مع دخول صفقة بيع حصة رئيسية من أسهم بنك القاهرة المربع الأخير بدأ الحديث عن الخطوة التالية في ملف بيع البنوك وهي بيع بنك الاستثمار العربي، وكان مجلس إدارة البنك المركزي قد منح بالفعل قبل شهور تحالفا يقوده بنك البحرين الإسلامي لإجراء معاينة نافية للجهالة لبنك الاستثمار العربي، إلا أن السلطات المختصة طلبت تأجيل هذه الخطوة لفترة ما بعد بيع بنك القاهرة في محاولة لامتصاص غضب الرأي العام الذي أبدي معارضة شديدة لخصخصة البنك العام، وطبقا للقرار الصادر عن مجلس المركزي فإنه يوافق لتحالف بنك البحرين الإسلامي من حيث المبدأ للقيام بالفحص النافي للجهالة لبنك الاستثمار العربي، علي أن يلتزم التحالف في حالة الاستحواذ علي البنك بأن يملك البنك البحريني مالا يقل عن نسبة 66.7% من أسهم رأسمال بنك الاستثمار العربي، ويتم توزيع النسبة الباقية علي أعضاء التحالف، علي ألا تزيد نسبة تملك أي منهم علي 9.9%. ومع الحديث عن بيع بنك الاستثمار العربي ظهرت في الأفق مشكلة طريفة وغريبة في آن واحد، إذ إن هذا البنك مملوك من الناحية القانونية لشركة مساهمة اتحادية مصرية الجنسية أنشئت بمقتضي قرار مجلس رئاسة اتحاد الجمهوريات العربية بالقانون رقم 1 لسنة ،1974 ويضم هذا الاتحاد مصر وليبيا وسوريا وقد تم تأسيسه في عهد الرؤساء أنور السادات وحافظ الأسد ومعمر القذافي ولم يخرج للنور بسبب اعتراض ليبيا وسوريا علي إبرام السادات اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل. أوراق بنك الاستثمار العربي تشير إلي أن قائمة مساهميه تضم مصر وليبيا وسوريا، إلا أن الواقع يشير إلي شيء آخر وهو أنه رغم موافقة سوريا علي المساهمة في رأسمال البنك إلا انها لم تسدد حصتها عند التأسيس وهو ما يعني انها لم تسهم بدولار واحد، أما ليبيا فرغم مساهمتها في التأسيس، إلا أن دورها توقف علي سداد الحصة الأولي في رأس المال البالغ 40 مليون دولار طبقا لأسعار تاريخ تأسيس البنك في عام 1978 وهو ما يعادل 30 مليون دولار. أما مصر ومن خلال بنك الاستثمار القومي فقد أجرت زيادات متواصلة في رأسمال "الاستثمار العربي" حتي بلغ حاليا نحو 180 مليون جنيه وهذا المبلغ يقل بنحو 320 مليون جنيه عن المبلغ الذي حدده البنك المركزي المصري كحد أدني لرأسمال أي بنك يعمل في السوق، ومع رفض مساهمي "الاستثمار العربي" زيادة رأسمال البنك إلي 500 مليون جنيه وجه البنك المركزي إنذارا لهم بإجراء الزيادة المطلوبة وإلا سيتم تطبيق نصوص قانون البنوك التي تجيز له دمج البنك في حالة عجزه عن دعم مركزه المالي بالشكل الذي يهدد مودعيه، واختار المساهمون بيع البنك لمستثمر رئيسي، وبالفعل تقدم له عدد من البنوك الخليجية واللبنانية للشراء، إلا أن هذه البنوك قوبلت بمشكلة اتحاد الجمهوريات العربية، حيث أكدوا علي ضرورة الحصول علي تفويض من مساهمي البنك بإجراء عمليات تقييم أصول وخصوم ل "الاستثمار العربي" لتقديم عرض مالي لهؤلاء المساهمين تمهيدا لقبوله وبيع البنك أو رفضه. ويتولي إدارة بنك الاستثمار العربي منذ سنوات طويلة مجلس يرأسه د. محمد الرزاز وزير المالية الأسبق، ويضم في عضويته ممثلين عن البنك المركزي المصري، والاستثمار القومي ووزارة الصناعة والتجارة وشركة الاتحاد العربي للنقل البحري، واللافت في التشكيل انه يضم أعضاء كلهم مصريون وليس من بينهم ليبي أو سوري، وهو ما يثير تساؤلات حول مدي استمرار الدولتين العربيتين في المساهمة في رأسمال البنك المطروح للبيع. والغريب في الأمر أيضا أنه عندما تسأل كبار مديري بنك الاستثمار العربي عن اسماء المساهمين في البنك تتلقي إجابات متناقضة، فالبعض يشير إلي أن مصر تستحوذ علي 60% من أسهم البنك من خلال بنك الاستثمار القومي، ويرفع بعض المديرين النسبة إلي 80% حيث يؤكدون علي أن مصر رفعت مساهمتها في البنك خلال الفترة الأخيرة، وبالنسبة لمساهمات ليبيا يؤكد البعض انها تخارجت منذ سنوات، وآخرون يؤكدون أنها مازالت تستحوذ علي 20% من الأسهم. أما بالنسبة للجمعية العامة للبنك فينص النظام الأساسي ل "بنك الاستثمار العربي" علي أنه طبقا للمادة الثالثة من قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 382 لسنة 1984 يكون مجلس إدارة البنك منعقدا برئاسة الوزير المشرف علي البنك وله جميع اختصاصات ومسئوليات الجمعية العمومية العادية وغير العادية المقررة في القوانين والقرارات المنظمة للشركة. وفيما يتعلق بالمركز المالي لبنك الاستثمار العربي فإن البنك لا يكشف عن هذا المركز ولا يعلن عنه عكس الأعراف المصرفية المتبعة، كما ان أسهم البنك غير متداولة في البورصة المصرية. والاستثمار العربي يعمل في مجال الخدمات المصرفية وخدمات الاستثمار والأنشطة الإسلامية والخدمات الخاصة والاستشارية، ويسهم في عدة قطاعات منها السياحة والصناعة والإسكان والأمن الغذائي والتجارة والخدمات والمال.