هل تكفي الدراسة والتعمق في التعليم من أجل تكوين رجل اعمال ناجح؟ أم أن رجل البيزنس مثله مثل الفنان ولاعب الكرة لابد ان تتوافر فيه الموهبة بالاضافة إلي الاستعداد لتحمل المخاطر. أي ان من يمكن ان يصنف بأنه رجل اعمال هو من يملك الموهبة والتعليم الراقي والقدرة علي حسن الادارة والاستعداد لتحمل المخاطر. وهذا ما يحاول الجيل الجديد من شباب البيزنس ان يتوافر لديه علي الاقل شرطان من الشروط الثلاثة فليس كل من يستورد كونتنر من الصين يعد من رجال البيزنس. إدارة الثروات فقد ذكر تقرير لقسم إدارة الثروات في البنك الفرنسي "بي إن بي باريبا" ان الشرق الاوسط بات المنطقة الي تضم مزيدا من المليونيرات الذين يقدر عددهم بنحو 600 ألف ثري، ويتزايد عدد اعضاء نادي المليونيرات سنويا في منطقة الشرق الاوسط كلها بنسبة 8%، فالنمو في الشرق الاوسط هو الاسرع بعد امريكا. واشارت الدراسة إلي ان الأزمة المالية والغموض الذي يكتنف الاقتصاد دفعت اصحاب الثروات إلي الابتعاد عن الاستثمارات ذات المخاطر، وشكلت السيولة والودائع والسندات 44% من الاصول المالية وقد زادت المبالغ المستثمرة في هذا المجال بنسبة 9%. وقد سجلت الدراسة ايضا زيادة في الانفاق علي "استثمارات الترفية" في المنتجات الترفيهية مثل شراء اليخوت والسيارات والطائرات الخاصة وتمويل العقارات الفاخرة والتي تشكل 2.16% من جملة هذه الاستثمارات، و9.15% في مجال الفنون. وفي مصر يعتبر رجال الاعمال إحدي الفئات المؤثرة والمهمة في المجتمع والتي يتطلع إليها الشباب، خاصة بعد تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي التي جعلت القطاع مسئولي عن تشغيل اكثر من 70% من القوة العاملة وتوفير اكثرمن 75% من الناتج المحلي الاجمالي، حتي اصبح حلم أي شاب ان يصبح رجل اعمال للحصول علي النفوذ السياسي بعد تغلغل رجال البيزنس في السلطة، واملا في تحقيق ارباح كبيرة وسريعة وامتلاك الفيلات والقصور كما يصور له الاعلام. وتشهد اقسام دراسة البيزنس في الجامعات والمعاهد الخاصة إقبالا كبيرا حتي اقتربت مصروفاتها الدراسية من مصروفات كليات القمة (كما كان يطلق عليها في الماضي)، فالمستقبل للعمل الخاص كما يؤكد الجميع. ولكن هل الدراسة هي اساس النجاح في مجال البيزنس؟ وما مواصفات رجل الاعمال الناجح؟ وما الذي يحرص عليه شباب البيزنس حتي يمكمن ان يصنفوا بانهم من رجال الاعمال في المستقبل؟ خبرة وتسويق الدكتور رشاد عبده خبير الاقتصاد الدولي واستاذ الاقتصاد التمويلي بالاكاديمية العربية للعلوم المالية، يؤكد ان الدراسة وحدها لا تكفي لإيجاد رجل اعمال ناحج فالموهبة والاستعداد الشخصي هي الاساس، والخبرة العملية والممارسة الفعلية في السوق هي الاهم، وان كانت الدراسة ضرورية للتعرف علي كيفية وضع دراسة جدوي اقتصادية للمشروع فلا يستطيع شاب في بداية طريقه للعمل الخاص ان يتحمل تكلفة مكتب متخصص، وكذلك ادارة العمليات المصرفية ومخاطر الاستثمار ودراسة الاسواق المالية. ولكن أي نوعية من التعليم علي حد قول الدكتور رشاد عبده فكثير من المعاهد والكليات الخاصة تستغل إقبال الشباب علي دراسة البيزنس اعتقادا منهم انها تؤهلهم للعمل في كل المجالات بدءاً من أعمال السكرتارية والتسويق حتي موظفي الأمن أو "أي حاجة"، علي حد قول الكثيرين منهم، فلا طموح ولا موهبة تؤهلهم للعمل في السوق، ولا نبالغ في القول إن مدير أحد تلك المعاهد خريج معهد صناعي قسم كهرباء، وأستاذ الإدارة حاصل علي دكتوراة في القانون فالجميع يبحث عن الربح فقط! وبحسب رأي الدكتور رشاد فإن حصول الشاب علي التمويل اللازم من الصندوق الاجتماعي لا يكفي لنجاح مشروعه الخاص الذي يدخل به دائرة رجال الأعمال، فالاستعانة بمشورة ذوي الخبرة مهمة جدا فقواعد السوق مختلفة، كما أن النواحي الفنية للإدارة والتسويق لا تأتي إلا بالممارسة العملية. وقد اعتمدت اليابان في نهضتها الصناعية علي الصناعات المغذية الصغيرة داخل البيوت.. فهل يعتمد رجال الأعمال في الوقت الحالي في الحصول علي الصناعات المغذية من مشاريع الشباب؟ وهل تستخدم منتجات الشباب بنسبة 10% من كل الاحتياجات الحكومية؟ فأسباب فشل العديد من مشروعات الشباب ترجع إلي عدم قدرتهم علي نقل وتسويق الإنتاج مما يتركهم فريسة للوسطاء الذي يشترونه بأبخس الأسعار، ويقضون علي فرص النجاح أمام الشباب في مجال العمل الخاص. موهبة ومخاطرة الدكتور أشرف العربي أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومي، يؤكد أن رجل الأعمال مثل الفنان لابد أن تتوافر له موهبة وثقافة العمل الحر، ولديه استعداد لتحمل المخاطرة لكي يبدأ مشروعاً يحتمل الربح أو الخسارة، وإن كان الجيل الحالي بين المستثمرين ورجال الأعمال لم يعتمدوا في نجاحهم في مجال البيزنس علي الدراسة، فالبعض منهم تعليمه متوسط أو بدون تعليم، ولكنه نجح في مجاله واستطاع أن يقف في السوق بمجهوده الشخصي، وهو ما نطلق عليه رجل عصامي، وإن كان الاستثمار في الوقت الحالي بعد التقدم التكنولوجي الهائل والمنافسة الشديدة يحتاج كما يقول العربي إلي الدراسة بالإضافة إلي الموهبة الفطرية كما يحتاج رجل الأعمال إلي الثقافة المجتمعية حتي يؤدي واجبه تجاه أفراد مجتمعه، وعلي سبيل المثال توفير حديد التسليح لمشروع "ابني بيتك" للشباب يدخل في هذا الإطار. فهلوة وماجستير الدكتورة ضحي عبد الحميد أستاذ الاقتصاد التمويلي بالجامعة الأمريكية، توضح أن مفهوم البيزنس لدينا يتمثل في استيراد كونتينر من الصين، وبيعه بأسعار مرتفعة لتحقيق الربح السريع، وليس من الضروري أن تكون السلعة مطابقة للمواصفات أو تضر بالصناعة الوطنية ولكنها ثقافة "الفهلوة". أما في المجتمعات الغربية فيرتبط مسمي رجل الأعمال لديهم بإقامة المشروعات التي تنتج وتصنع قيمة مضافة للمجتمع وتوفر فرص عمل للشباب، فالعمل الخاص مخاطرة محسوبة تعتمد علي وجود جدوي اقتصادية ودراسة لاحتياجات السوق لضمان ترويج السلع وتحقيق ربح مناسب. كما تؤكد الدكتورة ضحي أن الموضة السائدة في الوقت الحالي هي دراسة البيزنس وإدارة الأعمال أو ما يعرف ب "سياسة القطيع"، وإن كانت الدراسة في بعض الجامعات الخاصة ليست علي المستوي المطلوب فلم تطبق شهادة اعتماد الجودة في المؤسسات التعليمية حتي الآن، فقد تضاعف عدد الطلاب في تلك الأقسام وغالبيتهم من أسر مشهورة في مجال البيزنس، وإن كانت تلك النوعية من الطلبة حسب رأيها لا يأخذون الدراسة بالجدية المطلوبة فلديهم مشاريع جاهزة سوف يتولون إدارتها، أما رجل الأعمال الحقيقي فهو الذي يبدأ مشروعه الخاص من الصفر كما فعل الجيل السابق.