يقول الاقتصاديون إن البورصة مرآة الاقتصاد وأنك تستطيع إن تتعرف علي الحالة الاقتصادية التي يمر بها أو يعيشها الاقتصاد في أي بلد من البلدان وذلك من خلال متابعة بورصة الأوراق المالية وبورصة السلع وبورصة سوق العمل وغيرها من البورصات التي تعكس الحالة التي عليها قطاعات الاقتصاد الوطني والاقتصاد في مجموعه ككل. ويقول رجال المال والمالية العامة إن الموازنة العامة للدولة هي انعكاس للأوضاع الاقتصادية القائمة في المجتمع وكذلك المتوقعة خلال فترة قادمة. فإذا كانت البورصة هي المرآة التي تعكس أحوال الاقتصاد في المجتمع فإن الموازنة العامة تترجم هذه الأحوال في أرقامها وحجمها وتوجهاتها وهذا ما يقول به أهل الاختصاص في مجال المال والأعمال والاقتصاد. أما ما يقول به كل الناس وما يقول به علماء الاجتماع وفقهاء القانون والكتاب والمثقفون وكل المتابعون فهو ان الشارع مرآة تعكس كل الاوضاع. والفوضي التي تسود الشارع المصري والتي يعاني منها الجميع ويصرخ انما تضع ايدينا علي عدة امور وتتطلب منا عدة استحقاقات. فأما بالنسبة للامور التي نضع ايدينا عليها فلعل في مقدمتها ما يلي: اولاً: الفوضي المرورية الضارية ونزيف الاسفلت المتنامي والذي اهتم المجتمع أخيرا بمحاولة ايجاد حلول فعالة له بعد ان تكاثرت وتصارعت الحوادث وبلغ الانفلات مداه ووصلت السلوكيات إلي الفوضي الهدامة والاستهتار الذي لا حدود له. ثانيا: الزحام الشديد الذي تعاني منه القاهرة الكبري والمحافظات وجعل من العسير التحرك بالنسبة لأي مواطن للذهاب إلي عمله او العودة منه وأثر ويؤثر علي مختلف أداء الافراد لوظائفهم بل وأداء الهيئات الخدمية لمهامها.. فعربات الاسعاف التي تحمل المرضي والحالات الحرجة التي يمثل عنصر الوقت عامل جوهريا في الحفاظ علي حياتها تصرخ في الشوارع ولا مجيب لانه لا احد يتحرك فالسيارات قد توقفت واغلقت كل المنافذ. ثالثا: تحولت الشوارع إلي جراجات والارصفة إلي اماكن للبيع والشراء والبوتيكات.. ورغم ان هناك قانونا يلزم كل مالك بوجود جراج في العمارة التي يبنيها لسيارات السكان إلا انه يكاد يكون من المستحيل تطبيقه لان اغراء السوبر ماركت والبوتيكات قضي علي الجراجات.. وشوارعنا التي تحولت إلي اماكن انتظار للسيارات علي هذا النحو اصبحت مليئة بالتلوث البيئي سواء كان تلوثا سمعيا ام بصريا اما صحيا ولم تعد وزارة شئون البيئة بقادرة علي ان تفعل شيئا امام ذلك الطوفان الذي أثر بالسلب الشديد علي جودة الحياة وجعلنا نختنق من الزحام والتلوث وسوء السلوكيات وعدم احترام تلك القونين التي وضعت من اجل صالحنا جميعا. رابعا: سوء حالة وسائل النقل العامة والخاصة فالاتوبيسات والتاكسيات التي تجوب شوارع القاهرة وعواصم المحافظات في حالة يرثي لها وهي احد اسباب الحوادث التي تقع فضلا عما تحدثه من مساهمة التكدس والزحام بسبب الاعطال التي تتعرض لها فقط اصبح من المألوف ان تجد تاكسي متهالكا يعطل المرور فوق كوبري من الكباري الحيوية لانه لديه ألف سبب للتعطل.. واصبح المشهد المألوف بدرجة انه لم يعد يثير الدهشة او التعجب. والغريب ايها السادة اننا فقدنا قدرتنا علي ان نندهش او ندهش من كثرة ما اصبحت الامور الغريبة والعجيبة تقع في حياتنا وتراها عيوننا في شوارعنا فأصبحت مألوفة وكأننا تصاحبنا معها وتصاحبت هي معنا. خامسا: شعر سكان القاهرة من بضعة ايام بتحسن ملحوظ في المرور وانسيابه وقال البعض ان سبب ذلك هو منع دخول سيارات النقل الثقيل إلي محافظة القاهرة كما نسمع عن الغاء سيارات النقل بالمقطورة علي الطرق السريعة وقال الخبراء ان ما تحدثه سياراة نقل بمقطورة من اثر علي استهلاك الطريق يفوق ما تحدثه حوالي مليون سيارة ملاكي عادية.. واذا صح هذا فإن السيارات يجب ان تدفع اضعاف ما تسدده حاليا من رسوم للمرور علي تلك الطرق فضلا عن اهمية تنظيم سيرها ودخولها إلي داخل المدن والمحافظات. ونحن ايها السادة لا نريد لهذه الصحوة المجتمعية التي قامت بشأن النقل وشجونه والطرق وحوادثها والمرور وفوضاه والزحام ومآسيه ان تهدأ ونريد ايها السادة ان نضع لكل ذلك العلاج سواء في الاجل القصير او الاجل المتوسط او الاجل الطويل. وقد اوضح د. أحمد نظيف "كما نشر بالصحف" ان الحكومة تعمل بجدية لتخفيف الزحام المروري بالقاهرة الكبري والمحافظات والحد من حوادث الطرق المتكررة وقد تم اتخاذ عدة خطوات في هذا الشأن منها: 1 - تنظيم دخول النقل الثقيل إلي محافظات القاهرة. 2 - البدء في انشاء الخط الثالث لمترو الانفاق. 3 - التقدم لمجلس الشعب بتعديلات في قانون المرور. 4 - تشجيع انشاء شركات للنقل الجماعي. 5- تطوير اتوبيسات هيئة النقل العام. 6- تطوير تاكسي العاصمة. وقد اشار رئيس مجلس الوزراء إلي ان التكدس المروري الذي تشهده القاهرة الكبري يعود إلي اسباب عديدة منها الزيادة السكانية المستمرة بالاضافة إلي زيادة عدد السيارات التي يتم ترخيصها حيث تم في العام الماضي وحده اصدار ترخيص 150 ألف سيارة مقابل 40 ألفا العام السابق.. كما اشار سيادته إلي تحويل جراجات العمارات إلي مخازن واستغلال الارصفة من جانب معارض السيارات والمنشآت التجارية والباعة الجائلين.. ووعد بحل مشكلة الجراجات بعد اقرار قانون البناء الموحد في مجلس الشعب.. كما اضاف أن القانون سينظم عملية فتح المنشآت التجارية في المناطق السكانية.. فضلا عن ان هناك فكرة لتجميع معارض السيارات خارج المدن وتجميع الباعة الجائلين في اسواق شعبية حتي تعود الارصفة للمشاه ويعود للشارع انضباطه.. غير ان كل ذلك اهميته يحتاج إلي المساندة المجتمعية لا سيما في ضبط السلوكيات وتفعيل تطبيق القوانين علي الجميع بدون استثناء. ايها السادة ان الشارع هو مرآتنا جميعا ولابد ان نحرص علي تحسين صورتنا في هذه المرآة اذا اردنا ان تتحسن جودة الحياة وان يكون لنا مكان في هذا الزمان.