شهدت الأسواق المالية العالمية ارتفاعاً ملحوظاً الفترة الماضية من العام الحالي متأثرة بسعر الفائدة بين البنوك الذي هبط إلي مستوي قياسي وتعد واحدة من أبرز الدلائل التي تشير إلي أن الأسوأ من الأزمة المالية العالمية قد انتهي. وهبوط أسعار الفائدة بين البنوك منذ 3 أشهر علي الدولار إلي أقل من 1% لأول مرة منذ إنشاء المؤشر عام 1980 أثار علامات تفاؤل عديدة بين المستثمرين لأنه يؤدي إلي تعافي أسواق المال كدليل علي تحسن أوضاع العالم الاقتصادية. وارتفعت مؤشرات الأسهم العالمية بنسبة 30% أو أكثر كما شهدت أسواق السندات الأمريكية مستويات إصدار قياسية خلال الشهور الماضية. وقال الخبراء إن هذا التفاؤل الذي تشهده الأسواق في الآونة الأخيرة من السابق لأوانه القول بأن النظام المالي قد وصل إلي درجة التعافي فهناك عدة سلبيات منها انخفاض القروض المصرفية للشركات بشكل كبير وانخفاض إجمالي الإقراض حيث كان إجمالي القروض في إبريل الماضي "93" مليار دولار في حين أنه كان في مارس "224" مليار دولار وهو أقل بكثير جداً عن الفترة نفسها عن عام 2008 حيث كانت تصل معدلات القروض شهريا نحو "100" مليار دولار. ومن السلبيات أيضا غموض أسواق التوريق حيث وصل إجمالي التوريق حتي إبريل الماضي إلي "28" مليار دولار في حين ان تلك النسبة كانت تصل إلي 200 مليار دولار قبل تداعيات الأزمة العالمية. وعن أسواق السندات الأوروبية فهي مازالت في غيبوبة تصل خسائر أسواق السندات في أوروبا "3.1" مليار دولار في حين أن أرباحها كانت تصل إلي "5" مليارات دولار قبل تداعيات الأزمة في 2008. وقال "رون سميث" الخبير الاقتصادي ل"الفاينانشيال تاميز" البريطانية إن البنوك لن تقدم المزيد من الحلول للخروج من أزمة الائتمان فهي لم تقدم القروض الكافية خلال الربع الأول من 2009 علي الرغم من أن بعضها حقق أرباحاً كبيرة خلال الثلاثة شهور الماضية إنما التعافي الذي تشهده بعض الاقتصادات الآن مرجعه إلي تعافي أسواق المال ويرجع سبب انخفاض القروض إلي الخوف من المخاطرة وعدم اليقين التي أصابتها منذ انهيار "ليمان براذرز". ويشير "هانزلورنزين" الخبير المصرفي "بسيت جروب" إلي أن هناك بعض التفاؤل تشهده الأسواق، لكننا نتحدث عن التفاؤل حتي يخفف من الاكتئاب الذي كنا تعاينه طوال الفترة الماضية ولكن الطريق لا يزال طويلاً أمام الاقتصاد حتي يسترد عافيته والدليل علي ذلك إصابة القروض المصرفية ب"فقر الدم" وتدني مستويات التوريق والسندات في أوروبا له انعكاسات خطيرة علي الشركات خصوصاً الصغيرة والمتوسطة الحجم فتلك المؤسسات هي شريان الحياة لأي اقتصاد. وقال "هانز إنه يتوقع أن تحدث بعض حالات التعثر لكثير من الشركات نهاية العام الحالي وقد تضطر إلي تسريح العمالة أيضا مؤكداً علي ضرورة عدم الفصل بين رأس المال والاستثمار وتعزيز أسواق السندات والقروض. ويقول خبراء أوروبيون إن أسواق الأسهم تقود المستثمرين نحو الاستثمار والبحث عن أي بوادر للانتعاش فهي تميل إلي السير قدماً نحو تنامي الاقتصاد وبعبارة أخري فإن هذه الأسواق تبحث عن أي دلائل علي الاستقرار في الوقت الحالي فانتعاشها في الوقت الحالي لا يدل علي الخروج الكامل من الأزمة ولكن يعني أن تردي الاقتصادي ليس كما بدأت الأزمة. ويشير خبير "سيتي جروب" إلي أن بطء انتعاش أسواق الديون في أمريكا وتدني عمليات الإقراض في أوروبا يؤديان إلي إحباط صناع القرار وأيضاً المستثمرين وكل هذا يدل علي أنه عند رؤية انتعاش أسواق التوريق في أمريكا والاتحاد الأوروبي وتقدم أسواق السندات فإنه يمكن القول علي إن الأزمة المالية العالمية شارفت علي الانتهاء كما أشار الرئيس الأمريكي أوباما في مجلة "نيويورك تايمز" إلي أن التوريق يلعب دوراً كبيراً في الخروج من الأزمة الراهنة.