الحمد لله أن فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية سارع إلي تكذيب ما نسب إليه في احدي الصحف اليومية المستقلة عن فتوي قال فيها ان ايداع أموال المسلمين في بنوك أجنبية غير جائز وان تقاضي المودع فوائد عن الأموال التي أودعها في هذه البنوك يعتبر ربا ولا يجوز الانتفاع بهذه الفوائد ولو بالتصدق أو الانفاق علي المشروعات العامة. ولكن المثير للدهشة هو أن هذه الفتوي جاءت في تصريحات خاصة أدلي بها فضيلة المفتي لمندوب الصحيفة المذكورة وهو أمر إن ثبت عدم صحته فإن الصحيفة ستكون في وضعه أدبي سيئ كما يمكن لفضيلة المفتي بالطبع مقاضاتها أو اتخاذ ما يراه من إجراءات مناسبة فليس هذا بالخبر الهين الذي يجوز فيه التعديل أو التحريف أو الإضافة لأن له أبعادا سلبية مدمرة علي كل فروع البنوك الأجنبية العاملة في مصر والدول العربية والإسلامية. وحقيقة، فنحن نأمل ونتمني أن يكون هناك نوع من التمهل والتدقيق وجماعية الفتوي عند الإدلاء برأي أو تفسير لقضية من القضايا التي تتعلق باقتصاد أمة يمكن أن ينهار بسبب آراء قد تكون أحيانا سليمة ولكنها تأتي في توقيت غير مناسب وبما يدمر مصالح أكبر من تلك التي تحاول هذه الفتوي أو الآراء الدينية حمايتها! ولا ينبغي في هذا أن نعفي بعض الصحف من المسئولية في أنها تسمح بأن تستخدم في معارك لصالح البعض ومن أجل تصفية حسابات في منافسات السوق، وهو أمر يخرج عن حدود المهنية والالتزام والموضوعية ويجعل من الصحف سلاحا يستخدم لتدمير أنفسنا بأنفسنا كما يجعلها تتحول إلي شريك في عمليات التضليل والابتزاز التي أصبحت تمارس علي أوسع نطاق. إن الأسواق الاقتصادية والبنكية في العالم كله تواجه تقلبات مخيفة ومقلقة، ولا أحد يستطيع فيها التنبؤ بالغد، وليست في حاجة إلي فتاوي جديدة أو تدخلات لا تزيد الآن إلا من حجم المأساة وتعقدها كما انها ليست في صالح أحد. [email protected]