رب ضارة نافعة.. أنفلونزا الخنازير لفتت أنظار المسئولين والمجتمع إلي قضية كبيرة هي غياب النظافة وافتقاد السلوك والوعي الصحي الضروري. وللمفارقة فأنفلونزا الخنازير "منعت" روائح بشعة في المباني الإدارية وجعلت الناس يغسلون أيديهم، ويستخدمون المطهرات والديتول، حتي لو كان الرأي الطبي يقول إن الديتول مضر لصحة الإنسان، فالموت من الديتول أهون من الموت برائحة مجاري الحمامات أو العرق المركز في مترو الأنفاق، أو في المصالح الحكومية. "المهم أن حمامات المدارس يا جدعان أصبح فيها نظافة ورقابة.. أحمد الله!" والمهم ألا تكون تلك العادات الجديدة في التسلح بالنظافة مجرد موضة. فقد عانيت وعدد آخر من أولياء الأمور وبح صوتنا في اجتماعات مجالس الآباء بالمدرسة التي يرتادها نجلي حتي يهتم المسئولون بنظافة الحمامات، وهي بالمناسبة مدرسة خاصة فيها الأمريكاني والبريطاني والفرنسي ومناهج التعليم فيها علي كل لون ولها فروع في القاهرة والغردقة والمنيا.. ولو سمح بفتح مدارس في القمر سيكون أصحاب هذه المدرسة السباقين إلي فتح مدرسة في القمر، لأنهم يضمنون تدفق الأموال وربحا سخيا.. وطبعا يؤم "مدرستنا" الذوات من أبناء المسئولين والفنانين والمشاهير، وعدد أيضا من أبناء الكادحين أمثالنا الذين يصلون الليل بالنهار للعمل وتوفير مصاريف المدرسة وهي بالآلاف والمفاجأة التي اكتشفتها أن موظفي النظافة والدادات توصلوا إلي حل عبقري لمنع وجود أي مياه في أرضية الحمامات، ان الحل ببساطة إغلاق محابس الحنفيات وهو كفيل بعدم استخدام الحمام! بعد ذلك لن يفكر تلميذ أو تلميذة في استخدام الحمامات، "ويتفلقوا" أو هناك أرض صحراوية شاسعة ملاصقة للمدارس من الممكن أن "يفكوا" أنفسهم فيها أو "حتي ميفكوش". إذن قضية النظافة في المدارس هي قضية سلوك مجتمعي، وقلة وعي أو فساد وعي. والأمر يحتاج رؤية يتبعها وضع سياسة للمدرسة وتنفيذها، ولا أعتقد أن الأمر الخاص بالسلوك القويم يتطلب تدخلا أو قرارا من وزير التربية والتعليم، بل المطلوب إشراف ومراقبة من إدارة المدرسة أولا ومن الإدارة التعليمية، ومهم وضع مبدأ الثواب والعقاب، للمحاسبة علي الخطأ والإهمال والتحفيز عند حسن أداء الواجب. كما لا يمكن أن نرمي المسئولية علي عاملات النظافة في المدارس لأن هناك شكاوي كثيرة استمعت إليها من مدرسات، بل وفي مدرسة بنات، حول وضع النظافة المزري بسبب السلوك، البنات اللائي كن عنوان الجمال في حياتنا، وأصبحن لا يختلفن في شيء عن تهور وإهمال غالبية الصبيان. تشتكي أبله نبيلة مدرسة لغة عربية من إهمال البنات، فتقول: "بكل صراحة البنات في هذه المدرسة لا أدري بماذا أصفهن، الوساخة في كل مكان ورغم جهود عاملات النظافة خلال اليوم الدراسي وبعد أن ينتهي، إلا أنه في اليوم الثاني انظروا للحمامات كيف أن الوضع مزرِ جدا".. وتضيف أبلة نبيلة: "أنا هنا أريد أن أقول لمثل هؤلاء الفتيات هل هذا "القرف" في حمامات المدرسة يحدث مثله في البيت؟!" وأنا أؤكد للأبله أن غالبية الأمهات يشتكين من نفس المشكلة إذا لم يكن أكثر، فالسندويتشات في غرفة النوم، والطبق ببواقي الأكل علي المكتب أو الكومود بجانب السرير وكوب الشاي يجف بتفله دون أن يحمله الأولاد إلي الحوض ويمكن أن يبقي في مكانه لو لم تلتقطه يد الأم أو يد "الشغالة". وطبعا الكسول سواء بنتا أو ولدا، الذي تثاقل في إخراج الطبق إلي المطبخ سوف يتثاقل في غسل يديه أو أسنانه، قبل النوم، وهنا لابد أن يكون الآباء بالمرصاد للأولاد، لابد من منع الأكل في غير مكانه الصحيح (المطبخ أو غرفة الطعام إذا توافرت)، ولكن من المفارقات أن بعض الآباء يطلبون بالفعل من أبنائهم الالتزام لكنهم يخالفون تلك الأوامر فنجد الأب أو الأم لا يحلو لهما الأكل إلا أمام التليفزيون وهذا سلوك خطير علي تربية الأولاد. فالقدوة غائبة طوال الوقت، والمدرس تدهور حالته، خاصة الأخلاقية ولم يعد يستطيع أن يؤدي دور المربي، وكل أطراف العملية التربوية يحتاجون إلي "تربية". * خبر لفت نظري يقول إن سفراء دول الاتحاد الأوروبي ورئيس وفد المفوضية الأوروبية بالقاهرة، سيعقدون جلسة مباحثات داخل القطار هي الأولي من نوعها، مع مسئولين مصريين، القطار سيكون متجها من القاهرة إلي الإسكندرية يوم 20 أكتوبر الجاري، وذلك لمناقشة قضايا البيئة وتغير المناخ.. أما الهدف من الرحلة فهو تشجيع الناس في مصر علي استخدام القطارات كوسيلة انتقال!! لكن السؤال.. هي فين القطارات وبكم؟