في الوقت الذي تسعي فيه كل الاجهزة لقياس اثار الازمة المالية علي الاقتصاد المصري تطفو علي السطح قضية البطالة وازدياد نسبتها وهو ما اكده مؤخرا تصريح المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الذي اوضح ان الحكومة لم تعد قادرة علي توفير نفس فرص العمل التي كانت توفرها سنويا بالاضافة الي اولئك الذين يفقدون وظائفهم.. ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء فإن اعداد المتعطلين بلغت حوالي 2.5 مليون عاطل وهذه هي الارقام الرسمية اما الارقام غير الرسمية والتي يتداولها بعض الخبراء فتصل بهذا الرقم الي 9 ملايين متعطل وبعيدا عن ازمة الارقام التي مازلنا نعانيها الي حد ما.. نعيد احياء فكرة تم طرحها خلال حكومة الدكتور عاطف عبيد وهي مشروع انشاء صندوق اعانة للبطالة في اطار مشروع القومي للتشغيل.. والاهم من الفكرة هل الوقت مناسب لطرحها لتلافي الآثار الاجتماعية التي يمكن ان تنجم عن ازدياد اعداد العاطلين نتيجة لأزمة الاقتصاد العالمية. وبداية يوضح الدكتور سمير رضوان عضو مجلس ادارة هيئة الاستثمار وصاحب الفكرة التي قدمها للدكتور عاطف عبيد ان فكرة انشاء صندوق لاعانة البطالة كان ضمن البرنامج القومي للتشغيل والذي كان له اهداف قصيرة وطويلة الاجل ولكنه في ذلك الوقت لاقي صعوبات كبيرة في قبوله وكان الاعتراض الكبير علي الفكرة يعتمد علي التشكيك في امكانية التمويل وايضا علي تكاسل الشباب اذا حصلوا علي ذلك الدعم وهو ما حدث في بعض الدول التي سبقت في انشاء مثل هذا الصندوق خاصة في الاسكندنافية الدول مشيرا الي انه في الوقت الراهن من الصعب انشاء هذا الصندوق نظرا للازمة المالية وكذلك لعدم توافر الثقافة الاجتماعية المناسبة خاصة ان الشباب يمكن ان يعتمد علي الاعانة و"يبلط" علي حد تعبيره وكل تجارب الدول السابقة في هذا الصندوق كان هناك تعاون بين الحكومة والقطاع الخاص ونقابات العمال في اطار منظومة متكاملة تشمل قوانين التأمين والمعاشات وهو ما نفتقده في المرحلة الحالية. واضاف الدكتور سمير رضوان ان الفكرة الاكثر ملاءمة للفترة الحالية وفي ظل عدم توافر التمويل اللازم ان ننشئ صندوق للتدريب كبداية لتأهيلهم للعمل سواء في مصر او خارجها وهي جزء من البرنامج القومي للتشغيل وتم ادراجها في قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 ولكن بصورة مختلفة.. موضحا انه حينما جاء توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق قدم ضمن اجندته برنامج اعداد لتشغيل الشباب مدته 9 أشهر لكل شاب يقوم بتدريبه لمدة 6 أشهر اذا حصل خلالها علي عمل يوقف الاعانة واذا لم يحصل علي عمل يقدم له انذار لمدة 3 أشهر وبعد ذلك يمتنع عن اعطائه اعانة التدريب وهذا النظام افضل للحالة المصرية. المشروع الجديد ومن جانبه، اوضح الدكتور محمد احمد معيط مستشار وزير المالية للتأمينات والمعاشات ان القانون الجديد به نظام لتأمين البطالة حيث سيتم انشاء حسابات شخصية باسماء المؤمن عليهم وحساب تكافلي باسم مجموعة العاملين المؤمن عليهم بحيث حينما يتعطل احد المشتغلين لاسباب خارج ارادته مثل تعسف صاحب العمل يبدأ المتعطل في سحب مبالغ من حسابه الشخصي واذا لم يكن هناك رصيد يكفي يأخذ من حسابه التكافلي الذي يسدد مبالغه اصحاب الاعمال ويضيف ان هناك صندوق طوارئ لحالات البطالة ولها قواعد محددة. اما الدكتور احمد جلال المدير التنفيذي لمنتدي البحوث الاقتصادية فيؤكد ان الفكرة مطلوبة في كل الاوقات ولا ترتبط بظروف معينة ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل التوقيت مناسب في الحالة المصرية؟! ومن اين سيتم تمويله؟!.. وهل هو أفضل وسيلة للتعامل مع آثار الأزمة علي العاطلين؟ مشيرا الي انه هناك صعوبة حاليا في التمويل خاصة ان الحكومة لديها عجز في الموازنة وتحتاج لزيادة الانفاق خلال المرحلة الحالية للمحافظة علي معدلات النمو مع التخوف من الآثار التضخمية المحتملة لذلك. ويلفت الدكتور احمد جلال النظر الي ان هناك عيبا خطيرا يرتبط بانشاء ذلك الصندوق وهو فكرة الاستغلال، فالعمال حينما يكون لديهم تأمين للبطالة يجعلهم يحجمون عن البحث عن فرص العمل بحجة ان الفرص المتوافرة غير مناسبة مضيفا انه رغم حاجتنا الي مثل هذا الصندوق في الوقت الحالي فإن التوقيت الحالي لا يعتبر مناسبا لاحياء مثل تلك الفكرة. الآثار الاجتماعية ويختلف الدكتور فرج عبدالفتاح استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة في هذا الرأي، مؤكدا ان الوقت الحالي هو المناسب لانشاء ذلك الصندوق خاصة ان اثار الازمة العالمية بدأت تؤثر في عدد من الصناعات وهو ما شهد تسريحا لعدد كبير من العمال خلال الفترة الماضية ومن المتوقع ان تزداد تلك الاعداد خلال السنة القادمة وهي التي ستشهد حصاد آثار الازمة خاصة زيادة نسبة البطالة ومثل هذه الصندوق سيسهم في تقليل الاثار الاجتماعية التي يمكن ان تنجم عن ازدياد اعداد العاطلين واضاف ان الحكومة يجب ان تبذل مجهودا لتدبير الموارد لتغذية مثل هذا المشروع وحتي لو كانت البداية متواضعة ويمكن واحد نسبة معدلات بسيطة علي اصحاب الاعمال لتكوين موارد مستمرة لهذا الصندوق. أولوية أساسية تؤكد الدكتورة يمن الحماقي استاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس ان المشروع الجديد لوزارة المالية للتأمين والمعاشات يغطي هذه المشكلة ولكن هناك عاطلين لا يمتلكون اي عمل وهو ما يستدعي عمل اي مشروع او صندوق للوقوف بجوارهم العاطلين وهو اولوية اساسية للحكومة خاصة خلال الفترة الحالية لان الازمة المالية وانعكاساتها تزيد من ازمات هؤلاء المتعطلين وتزيد معها الآثار الاجتماعية السلبية علي فئات كبيرة خاصة العمال.