أكد المشاركون في ندوة "الإصلاح الاقتصادي بين الحاضر والمستقبل" أن الإصلاح مسئولية جميع أفراد المجتمع وليس الحكومة وحدها، وأنه لن يتحقق إلا عن طريق أمرين أولهما زيادة الإنتاج بهدف تحسين مستوي المعيشة وتقليل الفجوة بين الأجور والأمر الثاني هو المساءلة لأي فرد مهما كان نفوذه. وانتقدوا عدم وجود رؤية واضحة وأهداف محددة تسعي الحكومة نحو تحقيقها، وهو ما يؤدي لوجود كثير من الخلل والتخبط، مشيرين إلي أنه رغم تحقيق بعض الإنجازات كنتيجة للإصلاح إلا أنها تتميز بالبطء الشديد، وحرمان الطبقات الفقيرة من جني ثمار تلك الإنجازات. وذكرت نرمين نور رئيسة جمعية شباب المصدرين التي أدارت الندوة، أن الإصلاح يجب أن يكون من الداخل وليس بتمويل من الخارج، لذلك نحن نرفض الحصول علي الدعم الأمريكي الذي تحصل عليه جمعيات أخري. وقالت إن أهم المشكلات التي نعاني منها أن الصناعات الصغيرة غير مدرجة نهائيا في خطة الإصلاح، والدعم الذي توجهه الدولة للمصدرين يحصل عليه كبار المصدرين فقط، بالإضافة إلي جمعيتين تستأثران بكل المنح، مشيرة إلي أن تونس والمغرب تتقدمتان بدرجة كبيرة في التصدير، والسبب في ذلك الاهتمام بالتجمعات الصناعية الصغيرة التي لا تعطي لها مصر أي اهتمام. إسماعيل حسن محافظ البنك المركزي السابق ورئيس بنك مصر - إيران للتنمية أكد بدوره أن أي اقتصاد له غاية سامية وهدف نهائي هو زيادة درجة الرفاهية الاقتصادية التي تتحقق عن طريق إيجاد وسيلة لزيادة الإنتاج وامتصاص البطالة ومن ثم زيادة الدخل الفردي والقومي. وعرف إسماعيل حسن الإصلاح بأنه عبارة عن انتهاج سياسات معينة تؤدي أغراضا محددة يتطلبها الاقتصاد، وهو عملية مستمرة لا تتوقف ولكن تزداد في فترات معينة، مشيرا إلي أن الإصلاح بدأ في مصر منذ فترة طويلة، ولكن هناك فترات يظهر فيها بقوة مثل بداية التسعينيات حيث تم اتخاذ بعض الإجراءات الإصلاحية التي أثرت علي التصدير. وقال إنه تم تحرير سعر الصرف وأنه حتي عام 1991 كان سعر الصرف يحدده البنك المركزي المصري، وكان سعرا إجباريا يجب الالتزام به وهو ما تسبب في وجود سوق غير شرعية لتجارة العملة "السوق السوداء" فصدر قرار بتحرير سعر الصرف وكان من المفترض أن يتم علي مرحلتين، الأولي في فبراير 1991 والثانية في فبراير 1992 ولكن نظرا للنتائج الإيجابية قدمت المرحلة الثانية لشهر اكتوبر عام 1991 ومنذ ذلك الوقت أصبح لدينا سوق مصرفي واحد دقيق ومنظم لا تتباين فيها الأسعار أو المواصفات وقد شهدت هذه الفترة أوجه إصلاح عديدة في مجال التصدير، حيث تم إلغاء النموذج المعروف باسم "ت. ص" الذي كان يفرض قيودا كبيرة علي المصدرين، كما تم إلغاء جميع القيود، بالإضافة لذلك تقدم الدولة دعما للمصدرين بحيث كل من يصدر كمية معينة يأخذ عن كل طن مبلغا مباشرا لدعمه، وذلك لأن الدولة تقدر أهمية التصدير، الذي يكون تأثيره قويا علي زيادة الإنتاج وتشغيل كثير من الأيدي العاملة ومن ثم تحسين الدخل وتحسين ميزان المدفوعات. وذكر إسماعيل حسن أن أي تخصص يجب أن يفهم ويدرس جيدا بما يسمي بميزان المدفوعات، وهو يتكون من 3 أجزاء أولا الميزان التجاري "السلعي" ويقصد به الصادرات والواردات من السلع، وثانيا ميزان الخدمات ويوضح قيمة الخدمات التي تصدر وتستورد مثل السياحة - إيرادات قناة السويس، ويشمل ما يسمي بالمصروفات المعكوسة مثل السياحة للخارج والاستثمار في الخارج وهو حتي فترة طويلة كان يحقق فائضا يسد العجز في الميزان السلعي، وثالثا هناك الجزء الرأسمالي والمالي وفيه تحسب كل الأموال التي تدخل البلد كأنها واردات، وكل الأموال الخارجة كأنها صادرات وهو ميزان معكوس، والأجزاء الثلاثة تمثل الميزان الكلي للمدفوعات. ويضيف إسماعيل حسن، أن كل ميزان فيه بند الثواب والخطأ، والخطأ هنا لا يعني عدم دقة البيانات ولكن عدم دقة التبويب في البنود المختلفة المناسبة للعنصر، وهذا عيب لا يمثل مشكلة لأن أي عنصر لا يوجد له تصنيف يوضع في الجزء الرأسمالي، وهذا الميزان ينشره البنك المركزي بصورة دورية ولابد من متابعته. وأشار حسن إلي أن أرقام ميزان المدفوعات خلال عام 2007 - 2008 تبين وجود عجز في الميزان السلعي بخلاف البترول قيمته 8.16 مليار دولار. ودعا المصدرين إلي ضرورة أن يأخذوا في الاعتبار عنصر التسعير لتحديد كيف تسعر المنتجات وضرورة أن يعرفوا أيضا كيف تسعر المنتجات بالعملات المختلفة أخذا في الاعتبار التغيرات التي تحدث لهذه العملات لأنه قد يحدث تغيير في أسعار العملات يلتهم الربح في حالة عدم أخذه في الاعتبار عند التسعير. كما يجب دراسة الأسواق التي يدخل إليها المصدر جيدا ولابد من الانتقال من السوق التي تفيد المصدر إلي السوق التي تؤذيه وهذا يصعب تحقيقه ولكن لابد من هيكلة التجارة الخارجية وفتح أسواق جديدة.