يوجد سبب واضح لتلك الازمة سوي قلة المعروض مع كثرة الطلب، ولو تمت زيادة حصة الغاز لكل محافظة لانتهت تلك الظاهرة نهائيا مع توفير طرق بديلة لاصحاب المزارع والمصانع بدلا من انبوبة الغاز بينما وصف عضو مجلس الشعب "محسن راضي" تلك الازمة بأنها مفتعلة وجريمة في حق الفقراء.. أما "إبراهيم عبدالله" مدير عام بمديرية تموين بنها فيوضح أن المديرية طالبت بزيادة حصتها في اسطوانات الغاز لتلافي حدوث مثل تلك الازمة بالاضافة لتشديد الرقابة علي الباعة واصحاب المستودعات وتحرير محاضر ضد المخالفين. مافيا الأسطوانات ظاهرة جديدة يلاحظها أهالي مدينة ديرب نجم بالشرقية وهي وجود ما يسمونه بمافيا اسطوانات الغاز الذين يقومون ببيعها لتجار السوق السوداء بأسعار تصل إلي 20 جنيها للاسطوانة الواحدة حيث أوضح "سيد مصطفي" مدرس بمدرسة ديرب نجم الثانوية بنين أن تلك الازمة شيء متعارف عليه ومفتعل ويحدث كل عام في إطار خطة محكمة للاستفادة علي حساب اذلال المواطن بينما كانت مشكلة "عبدالجواد أحمد" صاحب كافيتريا أنه اضطر لاغلاق مصدر رزقه لمدة يومين مازال يسعي حصول علي انبوبة غاز حتي يتمكن من العمل مجددا، وأوضح "مجدي البشاري" محاسب بمستشفي الهرم بفاقوس أن إدارة المستشفي تحسبا لتلك الازمة قامت بشراء عدد عشر اسطوانات احتياطية حتي تنتهي تلك الازمة بسلام مع مراعاة العاملين في المستشفي لحالة الطوارئ في استخدام الغاز، بينما جاءت تصريحات علي أبوالحسن مدير الرقابة التموينية بالشرقية بأنه جار اتخاذ اللازم من الإجراءات لحل تلك المشكلة التي اعتبرها مشكلة ضمير في الاساس "فبغياب الضمير لن تستطيع الدولة وأجهزتها الرقابية السيطرة علي اصحاب المستودعات "والسريحة" والمواطنين".