أفادت التقارير حول زيارة وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس لمنطقة الشرق الأوسط أن الوزير الأمريكي يستهدف طمأنة مصر والسعودية بشأن أي تقارب محتمل بين الولاياتالمتحدةوإيران. قال وزير الدفاع جيتس إن أي تقارب بين إيرانوالولاياتالمتحدة لن يكون علي حساب أصدقاء الولاياتالمتحدة في المنطقة. وأضاف وهو في طريقه إلي السعودية أن مخاوف دول الخليج من احتمال تقارب أمريكي إيراني لا أساس لها، وربما بنيت علي مغالاة في توقع نتائج أي تقارب. وأكد أن إدارة الرئيس أوباما لن تتخلي عن تشددها تجاه إيران إذا لم تلق إشارات للتفاهم إلا التشدد الإيراني. وأضاف أن "رسالتنا خاصة للسعودية أن أي تقارب مع إيران لن يكون علي حساب علاقاتنا القديمة مع السعودية ودول الخليج التي نحتفظ بعلاقات وصداقات معها منذ عقود". الواقع أن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي تعطي انطباعا خاطئا بشأن طبيعة المشكلة الإيرانية، فالخصومة أو حالة التوتر في العلاقات بين الدول العربية وبين إيران لا ترجع إلي أسباب تتعلق بهما وإنما هي في الحقيقة ترجع إلي موقف إيران من الولاياتالمتحدةالأمريكية ومصالحها في المنطقة. الخلافات العربية الإيرانية قد ترجع إلي بعض الاختلافات الثقافية، ولكن الثقة الرئيسية لتلك الخلافات تعود إلي حسابات المصالح المشتركة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وأصدقائها التقليديين من الدول العربية كمصر والسعودية ودول الخليج الأخري. الاحتقان في العلاقات بين الولاياتالمتحدة وبين إيران تغذيه إسرائيل ولا تغذيه الدول العربية.. والمشكلة بين الدول العربية وبين إسرائيل لا تزال قائمة رغم طرح المبادرة العربية التي لم تتجاوب معها إسرائيل حتي الآن رغم مرور نحو خمس سنوات. ماذا يعني إذن وزير الدفاع الأمريكي بطمأنة مصر والسعودية، وهل مصر والسعودية يخشيان إصلاح العلاقات بين الولاياتالمتحدةوإيران؟! اعتقد أن من بين أسباب سوء العلاقات وتدهورها بين مصر وإيران علي سبيل المثال إصرار الجانب الإيراني علي العمل ضد المصالح الأمريكية من داخل مصر تحت ستار العمل الدبلوماسي أو التجاري أو الإعلامي أو الثقافي، ومصر لا تقبل مثل هذه التصرفات ليس لأنها موجهة ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية، ولكن لأنها سياسة مصرية ثابتة ألا تقبل باستخدام أراضيها مسرحا للصراعات الإقليمية أو الدولية. أغلب الظن أن التقارب الإيراني الأمريكي -إذا حدث- فسيكون نتيجة قبول إيران التخلي عن سياسة الابتزاز بتصدير المشكلات إلي الأطراف الأخري، وإذا تخلت إيران عن تصدير المشكلات لجيرانها وغيرهم فمن الطبيعي أن يرحب العرب بتلك الخطوة ولا يوجد لديهم ما يدعو إلي الخوف منها أو مقاومتها أو التوسل للأمريكان حتي لا يتقاربوا مع إيران. حقيقة بعض التصريحات التي تصدر عن مسئولين أمريكيين إما أنها تنطلق من عدم إدراك بالأبعاد الحقيقية للأزمات والمشكلات، أو أنها تتعمد خلط الأوراق لإعطاء انطباع غير حقيقي بطبيعة المشكلة، في كل الأحوال المسألة تدعو إلي القلق والحذر معا.