علي مدار 22 يوما شاهدنا علي شاشات التليفزيون المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة والتي خلفت وراءها نحو 1315 شهيدا وأكثر من 5300 جريح. وقد استخدمت إسرائيل في عدوانها جميع إمكانياتها العسكرية ونفذت بالسلاح الجوي وحده نحو 2500 غارة وألقت هذه الطائرات مليون كيلو جرام من المتفجرات.. وبالتالي كان نصيب كل مواطن فلسطيني داخل القطاع من المتفجرات المتساقطة من الجو نحو 666 جراما. "الأسبوعي" تجولت داخل القطاع المنكوب ورصدت عدد المشاهد التي تمثل بعضا من كل.. هناك 20 ألف وحدة من بيوت ومقار حكومية ووزارات ومرافق عامة وبنية تحتية تضررت بشكل كلي نتيجة العدوان منها 60 مدرسة تعرضت للقصف و60 مسجدا. هذه الأرقام تعني الكثير لنا وتوضح الوحشية الإسرائيلية في التعامل مع قطاعغزة.. إلا أن الصورة أكثر تعبيرا دائما وهذه كنا نشاهدها علي القنوات التليفزيونية وكانت تدمي قلوبنا.. ولكن هل فكرت في الذهاب إلي قطاع غزة؟ تجربة الذهاب إلي قطاع غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار من الجانبين الإسرائيلي وحركة حماس كانت غنية للغاية.. فالصورة علي أرض الواقع أكثر فظاعة وتوضح أن إسرائيل تقوم بحرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني الصامد. القطاع الزراعي البداية كانت بالمرور من معبر رفح من الجانب المصري ثم الانتقال إلي الطرف الآخر للمعبر والذي تشرف عليه حماس حاليا.. وبعدها بدأت الرحلة والانتقال من رفح الفلسطينية إلي داخل غزة وكلما توغلنا إلي الشمال نري مزيدا من الخراب كأن زلزالا قد ضرب هذه المناطق ولم يبق علي أي شيء فيها فالمناطق التي كان يفترض أن تكون مزروعة تم تجريفها تماما بإزالة الطبقة السطحية للتربة والتي تعني إفشال أي محاولة لزراعتها فيما بعد ولعدة سنوات.. أي أن إسرائيل تتبع سياسة القضاء علي أي أمل في الحياة داخل القطاع بالإضافة إلي سياسة الحصار. أرقام وزارة الزراعة في الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة تؤكد أن خسائر القطاع الزراعي جراء العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة علي قطاع غزة بلغت في تقديرات أولية أكثر من 170 مليون دولار وشملت الخسائر تدمير قرابة ألف بئر زراعي وتدمير مساحات من الأراضي الزراعية تقدر ب 60% من المساحة الكلية للقطاع. قد نعتقد أن قطاع غزة فقير وهذا ما نفاه الخبير الاقتصادي الفلسطيني عمر شعبان مؤكدا أنه قطاع غني وكان انتاجه الزراعي يسوق في عدد من الدول العربية عبر الأردن قبل الحصار وحتي في الاتحاد الأوروبي عبر شركة التسويق الزراعي الإسرائيلية الرسمية "ادرسكو".. ولكن سلطات الاحتلال وفي نطاق العقوبات الجماعية التي تفرضها علي القطاع منعت تصدير المنتجات الزراعية للخارج، علما بأن عوائد الزراعة كانت تشكل ثلث الدخل في قطاع غزة. وقضي الحصار علي التعدد في الإنتاج الزراعي، فقد كانت منطقة شمال قطاع غزة مشهورة بزراعة الزهور، وكان إنتاج المنطقة يتم تصديره إلي أوروبا، لكن حظر تصدير الزهور، فضلا عن قيام سلطات الاحتلال بتجريف مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية قضي علي هذا النوع من الزراعة، وكذلك الحال مع الفراولة التي تقلص انتاجها إلي حد كبير. القطاع الصناعي أما القطاع الصناعي فقد انهار تماما.. أثناء جولتنا في غزة وجدنا مئات الورش مدمرة تماما.. وقد أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن الخسارة الإجمالية المتراكمة لقطاع الصناعة في غزة بلغت 23 مليون دولار منذ يونيو الماضي. أكد المحلل الاقتصادي عمر شعبان أن خسائر قطاع الصناعة ناتجة عن الحصار الذي أدي إلي وقف استيراد المواد الخام والمدخلات اللازمة للصناعة وأيضا وقف التصدير مشيرا إلي أن قطاع الصناعة في غزة كان يشغل نحو 10 آلاف عامل.. وكان يشتهر بتصدير كثير من المنتجات خاصة الخشبية وكانت مصر تستورد الأثاث من القطاع. أشار إلي أن خسائر القطاع تزايدت مع العدوان الإسرائيلي علي غزة حيث تم ضرب كثير من الورش.. وكانت وإيرادات القطاع تمثل نحو 25% من الناتج المحلي للقطاع. دخلنا إلي بيت لاهيا وهناك كان الخراب أكبر، فكثير من المنازل تم تسويتها بالأرض والأغرب القذائف التي تلقتها بعض المباني بشكل غير طبيعي حيث تجد القذيفة قد دخلت أحد الأدوار في المبني فاحدثت به فجوة كبيرة بينما باقي المبني سليم.
