جاء إصدار محكمة القضاء الإداري حكما يلزم الحكومة المصرية بوقف تنفيذ قرار تصدير الغاز المصري لعدد من الدول الأجنبية بينها إسرائيل، وهي الدعوي التي رفعها ناشطون في المجتمع المدني ليفتح المجال حول السؤال: هل يفتح حكم قضية الغاز الطبيعي الباب لمحاسبة الدولة علي إدارتها للموارد العامة والمشروعات العامة؟ وهل تطور دور المجتمع المدني إلي الدرجة التي أصبح فيها بالفعل شريكا في القرار الاقتصادي المصري؟.. هذه هي الأسئلة التي طرحناها علي الخبراء في هذا التحقيق. وأكثر الأسئلة المثيرة للجدل في قضية تصدير الغاز المصري لإسرائيل هو: هل يمكن لحكم صادر عن مجلس الدولة أن يقوم بتعطيل تعاملات ذات طابع دولي؟ طرحنا هذا التساؤل علي السفير المصري السابق إبراهيم يسري صاحب الدعوي.. قال يسري إن موضوع الدعوي هو شأن مصري خاص، فوزارة البترول فوضت رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول، في انهاء اجراءات التعاقد كطرف بائع للغاز الطبيعي مع شركة البحر الأبيض المتوسط، وكطرف ثالث ضامن لكميات الغاز الطبيعي ومواصفاته ومدة التوريد في عقود شركة شرق البحر الأبيض للغاز لتصدير الغاز الطبيعي من خلال خط أنابيب مع الشركات الواقعة في منطقة البحر المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء إسرائيل. وبذلك فإن الطعن علي قرار حكومي ومجلس الدولة يملك سلطة إلغاء هذا القرار ، وقال إن هناك إجراءات تتبع صدور الحكم لإلغاء القرار تبدأ باستلام الصيغة التنفيذية للحكم وإعلام وزير البترول بها. وبسؤالنا يسري حول إمكانية أن يسهم الطعن في القرار في تعطيل إلغاء القرار لحين الحكم فيه.. قال إن حكم المحكمة يستوجب التنفيذ بغض النظر عن الطعن فيه من عدمه إلا إذا أمر مجلس الدولة بإيقاف تنفيذ الحكم. أشار يسري إلي أن المبادئ التي ارستها المحكمة في الحكم سيكون لها آثار استرشادية لوزارة البترول لعدم تكرار نفس الخطأ في أي تعاقد آخر تقوم به، والواقع أنه من أبرز المبادئ التي أرساها الحكم هي أن القانون حدد إجراءات وقواعد منح استغلال الموارد والمرافق العامة، وبموجب ذلك يتعين علي السلطة التنفيذية اللجوء إلي مجلس الشعب، للحصول علي موافقته في منح التزامات استغلال تلك الثروات باعتباره ممثلا للجهاز التشريعي لأنه منتخب من الشعب ويعبر عن إرادة أغلبيته. غياب الشفافية وقال أنور عصمت السادات المتحدث الرسمي باسم حملة "لا لنكسة غاز مصر" إن عملية تصدير الغاز لإسرائيل لم تكن تتسم بالشفافية الكافية علاوة علي عدم عرضها علي مجلس الشعب ومعتبرا أن الحكم فرصة في يد الحكومة لكي تمارس ضغوطها وترفع أسعار الغاز المصدر في ظل ضعف الموارد المحلية في مواجهة ارتفاع الاسعار ومتطلبات التنمية. يضيف أن الحكم قام بتسليط الضوء علي قطاع البترول الذي لا تتوافر عنه الكثير من المعلومات بل وتتناقض مع بيانات الدولة حيث إن "وود ماكينزي" وهو بيت خبرة عالمي لتقييم الاكتشافات قال إن احتياطيات الغاز الطبيعي في مصر لا تتعدي 37 مليار متر كعب في عشرين عاما بينما تقول البيانات الرسمية في مصر أنه 77 مليارا ويضيف أن الحكم فتح الباب لمحاسبة الدولة علي التصرف في موارد مصر المحلية حيث إنه إذا سلمنا بالبيانات الرسمية عن الغاز الطبيعي في مصر فهناك حاجة متنامية لاستخدامه في التنمية المحلية. يطالب السادات د.أحمد نظيف رئيس الوزراء بصفته رئيس المجلس الأعلي للطاقة بعقد اجتماع لكشف جميع الحقائق المتعلقة بالقطاع البترولي وليس فقط قضية تصدير الغاز لإسرائيل. ويتفق د.إبراهيم زهران خبير البترول وأحد المشاركين في رفع الدعوي وأحد المشاركين في حملة "لا لنكسة غاز مصر" مع الرأي السابق حول عدم شفافية قطاع البترول في مصر علي الرغم من أن كل ما في بطن الأرض ملك للشعب علي حد تعبيره. يضيف أن الدولة يجب أن تعلن في كل صفقة حجم الاحتياطي وحجم ما سيتم تصديره والسعر المصدر به والسعر العالمي وحجم المكسب العائد علي مصر مشيرا إلي أن صحيفة هآرتس نشرت بيانا مفاده أنه تم تخفيض سعر الكهرباء 50% للمواطن الإسرائيلي نتيجة لوصول الغاز المصري لإسرائيل.. مما يضع العديد من علامات الاستفهام حول هذه الصفقة. ويشير إلي أن قضية تسعير صادرات الغاز الطبيعي المصري قضية حساسة للغاية في ضوء أن مصر ستتحول إلي مستورد للغاز الطبيعي في عام 2011 وبالطبع ستستورد الغاز بالسعر العالمي بينما تبيعه في الوقت الحالي بأقل من السعر العالمي وهو ما كان يستوجب الكشف عن جميع تفاصيل هذه القضية للرأي العام.