تمر المنطقة بأزمة خطيرة تتمثل في محاولة إسرائيل القضاء علي غزة ولو استطاعت الدولة العنصرية لأبادتها بالكامل. وموقف مصر أكثر من مشرف علي كل الجبهات وهو ينم عن روح الشهامة والتحضر والمروءة ونجدة شعب شقيق مكافح لينال حقوقه ومطالبه العادلة لكن الموقف المتأزم يتضمن اخطارا محتملة علي مصر وأمنها الوطني والاقتصادي خاصة أن أقرب المناطق لحدودها مع مصر كلها مدن سياحية مصرية مع فلسطين هي مدن سياحية تؤثر عليها أي قلاقل أو اضطرابات ناهيك أن احتمالات أن يتسلل مخربون إلي مصر ويسعوا كما سعوا من قبل إلي ضرب اقتصادنا في مقتل السياحة.. وقد تقوم احدي المنظمات الرمية أو غير الرسمية بعمل فظيع أسوة بما حدث عند ضرب فندق طابا منذ عدة سنوات وهو الانفجار الذي لا يزال فاعله مجهولا ويقول المثل الشعبي "ما يحتاجه البيت يحرم علي الجامع" وهذه المقولة البليغة تعبر تماما عن حال مصر في هذه الأيام فنحن نعاني من مشكلات جمة ومتفاقمة ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نتورط في أي قضية مهما كانت وهذا ما يترجمه الموقف الرصين وشديد للتعقل للسياسة المصرية تجاه الأزمة الحالية. أن مصر تمر هذه الأيام برواج سياحي كبير ودخل سياحي فاق 7 مليارات دولار ووارد سياحي تعدي العشرة ملايين سائح ولأول مرة منذ فترة طويلة انتعش الكروز بجنوب مصر وخاصة بعد زيارة شخصيات مهمة لمدينة الأقصر التي يفخر أي مصري بما أنجزه سمير فرج فيها والتخطيط الذي جعلها بحق أول متحف مفتوح في العالم وانتعاش الاقصر وأسوان وأبو سمبل يعيد لمصر هذا النمط السياحي القديم بعد أن كادت تفقده لأسباب كثيرة منها معضلة المراسي التي لم تستطع انهاءها للآن وزارة السياحة أو اتحاد الغرف السياحية أو رجال السياحة ولاتزال مشكلات نهر النيل وشحوط المراكب حائرة بين وزارة الري ووزارة النقل وتجاهل المستثمرين لضرورة تكوين تكتل فيما بينهم وإنشاء شركة اسوة بشركة "شارمنج شارم" للقيام بالدعاية وتجميل المدن وحل المشكلات الكثيرة جداً بين المحليات وأصحاب الفنادق العائمة وغيرها، رغم أن المثل يقول "ما حلها جلدك مثل ظفرك". ويعيدنا ما يجري بقربنا مرة أخري لمشكلة طابا ونويبع وذهب هذه المدن السياحية المنكوبة لقربها من منطقة الصراع والتي لا يدخل لمستثمر مرون مع المسئولين جهدا لاحيائها وبعد جهود كبيرة وملايين الدولارات بدأت أخيرا تنتعش لكن ما يحدث في مدينة رفح سوف يكون له بالتأكيد تأثير كبير علي المنطقة بل علي السياحة الواردة بشكل عام. إن أوروبا هي المصدر الرئيسي للسياحة إلي مصر وقبل أن تسارع الدول الأوروبية بتحذير رعاياها بأن المنطقة غير مأمونة وتنصحهم بتحويل رحلاتهم من مصر إلي مواقع أخري مثل أسبانيا واليونان وغيرها من الدول المنافسة لمصر سياحيا فإن علي وزير السياحة أن يأخذ هذا بعين الاعتبار وأن يسافر إذا اقتضت الضرورة سفره إلي الدول الأهم في الوارد السياحي مثل ألمانيا وروسيا وايطاليا انجلترا واللقاء مع وكلاء السياحة والاعلام العالمي بشكل خاص، لأن قائمة التحذيرات هي مربط الفرس الذي يتحكم في قوة الوارد السياحي أو ضعفه، والانتظار أو تجاهل الموقف قد يزيد من الأمر سوءا خاصة أنه لا يبدو في الافق القريب أمل في انهاء مشكلة غزة والحدود مع مصر والتجاهل والتكاسل في سرعة رد الفعل قد يعطي المنافسين سببا جديدا لمحاولة خطف الزبون باللغة الدارجة!! وأنبه فقط إلي أن إسرائيل تحاول جاهدة اظهار مصر بصورة سيئة وتحاول اقناع العالم بأننا فشلنا في حراسة معبر الحدود بيننا وبين قطاع غزة واننا مكنا الفلسطينيين من التسلل عبره ويتعين علي مصر اليوم إدارة العملية مع حماس بحرفية حتي يمكننا الوصول إلي وضع ثابت ومستقر بدون أنواء أو معارك جانبية وفق الله القيادة السياسية في مصر لتجنيب مصر مشكلات هي في غني عنها وفي نفس الوقت عدم التخلي عن جيران ابتلوا بأشنع وأفظع عنصرية عرفها التاريخ.