أكد رجال القانون ونشطاء المجتمع المدني أن الإضراب أحد الحقوق القانونية والدستورية التي يتمتع بها المواطن وقالوا إن هناك شروطا يجب تطبيقها من أجل أن يكون الإضراب قانونيا. يري الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية أن الإضراب هو أحد حقوق المواطن في التعبير عن وجهات نظره وهو حق يكفله له القانون ولكن بشروط أهمها عدم الإخلال بالأمن العام وعدم الإضرار بمصالح المواطنين لذلك فهناك بعض القطاعات التي لا يحق لها الإضراب نظراً لأن إضرابها يضر بالأمن العام أو بمصالح المواطنين. ويشير د.شهاب إلي أن الإضراب نوع من التعبير عن وجهة نظر معينة ومحاولة لفت النظر إليها بشرط أن يتم الإخطار به ويأخذ شكلاً سلميا وهادئا وموضوعيا. مضيفا: أن ثقافة الإضراب حديثة علي المجتمع المصري لذلك يستغربها البعض أما في الخارج فيتعامل معه المواطنون علي أنه سلوك عادي يتم بشكل منظم وهادئ وسلمي. ويري د.شهاب أننا أحيانا في مصر نستعمل حق الإضراب بشيء من التعسف بمعني أنه يتكرر حدوثه واستعماله في أمور لا تستدعي عمل إضراب من أجلها ومثل هذه الأمور يمكن أن تفقد هذا الإجراء أو هذا الحق في التعبير عن الرأي فعاليته. ويؤكد حافظ أبو سعدة -رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان- أن قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 هو أول قانون نص علي حق العمال في الإضراب السلمي علي أن يكون إعلانه وتنظيمه عن طريق النقابات وذلك وفقا للضوابط التي نص عليها القانون وأن يكون مطابقا للمواصفات التي تتمثل في تحديد مدة زمنية للإضراب وتحديد مطالب له وأن يكون سلميا ولا يتعدي علي حقوق الآخرين أو ممتلكات الغير. ويشير أبو سعدة إلي أن هناك بعض الجهات يحظر عليها ممارسة الإضراب أيا كانت مشاكلها وهي جهات حماية الأمن القومي والصحة العامة وحقوق المواطنين مثل جهاز الشرطة والأطباء في المستشفيات والقائمين علي الخدمات العامة، وذلك لأن الإضراب كفله القانون من أجل المطالبة الجماعية لمجموعة من المصالح التي تكون تعرضت للتهديد أو الانتهاك لأحد الحقوق المالية ولكن بشرط عدم الإضرار بحقوق الآخرين أو المجتمع أو الأمن القومي، وفي حالة إقدام إحدي الجهات المحظور عليها الإضراب علي القيام به تتعرض للمساءلة القانونية والحبس لكل من شارك فيه لمدة لا تقل عن سنتين وإذا ترتب علي هذا الإضراب المحظور خسائر من أي نوع تكون العقوبة علي قدر ما يترتب من الخسارة. ويري أبو سعدة أن المشرع المصري مازال ينظر بعين الريبة تجاه الإضراب لذلك لم يكفل أي ضمانة للعمال التي تلجأ إلي الإضراب للمطالبة بحقوقهم وبرغم ذلك يلجأ العمال إلي الإضراب كحل نهائي بعد نفاد الحلول المتاحة لتسوية المشاكل وتحقيق المطالب.. وبرغم توافر الحماية الدستورية والدولية للحق في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي إلا أننا نجد العديد من القوانين في المنظومة التشريعية تمثل إعاقة كبري لهذا الحق مثل قانون التجمهر وقانون الاحتجاجات والمظاهرات وقانون الطوارئ!! ويوضح المستشار عطية حسين -رئيس محكمة الاستئناف- أن الإضراب وسيلة لإخراج الكبت من نفوس الجماهير وظاهرة صحية لتصبح المسار الذي كان يعاني المواطن منه من قبل ويفسر عطية تكرار الإضرابات في الفترة الأخيرة إلي اتساع مساحة الديمقراطية وحرية التعبير والمطالبة بالحق مشيرا إلي أنه اتجاه لتصحيح بعض الأوضاع الخاطئة التي تمثل حجبا أو انتهاكا لحق من حقوق احدي الفئات من العمال أو الموظفين. يؤيد رئيس محكمة الاستئناف التعبير عن الرأي بالاضراب بالشكل السلمي المشروع ويري أنه لا يستدعي أي تصريح أمني ولا يجوز للجهات الأمنية التدخل في مثل هذه الاضرابات إلا في حالة حدوث تجاوزات أو اعتداءات علي حريات أو ممتلكات الغير ومثل تلك التجاوزات يتعرض مرتكبها لعقوبات رادعة. ويري عطية أن المواطن المصري ملم بثقافة الاضراب ويجيد استخدامها والدليل علي ذلك أن الاضرابات التي تتم نسبة التجاوزات فيها ضئيلة جدا بالنسبة لمواطن حديث عهد بممارسة هذا الحق في الاعتراض وإن كان الاتجاه إلي الاضراب كما قال عطية يجب أن يكون آخر السبل التفاوضية بين صاحب الحق والحكومة وأن تتولي النقابات المطالبة بحق أعضائها لدي الجهات الحكومية نظرا لما تمثله بعض الاضرابات من تعطيل سير حركة العمل بما يمثل خسائر لجهة العمل وبالتالي علي الناتج القومي في حال تكرار ذلك خاصة في المصانع الحكومية. ويؤكد منتصر الزيات المحامي أنه بالرغم من كفالة القانون والدستور لحق المواطنين في حرية التعبير بعقد اجتماعات وتجمعات سلمية دون اخطار سابق للجهات الأمنية أو دون استصدار تصاريح رسمية ولا يجوز لرجال الأمن حضور أو منع تلك التجمعات إلا أن المشرع المصري وضع العراقيل أمام العمال الذين يسعون إلي استعادة حقوقهم عن طريق الاضراب والاعتصام السلمي وفقا لنصوص المادتين ،129 193 من قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 إلا أن هناك العديد من العمال يلجأون إلي الاضراب كحل نهائي بعد استنفاد الحلول المتاحة أمامهم لتسوية مشاكلهم وتحقيق مطالبهم. ويقترح الزيات أن تهتم النقابات بتثقيف وتوعية أعضائها بجميع حقوقهم وسبل المطالبة بها في حالة حجب بعضها عنهم بشكل قانوني مشروع لا يضر بالصالح العام ولا يعوق سير حركة العمل فالاضراب حق متاح للمواطن ولكنه حق مشروطة ممارسته بعدم الاضرار بمصالح الغير أو الصالح العام مشيرا إلي ضرورة تقوية وتفعيل دور النقابات في المطالبة بحقوق أعضائها دون اضطرارهم إلي اللجوء إلي الاضراب وألا يلجأ إليه العمال والموظفون إلا كحل نهائي.