لا شك أن مطحنة الائتمان الكبري التي تفاقمت في عام 2008 قد دفعت الجميع إلي أسفل، ليس الجميع بالضبط وإنما الأغلبية الغالبة، وتقول مجلة "الأيكونوميست" إن مؤشرات البورصات في العالم كله تقريبا قد تراجعت وهبطت ومعظمها كان هبوطه بمعدلات مكونة من رقمين، فالدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة وأوروبا تعاني والأسواق الناشئة الكبري وفي مقدمتها البرازيل وروسيا والهند والصين هبطت مؤشرات بورصاتها بنسبة 20%، ولكن هناك مؤشر عالميا واحدا لايزال كما يقول بنك الاستثمار مورجان ستانلي يحقق مكاسب وهذا المؤشر الاستثنائي هو مؤشر البورصات الهامشية في الأسواق الأشد من حيث المخاطر مثل لبنان ونيجيريا وتونس فهذا المؤشر زاد بنسبة 81.0% ورغم أن هذا مكسب متواضع إلا أنه يبشر بميلاد فئة جديدة من الأسواق الناشئة غير تلك الأسواق الكبري المعروفة. وهذه البورصات الهامشية تضم شركات شديدة التنوع من البنوك الإسلامية في بورصة البحرين إلي شركات صيد الأسماك في بورصة فيتنام وحتي شركات البترول في باكستان، فهذه الصناعات تنمو بسرعة ولكنها أقل اندماجا في الأسواق العالمية من نظيراتها في البورصات المتقدمة، ولذلك فإنها في وسط أزمة الائتمان العالمية الراهنة تعد طعما مغريا لكثير من المستثمرين، وقد قام بنك بيرستيرنز بإجراء دراسة عن الفترة 2001 - 2006 قبل أن يتعرض للإفلاس والبيع أخيرا وجد فيها أن الولاياتالمتحدة والأسواق الناشئة الكبري قد راحت تتقارب مع بعضها البعض خلال تلك الفترة موضع الدراسة أما الأسواق الهامشية فقد ظلت بعيدة والأمر المؤكد أن هذا الابتعاد قد حمي الأسواق الهامشية من الآثار المباشرة لأزمة الائتمان العالمية الراهنة التي بدأت كما نعرف في الولاياتالمتحدة ثم انتقلت عدواها إلي الآخرين. ويقول جوزيف روم المدير في "تي. رووي.. برايس" والاخصائي في شئون الشرق الأوسط وافريقيا إن هذه الأقاليم الهامشية ليست لديها سوي قابلية محدودة للتأثر بأوضاع سوق الرهونات العقارية ومشاكل الائتمان التي تحدث في الأجزاء الأخري من العالم، فالمعلوم أن الأسواق الهامشية رغم أنها أصبحت تشكل جيلا جديدا من الأسواق الناشئة فإن حجمها صغير جدا فهي لا تستحوذ حاليا إلا علي 1% فقط من جملة النقود المستثمرة في مختلف بورصات العالم، وهذه نسبة ضئيلة دون شك ولكنها تماثل النسبة التي كانت تستحوذ عليها الصين والهند وغيرهما من الأسواق الناشئة الكبري عندما بدأ مورجان ستانلي يصنفها كمجموعة لأول مرة في عام ،1987 وقد صارت هذه الأسواق الناشئة الكبري تستحوذ حاليا علي 12% من جملة النقود المستثمرة في بورصات العالم، كما انها تنمو بسرعة بادئة من نقطة منخفضة، وهذا كما تقول مجلة "نيوز ويك" أمر تستطيع الأسواق الناشئة الهامشية أن تفعله هي الأخري. وتجدر الإشارة إلي أن المستثمرين من الأثرياء الجدد في الأسواق الناشئة الكبيرة هم الذين يقودون الآن عملية الاستثمار في بورصات الأسواق الناشئة الهامشية، ويقول مارك موبيوس المدير العام في تمبلتون إن المستثمرين الكوريين "الجنوبيين بالطبع" وليس مستثمري أوروبا وأمريكا هم الذين دعوا إلي إنشاء أول صندوق للاستثمار في الأسواق الناشئة الهامشية تابع لشركة تمبلتون وان هذا هو السبب في أن هذا الصندوق غير متاح إلا في كوريا الجنوبية فقط، والأمر المؤكد أن هذا يعد علامة علي أمرين أولهما هو نضج الأمم التي كانت تعتبر أسواقا ناشئة، والثاني هو ازدهار الاهتمام بالاستثمار في الأسواق الهامشية، فالمستثمرون في روسيا وكوريا وماشابهما يريدون كما يقول موبيوس أن يدخلوا أولا ثم يبحثون عن الفرص المناسبة للكسب بعد الدخول، وهؤلاء المستثمرون خوفهم من الأسواق الهامشية أقل من خوف نظرائهم في الولاياتالمتحدة، ولذلك فإن علينا أن نعترف بأن عدم الخوف يصبح سلعة قيمة عند التفكير في الاقدام علي الاستثمار هذه الأيام.