انخفاض البترول إلي ما دون 50 دولارا للبرميل كان من الممكن أن يكون خبرا سعيدا علي المستثمرين في القطاع التجاري لما له من تأثير علي تخفيض أسعار الشحن، وهو التخفيض الذي حدث بالفعل ولكن في ظل تباطؤ تجاري بسبب الأزمة المالية العالمية.. حاولنا في هذا التقرير أن نرصد لكم أسعار خدمات الشحن وتأثير الأزمة المالية العالمية علي خدمات الشحن بمختلف أنواعها الجوي والبحري والبري. يقول مجدي البندراوي رئيس توكيل ايه بي ال للشحن البحري أن أسعار الشحن البحري شهدت انخفاضا ملحوظا مع انخفاض أسعار النفط عالميا وتباطؤ الاقتصاد العالمي حيث انخفضت أسعار خدمات شحن البضائع المصدرة من مصر للأسواق الخارجية في المتوسط بين 40 إلي 50% منذ بداية الأزمة العالمية في ظل الانخفاض الملحوظ للصادرات المصرية. فيما يشير البندراوي إلي أن أسعار خدمات الشحن للواردات إلي مصر لم تنخفض من الخارج بدرجة كبيرة بما يتناسب مع انخفاض أسعار النفط وذلك لعدة أسباب منها أن حجم واردات مصر كبير ولم يتأثر بشكل حاد مع نشوب الأزمة العالمية علاوة علي أن زيادة أسعار خدمات التأمين بسبب تصاعد وتيرة عمليات القرصنة الصومالية علي سفن الشحن. خسائر كبيرة ويقول اللواء حاتم القاضي رئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة إن أسعار الشحن البحري انخفضت في المتوسط بما يتراوح بين 88 إلي 90% عن الأسعار قبل سبتمبر الماضي، ويشير القاضي إلي أن نشاط الملاحة العالمي واجه خسائر ملموسة مع احتدام الأزمة المالية العالمية حيث إن هناك تعاقدات لبناء سفن جديدة تم ايقافها وهناك شركات ملاحية عالمية اضطرت إلي أن تخرج من السوق. ويشير القاضي إلي أنه يجب أن لا نعول علي انخفاض أسعار النفط حيث إن تكلفة الطاقة لا تمثل نسبة رئيسية من تكلفة الشحن، ولكن العنصر الاساسي المتحكم في سوق الشحن هو نشاط حركة التجارة وفي ظل تباطؤ التجارة الدولية وأزمة السيولة العالمية خفضت شركات الشحن أسعارخدماتها ولكن المستوردين في الاسواق الدولية ليس لديهم القدرة علي الشراء. أما عن الشحن الجوي فتقول سامية السيد وكيلة الشحن إن أسعار الشحن الجوي علي شركة مصر للطيران انخفضت الفترة الماضية حيث إن تكلفة الشحن إلي أسواق أوروبا الغربية وصلت في ديسمبر الماضي علي طائرات شركة مصر للطيران إلي 85 سنتا للكيلو وترتفع بحوالي 10 سنتات علي طائرات خطوط الطيران الأخري بينما كان نولون الشحن يتجاوز الدولار للكيلو علي خطوط مصر للطيران في نفس الوقت من عام 2007. إنقاذ الموسم وتشير سامية السيد إلي أنها كانت تتوقع أن تكون حركة الشحن في الفترة الماضية ضعيفة تأثرا بالأزمة العالمية ولكن نظرا لجهود وزارتي التجارة والصناعة والطيران تم انقاذ الموسم، حيث إن الازمة العالمية كانت تتسبب في طلبات مفاجئة لاستيراد شحنات من مصر وكذلك إلغاءات مفاجئة لطلبيات استيرادية إلا أن شركة مصر للطيران قامت بتوفير مساحات الشحن بشكل مرن جدا يتماشي مع الطلبيات والالغاءات المفاجئة بدون تحميل المصدرين أية أعباء وكذلك المرونة في توفير مساحات الشحن لمختلف الأوزان. لافتة إلي أن توفير مصر للطيران للمساحات الكافية للشحن كان أحد العوامل في تقليل تكلفة الشحن حيث إنه في موسم الذروة كان وكلاء الشحن يضطرون إلي الاعتماد علي تأجير الطائرات الخاصة التي تعد تكلفتها مرتفعة مقارنة بمصر للطيران إلا أن جهود مصر للطيران في هذا الموسم وفرت مساحات لوكلاء الشحن بدلا من تحمل تكلفة الطائرات الخاصة مشيرة إلي أنها تصدر ما يقرب من 250 إلي 300 طن يوميا. وتؤكد علي أن الأزمة العالمية جاءت في مصلحة بعض القطاعات التصديرية التي كانت تواجه مأزقا في سنوات الرواج التجاري بسبب وجود طلبيات استيرادية علي منتجاتها ولكنها لا تجد مساحة فارغة للشحن، إلا أنه في ظل الظروف الحالية فهناك مساحات تصديرية متاحة بشكل كبير ومرن، حيث بدا واضحا تأثر الطلب سلبا علي قطاعات كالصناعات الغذائية أو قطع الغيار أو المنسوجات بينما أعطي هذا مساحة لسلع كالمزروعات التي تحتاج إلي الشحن السريع بسبب حساسيتها. تراجع البري أما عن الشحن البري فيقول طارق بلال رئيس الشركة الذهبية للنقل البري أن أسعار الشحن البري لم تتغير مقارنة بأسعارالموسم الحالي في كل عام، علاوة علي أن أسواق الشحن البري تقتصر علي الاسواق العربية وهي الاسواق التي لم تتأثر كثيرا بالأزمة العالمية كالسوق الأوروبي والأمريكي، إلا أنه يلفت إلي أنه يلمس تباطؤاً في الطلب من أسواق دول كالامارات والمملكة العربية السعودية. كما ينبه إلي أنه لا يمكن حصر الكمية الحقيقية للبضائع المشحونة بريا نظرا لعدم وجود بوليصة شحن موحدة للبضائع المشحونة برا مشيرا إلي أهمية توحيد البوليصة وكذلك ضخ استثمارات وطنية في الشحن البري حيث إن المبردات الاردنية والسورية تتحكم في سوق خدمات الشحن البري بشكل كبير. فيما يقول أشرف الجزايرلي عضو مجلس إدارة جمعية شباب الأعمال إنه لم يلمس انخفاضا في تكلفة الشحن إلا في مجال الشحن البحري فقط الذي شهد انخفاضا في أسعاره بمايتراوح بين 10% إلي 30% منذ سبتمبر الماضي متوقعا أن ينخفض بشكل أكبرفي الفترة القادمة مع تباطؤ حركة التجارة. إلا أنه ينبه إلي ضرورة أن تتكامل جهود الدولة مع انخفاض أسعار الشحن لتيسيرحركة التجارة في الفترة القادمة حيث إن الحكومة نجحت في تخفيض الفترة اللازمة للتخليص الجمركي ولكنها مازالت تتراوح بين أسبوعين وشهر في بعض المنتجات وهذه فترة طويلة وتعوق اجتذاب الكثير من الاستثمارات الأجنبية وتؤثر علي تنافسيتنا العالمية. ومن ناحية أخري فمصاريف التخليص هي الأخري تحتاج إلي التخفيض نظرا إلي أن عملية التخليص الجمركي تتطلب مرور البضاعة علي الكثير من الجهات التي تطلب رسوماً عدة مما يحمل التجارة بأعباء زائدة.