تقوم الصناعات اليدوية في مصر بدور مهم في اقتصادات البلاد وتسهم بنسبة 3% في مجموع الانتاج الصناعي العام، وتبلغ قيمة منتجات هذه الصناعات ما يقرب من 25 مليون جنيه مصري سنويا، كما يبلغ عدد المشتغلين في هذا القطاع الحيوي أكثر من 5 ملايين عامل وحرفي. كما تعتبر تلك الحرف التقليدية فرصا حقيقية للعمل وتشغيل العاطلين فهي تستوعب عمالة كثيفة، واحتياجاتها من المعدات والآلات ومستلزمات الانتاج خاصة البسيطة وغير المرتبطة بمكان عمل خاص. وتمتاز منطقة الأزهر الشهيرة في القاهرة خاصة خان الخليلي بالمنتجات اليدوية الدقيقة التي اكتسبت شهرة عالمية لتميزها ودقة صناعتها خاصة بين السائحين العرب والأجانب فكيف نحافظ علي تلك الحرف التراثية؟ وما سبل تحرير العملاق المقيد "كما وصفها به البعض" من المشاكل التي تعوق انطلاقه ليضيف إلي الناتج القومي، ويوفر فرص عمل لعدد كبير من الأسر والحرفيين الفنانين الذين لاحظت "العالم اليوم" أثناء جولتها ان أغلبهم من الشباب وهو الجيل الثاني من الصناع الذين تلقوا فنون الصنعة أو شربوها علي حد قولهم أو توارثوها منذ حداثة عمرهم علي أيدي شيوخ المهنة من الأباء والأجداد؟ مني السجيني عاملة في ورشة تشغيل نحاس بخان الخليلي تطلب تدخل المسئولين لحماية اصحاب الورش من ارتفاع أسعار الخامات المستوردة، فعلي حد قولها يوجد تاجر واحد يتحكم في سعر النحاس المستورد ويبيعه بسعر 40 جنيها للكيلو ويحتكر السوق بالرغم من انخفاض سعره في البورصات العالمية إلي 25 جنيها، كما ان النحاس المصري "الكسر" لا يصلح لتصنيع الأواني النحاسية المشغولة، موضحة ان فوانيس الاضاءة النحاسية تبدأ بتقطيع ألواح النحاس بأشكال مستطيلة أو دائرية وبعد رسم الشكل المطلوب يتم حفرها يدويا ثم يتم بعد ذلك لحام الأجزاء المنقوشة بعضها البعض لتكون تحفة اضاءة بتصميمات شرقية متميزة ونبيعها لاصحاب البازارات بسعر لا يتعدي ال150 جنيها للقطعة ويقبل الاجانب علي شرائها بسعر 300 أو 400 جنيه للقطعة، وأضافت السجيني ان المكسب الاكبر ليس للورشة ولكن للتجار والموزعين بالرغم من ان الورش تدفع الضرائب والكهرباء وعمالة مثل المحال تماما التي تتميز بموقعها علي شارع الأزهر الرئيسي وخان الخليلي الذي يستقبل السياح من جميع انحاء العالم كما نصنع سواري الاعلام وعواميد التشريفة للسفارات والبنوك والجهات الحكومية بسعر 15 جنيها للعمود. وتأمل مني السجيني في إقامة معارض ترويجية في الخارج لفتح ابواب التصدير وزيادة المبيعات بالتالي زيادة فرص العمل فالورشة الواحدة يعمل بها 6 عمال، ويتقاضون يومية تتراوح ما بين 25 و30 جنيها. روبي و درفلة محمد التركي حرفي في ورشة تشغيل فضة يوضح ان صناعة علب وطفايات الفضة "شغل روبي" يشترك في صناعاتها 3 ورش مختلفة حيث يبدأ العمل في ورشة سبك المعادن، فيضيف السباك النحاس إلي خام الفضة من اجل انتاج سبيكة جديدة اكثر تماسكا وتصلح للنقش التي يتم درفلتها وتقطع عند الخراط ثم تأتي قطعة الفضة إلي الورشة وبعد دق غطاء العلبة علي السندان يتم رسمها وحفرها بالشكل المطلوب، ثم يتم نقعها في مادة كيماوية معينة "ماء نار مخفف" لتنظيف الشغل وإعداده للبيع وذلك بعد ان يتم تبطينها بالقطيفة في ورشة متخصصة تستخدم علب الفضة لتقديم الشبكة والمهر للعروس، مشيرا إلي ان هناك احجاما صغيرة تناسب الخاتم السوليتير وأخري كبيرة الحجم يصل وزنها إلي أربعة كيلو ونصف الكيلو للمهور الضخمة، وتتراوح اسعارها في المتوسط بين 3000-6000 جنيه للعلبة ، كما تزيد او تنقص في السعر حسب الوزن. واضاف التركي ان معدل انتاج الورشة يصل إلي علبتين في اليوم، والبعض يطلب تصنيع طفايات فضة منقوش عليها أسماء العروسين في حدود 100 قطعة في المتوسط للمقربين والبقية من النحاس. ويأسف التركي لركود السوق في الوقت الحالي فقد انخفض اقبال العرب علي الشراء بشكل كبير كما يشكو من نقص العمالة الصغيرة في السن لإعداد جيل ثان من الصناع فعلي حد قوله "شباب اليوم ليس لديهم صبر أو قدرة علي التعلم والاستمرار في تلك الحرف". يسر وكوك وعضم محمود المصري ورشة تشغيل سبح يوضح ان الورشة تقوم بتصنيع السبح من خام اليسر الذي يتم استيراد حبوبه مثقوبة من الصين، اما خام الكوك والعضم "عظام الجمال" فيتم ثقبهما في مصر ثم يتم تطعيمهما بالفضة أو الألومنيوم او النحاس اما التطعيم بالذهب فنادرا ما نجد طلبا عليه ويكون في حدود الثلث أي 33 حبة فقط.