باتت جميع الدلائل والمؤشرات تؤكد أن المحاولات والجهود المكثفة بشأن تعويم شركة الخطوط الجوية النمساوية قد أوشكت علي الفشل ولاسيما بعد انتهاء المهلة المحددة لاستلام العروض المقدمة من كبريات شركات الطيران الأوروبية والعالمية وبعد إعلان انسحاب كل من تحالف شركة الخطوط الفرنسية وشركة الخطوط الهولندية واعتبار شركة الخطوط الروسية بحكم المنسحبة لأنها لم تقدم عرضها في الموعد المحدد. المستشار المكلف فارنر فايمان زعيم الحزب الاشتراكي أعرب في مقابلة له مع صحيفة الفاينانشيال تايمز عن "القلق البالغ" لتفاقم أزمة العجز داخل شركة الخطوط النمساوية وأكد علي ضرورة أن تتحرك الدولة النمساوية وتبادر إلي اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع فشل خطة بيع الشركة النمساوية، وفي هذا السياق أشار فايمان إلي أن ثمة قرارا حاسما سيعلن في الفترة المقبلة بعد اجتماع المجلس التنفيذي في اتحاد الشركات الصناعية القابضة حسب مصدر مسئول شدد علي القول بأن عملية بيع اسهم الاتحاد لاتزال مستمرة. وجدير بالذكر أن الخطوط النمساوية تعاني منذ بداية العام الحالي عجزا يتصاعد بشكل يومي حيث من المتوقع أن يتجاوز رقم ال 100 مليون يورو قبل نهاية العام الحالي، وقد نتج عن هذا العجز كما يقول مسئولون كبار في الشركة النمساوية وفي طليعتهم المدير التنفيذي من الارتفاع الحاد بأسعار وقود الطيران والطاقة والنفط التي وصلت إلي أرقام قياسية خلال شهر يوليو الماضي الأمر الذي دفع اتحاد الشركات الصناعية والسياحية الذي يملك الحصة الأكبر في أسهم الخطوط النمساوية والبالغة 42،75% للبيع وهو ما أدي إلي احتدام الجدل السياسي وانسحاب حزب الشعب المحافظ من الحكومة الائتلافية الحالية التي تقوم بتصريف الأعمال لحين تشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتخابات البرلمانية في أواخر الشهر الماضي. وقد تميز اليوم الأخير من موعد المهلة المحددة لإقفال استلام عروض شركات الطيران الأوروبية والعالمية بإعلان انسحاب ثلاث شركات طيران هي الخطوط الفرنسية والخطوط الهولندية والخطوط الروسية، ولكن معلومات شبه مؤكدة أشارت إلي أن شركة الطيران الألمانية - لوفتهانزا - لاتزال الشركة الأوروبية الأوفر حظا في شراء أسهم اتحاد الشركات الصناعية النمساوية، وأشار مصدر موثوق به أن كلا من شركة الطيران الفرنسية وشركة الطيران الهولندية رفضتا المجازفة والدخول في صفقة خاسرة نظرا لعدة اعتبارات لحجم الخسائر المتصاعدة التي منيت بها شركة الخطوط النمساوية وارتفاع حجم الدين العام وتراجع أسعار الأسهم مع الأخذ في الاعتبار انعكاسات وتداعيات الأزمة المالية العالمية الناجمة عن الانتكاسة الخطيرة التي مني بها قطاع الاستثمارات العقارية في الولاياتالمتحدة. وخلال الأسبوع الحالي برزت سلسلة مقترحات ومفاهيم اعتبرها المراقبون "أساسية" لإنقاذ ماء وجه شركة الطيران النمساوية وتوقعوا أن تفضي إلي "حل وطني معقول ومقبول" لتعويم الخطوط النمساوية من خلال فتح المجال أمام دخول المزيد من المستثمرين في الشركة، ولم يستبعد مصدر مسئول في الشركة النمساوية أن يناقش أعضاء مجلس المحافظين وأعضاء اللجنة التنفيذية جميع المقترحات بما فيها العروض المقدمة من شركات أوروبية لشراء كمية من الأسهم في الخطوط النمساوية خلال سلسلة اجتماعات طارئة تعقد الفترة المقبلة تمهيدا للتوصل إلي حل توافقي. وأشار المصدر المسئول نفسه إلي أن أي "اقتراح نمساوي أو عروض للشراء يتضمن أفكارا ومقترحات مقبولة من جميع الأطراف المعنية وخاصة الدولة النمساوية واتحاد الشركات الصناعية المساهمة سيتم الإعلان عنه خلال الأسبوع المقبل"، وأضاف قوله: "إذا سارت الأمور حسب الخطة المرسومة فإن المجموعة النمساوية في جميع الحالات ستظل تحتفظ بأسهم الثلث المعطل من خلال تمسكها بامتلاك 25% من الأسهم في شركة الخطوط الجوية النمساوية زائدا واحدا لأن ذلك كفيل بضمان إضفاء الهوية النمساوية علي شركة الخطوط الجوية النمساوية" - علي حد تعبيره. يذكر أن رجل الأعمال النمساوي السعودي الأصل محمد بن عيسي الجابر - صاحب مؤسسة فنادق الجابر في النمسا وأوروبا - قد ألغي صفقة لشراء 22% من أسهم الخطوط النمساوية لأن المدير التنفيذي لم يطلعه علي الخسائر التي منيت بها الشركة خلال الربع الأول من العام الحالي.