شهد الاسبوع الماضي تطورين كبيرين فيما يتعلق بإصلاح العملة في دول مجلس التعاون الخليجي منها القرارات التي اتخذت في اجتماع محافظي البنوك المركزية لدول المجلس الذي عقد في الدوحة في 6 ابريل الجاري والتصريحات الرسمية الصادرة عن دولة الامارات والتي اكدت استمرار الارتباط بالدولار الامريكي، ويدل هذان التطوران علي تجدد تركيز دول مجلس التعاون الخليجي علي الوحدة النقدية والالتزام بربط عملاتها بالدولار الامريكي ونتيجة لذلك فإننا نعتقد ان احتمالات اصلاح العملة في دول المجلس في الاجل القصير قد تراجعت، علي الرغم من التطورات الجوهرية التي وقعت في الشهور القليلة الماضية. اشار تقرير للمجموعة المالية هيرمس إلي أنه صدرت رسالة واضحة عن اجتماع محافظي البنوك المركزية لدول المجلس في ابريل مفادها ان هذه البنوك سوف تعطي دفعة جديدة لجهود توحيد العملات واصدار عملة موحدة بحلول عام 2010 وقد تحدد موعد لاجتماع يعقد في غضون شهرين لدول المجلس لاستكمال البني القانونية وغيرها من الاجراءات المرتبطة بإقامة وحدة نقدية الا انه لم ترد اي اشارة لطبيعة الاجراءات التي ستتخذ لتحقيق هذه الوحدة النقدية في الموعد المقرر لها، وكانت قطر التي تتولي الرئاسة الدورية لدول مجلس التعاون الخليجي قد أكدت أن العملة الموحدة لدول المجلس سوف يتم ربطها بالدولار. ومع هذا التركيز مجددا علي الوحدة النقدية وتنسيق المواقف بشأنها حتي تتحقق في عام ،2010 فإنه سيصعب علي أي دولة من دول المجلس ان تتحرك منفردة بعيدا عن نظام الارتباط بالدولار في الاجل القصير، ونعتقد الآن انه قد تراجع أي احتمال باتخاذ أي دولة قرارا منفردا في هذا الصدد وهو ما انعكس في تأكيد الشيخ عبد الله بن سعود آل ثان محافظ البنك المركزي القطري علي ضرورة ان تنسق دول المجلس جهودها حتي لا تمضي في سياسات نقدية منفردة لمواجهة انخفاض اسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة وضعف الدولار الامريكي. أكدت هيرمس انها قد ذكرت في تقارير سابقة أن أكثر الدول التي يرجع تطبيقها لاصلاحات نقدية بين دول المجلس هي دولة الإمارات وقطر، وكان قد صدر عن الدولتين في الشهور الاخيرة مؤشرات قوية علي اعادة النظر في نظام ربط عملاتها بالدولار، فقد اشارت دولة الامارات إلي انها تدرس مسألة ربط العملة وذلك في تصريح أدلي به الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات ورئيس الوزراء في اوائل ابريل الماضي بأنه تم تشكيل لجنة لدراسة هذه المسألة وكان لهذا التصريح وزنه لكونه صادراً عن رئيس مجلس الوزراء، ذلك أن أي قرار في هذا الشأن من المتوقع ان يصدر عن سلطة عليا في الدولة. وفي 9 ابريل اعلنت وكالة الانباء الرسمية في دولة الامارات أن اللجنة المذكورة اوصت بالابقاء علي الارتباط بالدولار وليس اعادة تقييم الدرهم الاماراتي وهو ما أشاد به الشيخ محمد الامر الذي يمنح اللجنة واعضاءها دعما قويا ويعطي موشرا علي أن دولة الامارات لن تعيد تقييم عملتها او تغير نظام ربطها بالدولار علي الاقل في الاجل القصير. وعلي ضوء هذه التطورات الاخيرة، فإننا نعتقد الآن ان الاصلاح النقدي اصبح غير مرجح ولا نعتقد ان أي دولة من دول المجلس سوف تتخذ قرارا منفردا في هذا الشأن، هذا كما نعتقد ان دول المجلس سوف تركز في الشهور القليلة القادمة علي اتخاذ خطوات صوب تحقيق الوحدة النقدية، ونحن نعتقد الآن بأن احتمالات اجراء اصلاح نقدي في دول مجلس التعاون الخليجي في الشهور الاربعة القادمة "أي بمنتصف اغسطس" تقل عن 45% كما نرجح ان التصريحات القوية الصادرة مؤخرا لصالح الالتزام بربط العملات بالدولار كانت بهدف تقليل التكهنات بفك هذا الارتباط، وهي التكهنات التي كانت موجودة بالفعل وانعكست علي أسعار عملات دول المجلس. وكنا قد توقعنا من قبل اجراء اصلاح نقدي بنسبة 60% في النصف الأول من عام 2008 من جانب واحد او اكثر من دول المجلس "دولة الامارات او قطر او كلتيهما" او حتي جميع دول المجلس كرد فعل للتخفيضات الكبيرة في أسعار الفائدة في الولاياتالمتحدة والضعف الشديد الذي أصاب الدولار ومع استمرار وجود العوامل الاقتصادية الداعية لاجراء اصلاح نقدي فإن المسألة تحولت إلي قرار سياسي فضلا عن الرغبة في تجنب وضع مزيد من الضغوط علي الدولار.