هل فشلنا في اقامة مجتمعات عمرانية جديدة أم لا ؟ وهل نجحت التجارب التي حاولنا انشاءها في جذب المواطن المصري من وادي النيل إلي الصحراء ؟وإذا نجحت لمادا نشعر بتأثيرها، وإذا فشلت ما هي الاسباب ؟ الأهم كيف يمكن أن ننجح في اقامة مثل هذه المجتمعات والتي تمثل الأمل في الخروج من دلتا النيل التي يتركز فيها 95% من سكان مصر رغم أن مساحتها لا تتجاوز 5% من المساحة الاجمالية لبلدنا. الخبراء اكدوا ضرورة إعداد خطة لإقامة مجتمعات جديدة في صحراء مصر المترامية الاطراف مما يساهم في حل العديد من المشكلات التي يعاني منها الوادي ويعجز المسئولون عن إيجاد حلول لها مثل المرور والزحام والبطالة وارتفاع أسعار المساكن وغيرها من المشكلات الأخري والتي يعد التكدس السكاني أهم اسبابها. طرحنا علي الخبراء هذه الاسئلة فماذا كانت اجاباتهم ؟ يؤكد د. أحمد الدرش- وزير التخطيط السابق- علي ضرورة تعمير المناطق الحدودية وخاصة سيناء نظرا لأهميتها الإستراتيجية وخاصة تأمين الحائط الشرقي لمصر بتواجد كثافة سكانية في تلك المناطق مشيرا إلي أن استصلاح الأراضي فيها ليس بالأمر الصعب الآن بعد وصول مياه النيل إليها عن طريق ترعة السلام. ويري د.الدرش ضرورة الاهتمام بالبعد الاقتصادي للمناطق الصحراوية وتوظيفها جيدا بشكل يساعد في رفع معدلات التنمية بجعلها مناطق منتجة سواء زراعيا أو صناعيا وتوزيع الاستثمارات فيها لكل منطقة بما يناسبها ويوضح وزير التخطيط السابق انه تم بالفعل عمل خطة تنمية للساحل الشمالي الشرقي إلا أن العمل في هذه المنطقة موسمي أي خلال فصل الصيف فقط ولهذا يجب تفعيل الاستثمارات العقارية في تلك المنطقة بتوظيف هذه العقارات في أغراض سياحية خلال الفترات التي لا يذهب إليها المصريون شتاء. يضيف د. الدرش أنه بالنسبة للظهير الصحراوي فيمكن استصلاحه وتكثيف الأنشطة الزراعية فيه وتوسيع مساحات زراعة القمح سعيا إلي تحقيق الاكتفاء الذاتية من المحاصيل الحيوية مما يمكن أن يجنبنا التعرض لكثير من الأزمات وأيضا إنشاء مشروعات صناعية وتعدينية من شأنه تحقيق المزيد من فرص عمل تعد نواة لمجتمعات عمرانية لإقامة العاملين في هذه المنشآت إذا توافرت فيها كل المتطلبات المعيشية وتم ربطها بالمدن المحيطة بها بشبكة مواصلات. ويشير وزير التخطيط السابق إلي أن هناك مساحة كبيرة من الصحراوات المصرية موقوفة تماما وغير مطروحة علي خريطة المشروعات المستقبلية لأنها مزروعة بالألغام، فهناك حوالي 19 مليون لغم مزروعة في صحراء مصر إذا تمت إزالتها وتطهير الأراضي فيها يمكن استغلال تلك المساحات الكبيرة في مشروعات تنموية تحقق عائداً قومياً كبيراً. ويري اللواء منير شاش- محافظ شمال سيناء الأسبق- أن أي مشروع قومي لإقامة مجتمع جديد في منطقة جديدة مثل توشكي أو سيناء أو أي من صحاري مصر يجب أن يتم التخطيط لإنشائه بشكل متكامل بمعني أن يتم تحديد النشاطات التي سوف تكون نواة للمشروع صناعية كانت أو زراعية أو كليهما معا ثم بناء المجتمعات السكنية اللازمة لإقامة العاملين بهذا النشاط وأسرهم وتوفير جميع المرافق اللازمة لاستقرار هذا المجتمع الجديد والخدمات المعيشية من تعليم ومستشفيات ومتاجر. مشيرا إلي ضرورة إنشاء جهاز لإدارة مثل هذه المشروعات مع ضرورة عمل دراسات كافية لضمان نجاح هذه المجتمعات ويطالب اللواء شاش بألا يتم الاعتماد في إدارة مثل هذه المشروعات علي أهل الثقة فقط بل يجب أن تتوافر فيمن يديرها الدراسة العلمية والخبرة والثقة حتي تكون نسبة نجاح هذه المجتمعات كبيرة. يضيف شاش :علي الحكومة أن تمنح تسهيلات لإقامة تلك المجتمعات حتي يقدم رجال الأعمال علي المساهمة فيها بحيث تكون عامل جذب للشباب إذا توافرت له فرصة عمل ومحل إقامة في مجتمع تتوافر فيه جميع الخدمات له ولأسرته وهو ما سيجعل الكثير يبادرون بالخروج من المثلث الضيق إلي تلك المجتمعات الجديدة. وبذلك تكتمل منظومة بناء الوطن بمشاركة جميع عناصره من حكومة ورجال أعمال ومواطنين.