المطربة اللبنانية أليسا تلقت عرضا للزواج من ثري خليجي قدم لها مائة مليون دولار أي أكثر من نصف مليار جنيه مصري مهرا وجزيرة في إسبانيا سيكتبها باسمها بعد الزواج! وفي قطر فإن الحكومة القطرية تقوم بشراء سيارات المواطنين القديمة التي زاد عمرها علي ثماني سنوات ومساعدتهم علي شراء سيارات حديثة لأن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قد تحظر الانتقال بين بلدانها في سيارات قديمة يزيد عمرها علي 8 سنوات! وفي دولة الإمارات العربية المتحدة فإن الحكومة قامت برفع الرواتب بنسبة 70% "سبعين في المائة" دفعة واحدة! والأمثلة الثلاث التي ذكرتها تعكس صورة لثراء خليجي متزايد نتيجة الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار النفط حاليا والذي أدي إلي تدفق هائل للأموال علي دول الخليج العربية ضاعف من ثروات هذه الدول وبعض الأفراد فيها! ومن يزور أي دولة في دول مجلس التعاون الخليجي حاليا سوف يجد حجما هائلا من التعمير ومشروعات البنية التحتية يجري العمل فيه ويتجاوز ما تم تنفيذه طيلة عدة عقود مضت! ورغم هذا التدفق الهائل من الموارد النفطية فإنه لا يمكن القول إن هناك حالة من الرضاء الكامل داخل هذه الدول عن أنظمتها السياسية أو عن أوضاعها بشكل عام. فهناك شعور من البعض بأنه لا يوجد توزيع عادل للثروة وهناك وجهات نظر عديدة تتحدث عن عدم توظيف هذه الموارد بشكل جيد يمكن أن يحقق عائدات موازية للعائدات النفطية تسهم في تحقيق الاستقرار إذا ما حدث وتراجعت عائدات النفط لأي سبب من الأسباب! وهناك من يري أن كل هذه الأموال الضخمة إنما تخفي عيوبا كثيرة في هذه المجتمعات التي بدأت بشكل واضح وسريع تصبح أكثر انفتاحا علي العالم الخارجي وتبعد شيئا فشيئا عن وضعها كمجتمعات ملتزمة دينيا ومتحفظة اجتماعيا. كما أن هذه الثروة الهائلة دفعت دول الخليج إلي استيراد عمالة أجنبية تقدر بالملايين من دول آسيوية تختلف في العادات والتقاليد وأصبحت هذه الجاليات الآسيوية بمرور الوقت تشكل بؤرا للتوتر والقلق وتمثل في الوقت نفسه تهديدا للأمن القومي في دول الخليج وتثير مخاوف السكان من تعرضهم للإيذاء والمتاعب مع هذه الجاليات. وفي حادث وقع قبل عدة أيام في مملكة البحرين فإن عاملا بنغاليا قام بقطع رأس مواطن بحريني بمنشار كهربائي بسبب خلاف بينهما علي أجرة تصليح سيارة وهو ما دفع أعضاء في مجلس النواب البحريني بالمطالبة بإبعاد العمال البنغاليين من البحرين تماما وعددهم يصل إلي أكثر من مائة ألف في بلد لا يصل عدد سكانه من المواطنين والأجانب إلي نحو مليون نسمة! وليست قضية العمالة الأجنبية في دول الخليج هي محور الخطر فقط، إذ إن هناك الحوار حول الديمقراطية وضرورة التغيير، فهناك شعور متزايد في عدد من الدول الخليجية بأن المواطن الخليجي يحصل من حكوماته علي أموال كثيرة لكنه في الوقت نفسه ليست له كلمة في تصريف شئون البلاد وأن ما يحصل عليه من حكوماته يدخل في نطاق "المكرمة" وليس في نطاق حقه الطبيعي من ثروات بلاده. وهذا الشعور أوجد حركات معارضة قوية ومنظمة دفعت العديد من دول الخليج إلي إجراء العديد من الإصلاحات السياسية لتوسيع نطاق المشاركة في اتخاذ القرار، غير أن المطالبين بالتغيير لن يكتفوا بالتوقف عند حدود معينة إيمانا منهم بأن هناك عصرا جديدا وقواعد جديدة للعملية السياسية. ويبقي أيضا أهمية التذكير بأن هناك تراجعا ملحوظا في المساعدات الخليجية لبقية الدول العربية، وهي مساعدات كان مفترضا أن يتم بلورتها في إطار سياسي واقتصادي واضح باعتبار أن بقية الدول العربية تمثل عمقا استراتيجيا لدول الخليج العربية ولا ينبغي أن تكون هناك فجوة كبيرة في المستويات تالاقتصادية وبين دول مجلس التعاون وبقية الدول العربية الأخري يدفع إلي عدم الاستقرار وإلي تزايد الشعور بالحقد والنقمة لدي آخرين. إن هناك دعوات ذات دلالة بدأت تتردد داخل دول مجلس التعاون عن أهمية إنشاء صندوق لشراء الغذاء لمساعدة الدول غير القادرة، وهي دعوات تعكس إحساسا بأن الأزمات في الدول المجاورة لن تظل تابعة داخل الحدود بل ستمتد آثارها المدمرة علي الجميع..! ولا يمكن بالطبع أن يتقبل الكثيرون أن يعرض علي أليسا نصف مليار جنيه مقابل زواج قد لا يستمر شهورا بينما هناك ملايين البشر لا يجدون رغيف الخبز..!