أكدت دراسة اقتصادية سويسرية أن الاتحاد الأوروبي يلعب دورا مهما في الاقتصاد السويسري، الذي يعتمد علي دول الجوار بنسبة كبيرة للغاية، وفي جميع المجالات تقريبا. وقد رفضت الدوائر الاقتصادية السويسرية بموجب تلك الدراسة التي تم الاعلان عنها المخاوف التي تنشرها تيارات اليمين المتشددة حول ما تزعم أنها اثار سلبية ستعود علي البلاد، بعد تطبيق جميع بنود الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي بما فيها حرية تنقل الافراد. وقد وجدت الدراسة التي حصلت الجزيرة نت علي نسخة منها أن الحفاظ علي اهتمامات سويسرا الاقتصادية يدعو إلي المضي قدما في تطبيق جميع بنود الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي. وتستند الدراسة إلي نتيجة سبر للاراء بين عدد من الشركات السويسرية ذات العلاقة الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي، حيث اعربت 83% منها عن أهمية الاتفاقية الثنائية مع دول القارة الأوروبية لضمان استمرار التعاون الاقتصادي علي أسس واضحة. من ناحيته، أكد بيير تريبونيه رئيس اتحاد نقابات العمال علي حقيقة أن سويسرا بحاجة إلي المزيد من الايادي العاملة الاجنبية المؤهلة بشكل جيد، ولذا فمن المنطقي أن تتم الاستعانة بالعمال الاجانب من دول الاتحاد الأوروبي. وأشار تريبونيه إلي أن 50% من عمال قطاع البناء و40% من المشتغلين في مجالات الفندقة والمطاعم هم من الاجانب، وبدون تلك الايادي العاملة لكان الاقتصاد السويسري قد خسر كثيرا، حسب رأيه. وفي نفس السياق قال رئيس اتحاد اصحاب الشركات السويسرية توماس داوم، ان تطبيق الجزء الاول من الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي اثبت عدم تدفق اعداد كبيرة من رعايا الاتحاد الأوروبي بحثا عن عمل أو أن معدلات البطالة انتشرت في البلاد بين السويسريين مثلما يزعم اليمين المتشدد دائما. وقال داوم للجزيرة نت ان الاستفادة من العمالة الأوروبية ضرورية لمواصلة النمو في قطاعات صناعة الأدوية والكيماويات والمصارف والتأمينات وقطاع الخدمات بشكل عام، مما يتطلب الحفاظ علي مستوي العمالة المتميزة بالبلاد، لذا وافقت 83% من الشركات علي ضرورة تفعيل البند المتعلق بحرية تنقل الافراد. كما أشار إلي ان الاتفاقيات تسمح أيضا للسويسريين بالعمل في دول الاتحاد الأوروبي، وتتيح المجال لمشاركة في المشروعات الأوروبية الكبري، بما فيها المناقصات الحكومية الرسمية. وعلي الرغم من الارقام والبيانات التي تؤكد أهمية تعزيز العلاقات الاقتصادية بين سويسرا وجاراتها فإن رئيس اتحاد الشركات السويسرية باسكال جينتينيتا رفض النظر إلي نتيجة تلك الدراسة علي أنها تحذير اقتصادي لليمين. وقال في حواره مع الجزيرة نت: "اننا نحافظ علي حيادنا السياسي وما نقوم به هو توضيح الصورة للساسة من مختلف التيارات الحزبية وهم بالطبع لهم رأيهم في كيفية التعامل مع تلك النتائج". ويشير جينتينيتا إلي أن 65% من صادرات سويسرا تتوجه إلي دول الاتحاد الأوروبي بمتوسط سنوي 127 مليار دولار، في حين تستورد سويسرا 84% من احتياجاتها من دول الاتحاد بمتوسط سنوي 153 مليار دولار. كما تعود 73% من الاستثمارات الاجنبية المباشرة في سويسرا إلي شركات تابعة لدول الاتحاد الأوروبي بما قيمته 193 مليار دولار، في حين يمول 41% من المستثمرين السويسريين مشروعات قيمتها 261 مليار دولار في دول الاتحاد الأوروبي. لكن اليمين المتشدد يثير دائما المخاوف من احتمال أن تكون تلك الاتفاقيات هي مقدمة تمهيدية لإلحاق سويسرا بالاتحاد، إذ يري في ذلك تعارضا مع الحياد السويسري وتهديدا لمصالح البلاد، لاسيما تلك المتعلقة بسرية الحسابات المصرفية.