بعد أحجام التداول المتدنية التي شهدها السوق خلال العام الماضي، ونتيجة للأزمات التي مرت بها الأسواق، عادت أحجام التداول تتحسن من جديد مع بداية العام الجديد، وسجلت قيمة التداولات نحو 5.9 مليار جنيه خلال الأسبوع الماضي، مقابل 4.129 مليار جنيه في الاسبوع السابق عليه. خبراء أسواق المال قالوا إنه لدوام استمرار ارتفاع أحجام التداول يتطلب ذلك تعافي البورصة، والتي بدورها تحتاج إلي استقرار سياسي، يليه تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، فضلا عن تنامي أرباح الشركات، وتأسيس صناديق استثمار جديدة، لأن عددها الحالي ضئيل، وسبب إحجام البنوك عن إنشاء صناديق استثمارية، هو طبيعة المستثمرين في السوق المصري وتأثرهم نفسيا بطريقة ملحوظة في توابع الأزمات وكذلك عدم ؤقبالهم نحو الاستثمار، الأمر الذي يسبب القلق لدي البنوك والمؤسسات من عدم تغطية الاكتتابات. وتوقعوا أن يشهد السوق ارتفاعا في أحجام التداول خلال ،2010 لأن مضاعف الربحية للبورصة المصرية أقل من الأسواق العربية الأخري، وهو ناتج قسمة سعر السهم السوقي علي نصيب السهم الواحد في الأرباح، وكلما زاد مضاعف الربحية زادت خطورة الاستثمار بالسهم، وهذا يحفز الكثير من المستثمرين العرب والأجانب للاتجاه نحو السوق المصري، كما أن هناك معدلات نمو كبيرة متوقعة في السوق المصري خلال العام الحالي. يري الدكتور عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار أن ارتفاع أحجام السيولة في الوقت الحالي وتخطيها المليار جنيه، يعد أحد العلامات الايجابية علي أن العام الحالي سيكون عاما سعيدا علي المتعاملين في أسواق المال، بعد أن شهدت تراجعا في نهاية العام الماضي، وتراوحت في أيام عديدة بين 400 و500 مليون جنيه، ونحن في انتظار تخطي المليار والوصول إلي المعدلات الكبري التي تحققت من قبل، ويدعم ذلك تحسن الظروف، وتنامي أرباح الشركات. ويقول خليفة إن أهم ما يدعم البورصة، ويحافظ علي ارتفاع أحجام التداول يتمثل في الاستقرار السياسي في المقام الأول، ومن ناحية ذلك تعد مصر من أكثر الدول استقرارا في المنطقة، يليه تحسن مؤشرات الاقتصاد القومي، وهذا يتضح، خاصة بعد أن وصلت معدلات التضخم إلي نحو 25%، وهي الآن أقل من النصف، والاحتياطي الموجود لدي البنك المركزي المصري في الحدود الآمنة، ومعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في ارتفاع، وتتفوق في ذلك دول عالميا كبري، فسجل في مصر نحو 6.4% مقارنة بأسواقا عالمية بلغ فيها أقل من 1% وتعدل معدلات أداء الاقتصاد الكلي جيدة بدرجة كبيرة. كما أن تنامي أرباح الشركات يساعد علي زيادة أحجام التداول واستقرار البورصة بصفة عامة، فضلا عن أن إنشاء صناديق استثمارية، موضحا أن سبب الاحجام عن تأسيس الصناديق هو أن المستثمرين في السوق المصري يتأثرون نفسيا بطريقة ملحوظة في توابع الأزمات ونري عدم اقبالهم نحو الاستثمار. ومن ثم نري أن احجام البنوك أو المؤسسات عن التأسيس يرجع إلي الخوف، من طرح صناديق جديدة ولا يتم تغطيتها، إلا أنه ما تم طرحه من صناديق خلال العامين الماضيين، تم تغطية اكتتابهم، ونأمل أن تكون بداية مبشرة لتقبل السوق لمزيد من صناديق الاستثمار، إلا أن ذلك يحتاج إلي تثقيف كبير جدا للسوق بأهمية صناديق الاستثمار، وخير ذليل علي أهميتها هي ما حققته من أداء ايجابي خلال ،2009 وأيضا مع بداية ،2010 فهي ارتفعت بمعدلات كبري في العام الماضي وصلت إلي نحو 33%. ويقول الدكتور محمد الصهرجتي العضو المنتدب لشركة سوليدير لتداول الأوراق المالية أن مع بداية العام الحالي شهدت البورصة ارتفاعا ملحوظا، فضلا عن ارتفاع أحجام التداول، وهي بوادر تعيد الثقة للمستثمر في السوق، وبداية دخول مستثمرين جدد في السوق، وأحد أنواع التفاؤل بأن الأزمة العالمية بدأت تنحسر في الخارج، والتي كانت بسيطة مقارنة بأمريكا، ومن ثم فمن الطبيعي خلال الفترة المقبلة أن نسترد أحجام التداول التي كانت من قبل، كما استرد المؤشر جزء كبير من خسائره. وللحفاظ علي استمرار لك الارتفاع، يوضح اصهرجتي أن لابد من زيادة ثقة المستثمر في السوق عن طريق الاستقرار في القرارات داخل السوق، والمحافظة علي الافصاح والشفافية، وهو اتجاه تقوم به البورصة علي أكمل وجه لزيادة ثقة المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب والزام الشركات بشروط القيد في البورصة. ويضيف أن معدلات النمو الاقتصادي الجيدة تساعد علي تشجيع الاستثمار في البورصة، فمثلا العام الماضي، رغم أن الدول الكبري علي مستوي العالم حدث لها انكماش، إلا أن معدل النمو في الاقتصاد المصري كان جيدا ووصل إلي نحو 4%، ومن المتوقع أن يصل خلال العام الحالي إلي 5%، وهو معدل جيد في ظل أزمة عالمية، ولابد من تشجيع الاستثمار في البورصة، مضيفا أن الأدوات المالية الجديدة ستسهم في ارتفاع أحجام التداول، موضحا أن الوقت الحالي ملائم لتفعيلها، ولا يمكن انكار أنها تحتمل درجة مخاطر كبيرة، ومن ثم لابد علي من يعمل فيها أن يكون لديه حرفية، لمعرفة كيف يتلافي تلك المخاطر، وتفعيلها للإعلان علي أن السوق المصري يتطور حتي نصل لمرحلة السوق الناشئة. ويلفت إلي ضرورة تكوين صناديق جديدة، وزيادة دور المؤسسات في السوق، ولابد من تضافر الجهود من جميع الأفراد والجهات، ويكون للشركات المقيدة دور من خلال الافصاح الدائم والمستمر عن الخطط والأخبار الجوهرية بالاضافة لالتزامها بالشفافية، ووجود دور لشركات تداول الأوراق المالية يتمثل في الدور التسويقي للعملاء بدعم من وزارة الاستثمار وإدارة البورصة لتعلم المستثمرين والأفراد بما يمر به السوق، وما يحدث في الأسواق العالمية والعربية. ويؤكد باسم رمزي مدير إدارة البحوث في شركة مترو لتداول الأوراق المالية أن الفترة الحالية ستشهد ارتفاعا في أحجام التداول لأن مضاعف الربحية للبورصة المصرية أقل من الاسواق العربية الأخري وهو ناتج قسمة سعر السهم السوقي علي نصيب السهم الواحد في الارباح، وكلما زاد مضاعف الربحية زادت خطورة الاستثمار بالسهم، وهذا يحفز ويشجع الكثير من المستثمرين العرب والأجانب للاتجاه إلي السوق المصري، وهناك معدلات نمو كبيرة متوقعة في السوق المصري خلال العام الحالي. وما يساعد علي زيادة أحجام التداول أيضا تطبيق أدوات جديدة مثل الشورت سلينج، فبدلا من الشراء والبيع، سيقابله البيع والشراء، بالإضافة إلي الشراء بالهامش، كما أن تفعيل سوق السندات، والتعامل عليها بالنسبة لشركات السمسرة، سيشجع هذا علي أحجام التداول. كما أن زيادة أحجام التداول، وتطور أسواق المال يعملان علي تشجيع الادخار الاستثماري بشكل عام وتشجيع صغار المستثمرين علي الادخار بوجه خاص، والذين لا يستطيعون إقامة المشروعات الاستثمارية لعدد من الأسباب منها ما يتعلق بصغر حجم هذه المدخرات فضلا عن عدم معرفتهم بفرص الاستثمار المتاحة والنافعة، ومن ثم فإن الأفراد الذين لا يستطيعون إقامة مشروعات استثمارية يفضلون شراء أوراق مالية علي قدر أموالهم، الأمر الذي ينعكس في تكوين أو زيادة رؤوس الأموال للشركات والمؤسسات الاستثمارية، وبالتالي زيادة معدل نمو الاستثمار، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، كما تعد البورصة مؤشرا يوميا يعبر عن ظروف الاستثمار واتجاهاته، وهي مؤشر يعكس قوة الاقتصاد أو ضعفه، كما أنه يعكس مستوي الأداء للقطاعات الاقتصادية وكذلك الأداء المالي للشركات الاستثمارية.