في الوقت الذي تتصاعد فيه أزمة تراكم القمامة في العديد من المدن المصرية، يصبح السؤال المهم: كيف يمكن التخلص من هذه القمامة خاصة مع خطورة استمرار هذا الوضع، وكما توضح إحدي الدراسات الصادرة عن وزارة البيئة فحجم القمامة في كل المدن المصرية يتزايد بشكل كبير بسبب زيادة السكان وأن كمياتها يمكن أن تصل إلي 9 ملايين طن من المخلفات العضوية وأوضحت أن ترك القمامة لفترات طويلة، يؤدي إلي تفاعلها مع العوامل البيئية الأخري بما يؤدي إلي نشر أمراض مزمنة تكلف وزارة الصحة المصرية حوالي 600 مليون جنيه سنوياً، وفي مقدمتها أمراض الكبد والجهاز الهضمي والفشل الكلوي. وبعد أزمة تراكم القمامة في الشوارع وتصاعد الروائح الكريهة بعد إحجام الزبالين عن جمع المخلفات العضوية التي كانوا يقدمونها للخنازير التي تم التخلص منها لتفادي انتشار وباء الإنفلوانزا H1N1. الحل التكنولوجي ولا يوجد إقبال علي شراء هذا الجهاز في مصر إلا من خلال الذين سبق لهم السفر إلي الخارج واستخدامه هناك علي "حد قول أصحاب محلات الأدوات الصحية" لعدم وجود دعاية كافية وارتفاع سعره نسبيا. وكما يوضح المهندس ياسر إبراهيم فلا يوجد منزل في أمريكا لا يستخدم أجهزة فرم القمامة للتخلص من المخلفات العضوية وأفضل الأجهزة الأمريكية الصنع وتأتي قبل الأوروبية أما الصينية فرديئة ومنخفضة الكفاءة في التشغيل برغم انخفاض سعرها بنسبة 30% عن الأمريكية ويتم تركيبه أسفل حوض المطبخ ويتراوح حجمه بين 32*12 سم، ويمكنه التخلص من 80% من مخلفات المنزل العضوية ما عدا الزجاج والورق والبلاستيك وعلب الكانز. ويعمل الجهاز بالمياه والكهرباء ويقوم بفرم جميع المخلفات العضوية وبقايا الطعام حتي عظام الدواجن والبط والأجزاء البسيطة من عظام اللحوم ويحولها إلي سوائل يتم طردها بقوة الدفع إلي داخل مواسير الصرف وعلي حد قول المهندس ياسر "يمكنها تحويل الجمل إلي ماء" ويجنب المنزل مشاكل انسداد المواسير والبالوعات وتكاثر الحشرات والذباب علي صناديق القمامة كما يقلل من استخدام الأكياس البلاستيكية التي قامت ماليزيا مؤخرا بفرض ضريبة علي استخدامها باعتبارها مواد ملوثة وضارة بالبيئة، كما أن استهلاكه للكهرباء أقل من معدل استهلاك موتور المياه ولا يحتاج إلي صيانة أو تنظيف وإذا سقط فيه علي سبيل الخطأ واحدة من أدوات المائدة المعدنية يمكن فتحه بسهولة واستخراجها من داخله، بالإضافة إلي ارتفاع معدلات الأمان لأن الأجهزة الحديثة مزودة بحساس إذا وضع طفل إصبعه بداخله يقوم الجهاز بفصل الكهرباء ولا يعمل عند شعوره بحرارة اليد البشرية. ويلفت المهندس إبراهيم إلي أن سعر جهاز قوته نصف حصان تعد 1300 جنيه، ويصلح لمنزل أو فيللا بعدد حتي 10 أفراد، بمتوسط 2 كيلو مخلفات عضوية لكل فرد، ويتدرج في السعة حتي يصل إلي حصان إلا ربع وهو صالح لاستخدام الفنادق الكبري، التي ترفض استخدامه وتقوم ببيع المخلفات العضوية للزبالين بعد تخزينها في أماكن مكيفة كما يشترط القانون، فتتحمل تكلفة اقتصادية مرتفعة للتخلص منها بالرغم من أن جهاز الفرم يتخلص منها بكل سهولة، ومن الممكن أن ينخفض سعره إذ زاد الطلب علي استخدامه، فجمارك الجهاز تصل إلي 30،5%، بالإضافة إلي 10% ضريبة مبيعات فهامش الربح بسيط، ويمكن تعويض هذه التكلفة من خلال الاستفادة من مياه حوض المطبخ التي تحتوي علي المخلفات العضوية كسماد لحدائق الفيلات السكنية وخاصة في المدن الجديدة. اشتراطات أساسية يضيف الدكتور الغريب شبل مدير معهد البساتين "السابق" بمركز البحوث الزراعية، بأن فكرة استخدام مياه حوض المطبخ التي تحتوي علي مخلفات عضوية بعد فرمها في ري حدائق الفيلات في المدن الجديدة قابلة للتطبيق - ولكن - بشرط عدم اختلاطها بمياه الصرف الصحي، ويوضح أن المواد الغذائية لابد أن تتحلل أولا في وجود بكتيريا والقليل من المساد الكيماوي، وتتحول إلي مادة تسمي كومبوست أو سماد عضوي، ولذلك فإن استخدام مياه المطبخ بدون معالجة تجعلها تأخذ من غذاء النبات أولا "السماد الكيماوي"، ثم علي المدي الطويل تتحلل في التربة وتتحول إلي مخصبات عضوية أو ما يطلق عليها "مواد دبالية" في أساس مكونات التربة الرملية التي تتميز بها المدن الجديدة أو يتم معالجة تلك المخلفات في مياه الصرف وتحويلها إلي أسمدة عضوية واستخدامها في زراعة النباتات وأشجار الزينة وملاعب الجولف التي تستهلك كميات كبيرة من مياه الشرب. حالة الشبكة ومن جانبه يرحب أحمد نصار رئيس مجلس إدارة هيئة نظافة وتجميل الجيزة بالفكرة لتقليل كميات القمامة، موضحا أن محافظة الجيزة لوحدها ينتج عنها 4 آلاف طن قمامة نصفها مخلفات عضوية، وأن 70% من مواطني المحافظة يسددون المبلغ المخصص لشركات النظافة والذي لا يتجاوز 3 جنيهات شهريا بصعوبة، والجزء الآخر في مناطق الدقي والعجوزة الراقية يسددون مبلغ يتراوح بين 6 - 9 جنيهات شهريا، باعتبار أن الجميع ليس قادرا علي تحمل تكلفة تركيبه. ويبقي السؤال الأهم: هل تتحمل شبكة الصرف الصحي، عبء التخلص من المخلفات العضوية بعد تحويلها إلي سوائل بكميات ضخمة مع تهالك أجزاء كبيرة منها في بعض المناطق، كما أن البعض الآخر في العشوائيات لا توجد به شبكات للصرف؟!.