تحقيق: عبدالوهاب خضر ونهي عبدالعظيم من المقرر أن تقوم وزارة الكهرباء والطاقة نهاية العام الجاري بطرح مناقصات عالمية للاستثمار في الرمال السوداء المنتشرة في صحاري مصر. الدراسات أكدت أن مصر تمتلك احتياطا يبلغ 366 مليون طن من الرمال السوداء بمتوسط تركيز 3.4%، وتحتوي هذه الكنوز الرملية علي أكثر من 6 معادن رئيسية يمكن استغلالها في عدد كبير من الصناعات مثل السيراميك وصناعة الطائرات والغواصات وقضبان السكك الحديدية. الخبراء أكدوا أن دولاً كثيرة منها أمريكا واستراليا والهند استغلت رمالها بصورة علمية الأمر الذي عاد عليها بملايين الدولارات، ولذا فإن الحكومة المصرية مطالبة بالاستفادة من الأبحاث والدراسات حبيسة الأدراج.. ولكن ما هي الرمال السوداء؟ يقول الخبراء إن هذه الرمال شاطئية تسربت نتيجة لاصطدام مياه البحر بمصبات الوديان والأنهار وهي منتشرة في بعض مناطق ساحل البحر الأحمر والبحر العربي، وأغناها علي سواحل مصر المطلة علي البحر الأبيض من رشيد حتي رفح بطول 400 كيلو متر، وتنتشر هذه الرمال بفعل التيارات البحرية والأمواج، وترجع أهميتها الاقتصادية إلي احتوائها علي نسب من المعادن مثل الألمينت والروتيل وأكاسيد الحديد والماجنتيت والزركون والثوريا والجارنت والسيليكا والليكوكزين والمونازيت وغيرها. تحركات رسمية د. أكثم أبو العلا وكيل وزارة الكهرباء والطاقة كشف عن التحركات الرسمية للاستفادة من هذه الرمال.. ويقول إن هناك قرارا بإقامة مشروع صناعي في منطقة بلطيم بكفر الشيخ برأسمال مبدئي قدره 125 مليون دولار.. والهدف من هذا المشروع هو فصل وتركيز المعادن الثقيلة وإنتاج 6 معادن أساسية هي التيتانيوم والزركون والجارنيت والماجينت والنموناريت والمنيت، بالإضافة إلي 4% من المواد المشعة مثل اليورانيوم وأملاح الذهب والثريوم والبوتاسيوم والتي تستفيد منها الهيئة النووية. ويري وكيل وزارة الكهرباء أن هذه الرمال والمعادن المستخلصة منها من الممكن أن تقوم عليها 200 صناعة فرعية من الصناعات التكنولوجية المتطورة، موضحا أنه مع نهاية عام 2009 الجاري سوف تقوم الحكومة بطرح مناقصات عالمية لجذب المستثمرين لاستغلال هذه الكنوز الرملية عن طريق مشروع كبير يستغرق ثلاث سنوات ويجذب استثمارات تزيد علي المليار دولار في مرحلته الأولي ويوفر أكثر من 3000 فرصة عمل. كيفية التحويل؟ وحول عملية الاستفادة من الرمال السوداء يقول يسري زكي الراوي الخبير بشركة النصر للتعدين إن استغلال هذه الرمال وتحويلها إلي منتجات اقتصادية تقدر بملايين الدولارات لا يكلف من الناحية التكنولوجية سوي بعض الأجهزة التي تعمل علي فصل رواسب هذه الرمال الثقيلة في أماكنها وإعادة الرمال الباقية إلي أماكنها مرة أخري حتي لا تكون هناك تغيرات بيئية أو في التضاريس وتتم هذه العملية باستخدام "معدة عائمة" تعتبر جرافة وشفاطة في نفس الوقت وتسمي دردج وثمنها بخس جدا وتنشأ لها "بركة" خاصة بعمق 5 أمتار وتقوم بتقليب الرمال التي أمامها عند قاع البركة فتنهار هذه الرمال من القاع وكل ما فوقها، ويتم شفط خليط الماء والرمال بطلمية رمال ثم يدفع الخليط في أنبوبة إلي وحدة التركيز الأولي العائمة خلف الدردج لاستخلاص الركاز وإعادة الرمال المتبقية إلي الخلف، ثم تدخل المرحلة الثانية وهي عملية استخلاص الركاز من الرمال وتعتمد علي الاختلاف البين في الوزن النوعي بين الركاز والعادم، ولأنها تتم في وسط مائي فقد سميت هذه الوحدة بالوحدة الرطبة وغالبا ما يستخدم فيها نوعان من الأجهزة البسيطة التكنولوجية التي ترفع نسبة الركاز إلي 40%، ثم يدفع خليط الرمال والماء إلي النوع الثاني من الأجهزة وهو حلزوني حيث يتم رفع نسبة الركاز إلي 90% وبعدها يشحن الركاز عن طريق العمالة إلي الوحدة التالية، وهي عملية تخليص الركاز من باقي الشوائب بحيث تصل إلي 100% تقريبا، ثم تدخل مرحلة جديدة علي جهاز يسمي بجهاز الفصل وفيه يتم فصل المعادن بالنقاوة المطلوبة وتستخدم فيه الطرق الكهربية والمغناطيسية، فمع بداية مراحل عمل الدردج حتي مرحلة الفصل لا يستغرق ذلك سوي ساعات بسيطة وبتكاليف زهيدة، فتكنولوجيا استخراج الرمال السوداء من أقل التكاليف التكنولوجية.