إعلان البنك المركزي عن القائمة المختصرة للبنوك المتقدمة للمنافسة علي شراء 51% من بنك القاهرة يثير عددا من التساؤلات المهمة. أولها: لماذا لايوجد أي بنك مصري ضمن تلك القائمة؟ وثانيها، ما القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها تلك البنوك المتنافسة إلي السوق المصري؟ وثالثها وهو الأهم.. هل التوقيت الآن وسط كل تلك الأعاصير في الأسواق العالمية هو الأنسب لمثل هذا البيع؟ وبداية يجب أن أؤكد لكل من يقرأ هذه الكلمات أنني لست علي الاطلاق ضد بيع بنك القاهرة.. لكن ما يهمنا هنا هو لمن ومتي والقيمة المضافة التي أظن أنها تهم الحكومة والقائمين علي البيع وتشغلهم ليل نهار. أما السؤال الأول فإجابته بسيطة.. فالبنك المصري الوحيد الذي كان يمكنه أن ينافس علي "القاهرة" هو "التجاري الدولي".. إلا أن انشغاله بالدمج مع "العربي الافريقي" لابد وأنه أعاق اهتمامه بالدخول في أية عملية أخري في نفس التوقيت كما أن تجربة بنك الاسكندرية "بما لها وما عليها" ربما لم تكن مشجعة له في المقام الأول! هذا بالنسبة للبنوك المصرية أما قائمة البنوك المتنافسة والتي وافق عليها المركزي لاجراء الفحص النافي للجهالة.. أي أنها ستبدأ عملية التقييم ثم تتقدم بالعروض الفنية والمالية فتحتاج إلي وقفة متفحصة، فهي جميعا باستثناء ستاندرد تشارتر بنوك عربية اقليمية.. قد تكون الأكبر في المنطقة "مثل البنك العربي" لكنها بما فيها البنك الانجليزي ليست ضمن قائمة أكبر 50 بنكا في العالم مثلا.. فإذا لم يكن ذاك هو المعيار - ولايجب أن يكون - فالسؤال هو أي قيمة مضافة يمكن لهذه البنوك "بعضها موجود في السوق بالفعل" أن يقدم للسوق المصرفية المصرية.. فالهدف من بيع "القاهرة" كما هو معلن ليس فقط مبلغا من المال يدخل الموازنة العامة ولكن تقديم تكنولوجيا جديدة للسوق، منافسة تجارية قوية وتقديم أدوات مالية جديدة للمواطن المصري.. فهل ستقدم تلك البنوك ذلك؟! سؤال لا أجيب أنا عليه بل علي المتخصصين والقائمين علي البيع أن يفكروا فيه. ثم السؤال الأهم.. إذا كانت الأسواق في العالم كله مضطربة، وأحوال البنوك العالمية نتيجة لمشاكل التمويل العقاري وخسائره تجعل معظم اللاعبين الكبار يحجمون عن دخول السوق المصري.. فلا يصبح أمامنا سوي لاعبي المنطقة الذين يتمتعون بوضع أفضل لارتفاع سعر البترول وفوائضه النفطية. إذا كان الأمر كذلك، فهل يكون الوقت الحالي هو الأفضل لإتمام صفقة ناجحة رابحة تحقق كل أهداف البيع التي نصبو إليها!! لقد كانت لنا تجربة مشابهة مع الرخصة الثالثة للمحمول والتي أجلنا بيعها عدة سنوات بقرار حاسم وقاطع لتراجع أسواق الاتصالات حينها.. رغم احتياجنا الشديد في ذاك الوقت لقيمة تلك الرخصة.. لكننا تراجعنا وفضلنا الانتظار حتي يأتي الوقت المناسب.. وبالفعل جاء الوقت وتمت الصفقة بأفضل شروطها.. ألا يمكن أن نكرر التجربة أم أن الدولة تري أن الوقت الآن ملائم وأن القائمة التي تقدمت للشراء هي أفضل ما يمكن أن يتقدم وأن بنك القاهرة لن ينافس عليه أفضل من ذلك أبدا؟ إن القضية ليست كم أو بكم بعنا البنك؟ فقد بعنا الإسكندرية بسعر أعلي مما نتوقع ومما يتوقع الجميع، ولم يقدم لنا المالك الجديد، "الذي تغير طبعا" أية قيمة مضافة في السوق حتي الآن، والتهمت الموازنة قيمة الصفقة - فيما ينفع بالتأكيد - لكن ذلك لم يكن الهدف الأكبر. القضية هنا إذن هي دخول لاعب جديد للسوق المصرفي، من يكون، هل سيحقق قيمة مضافة، هل هذا هو أفضل توقيت، وهل ستكون المنافسة للأعلي سعرا فقط، أم للأفضل تقييما فنيا كبنك؟ ولا أظن أن الحكومة تقع تحت ضغوط دولية - كما يحب البعض أن يشيع لبيع بنك القاهرة - لكن الضغوط ربما تكون داخلية، بمعني أن الموازنة تحتاج لقيمة تلك الصفقة، خاصة مع ارتفاع فاتورة الدعم المرهقة، وارتفاع أسعار النفط المزعجة، وارتفاع الأسعار العالمية، كل ذلك يضع ضغوطا كبيرة علي الموازنة قد تجعل الحكومة تُسرع في البيع، فإلي أي مدي يستجب صانع القرار الاقتصادي لتلك الضغوط؟! الاسئلة تحتاج إلي إجابات سريعة ومنطقية.. قبل البيع. نقطة فاصلة * نفرح كثيرا بارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي إلي 9.32 مليار دولار، لكن.. عفوا المخاوف ماتزال قائمة: كيف سيؤثر الهبوط الحاد للدولار علي تلك الاحتياطيات؟ هل هي جميعا بالدولار أم أنها مقومة بالدولار أم أن هناك سلة عملات؟ هل ارتفعت الاحتياطيات بالفعل أم أن ذلك هو ارتفاع قيمة مكون اليورو أو الاسترليني منها. المخاوف منطقية.. أرجو أن يكون لدي المركزي إجابات واضحة عنها. * وزير الأوقاف مازال يري أن الاستثمار في البورصة "مضاربة" و"مخاطرة" هل يمكن لأي من وزراء المجموعة الاقتصادية أن يشرح له.. أنهم - علي ما أظن- وزراء في نفس الحكومة.. أم أن الواقع يقول.. غير ذلك؟ * لم يخرج علينا - حتي الآن - أي مسئول يقول كيف سيؤثر ارتفاع سعر النفط علينا، كيف سيؤثر انخفاض الدولار علي اقتصادنا.. هل سيصل إلينا التباطؤ الذي يزحف علي العالم؟! أم أن مصر بعيدة جدا عن كل ذلك.. وكله تمام؟! * تري أي قبعة سيرتديها محافظ المركزي عند التفاوض علي بيع بنك القاهرة؟! قبعة الرقيب أم ممثل المالك؟! مازال تضارب المصالح واقعا حتي لو كان بقرار من رئيس الجمهورية.