أكد رئيس مجلس الوزراء، الدكتور أحمد نظيف، أن إلغاء الدعم الذي توفره الحكومة لعدد من السلع الضرورية ليس مطروحا للبحث بأي صورة من الصور، وأن ما تبحثه الحكومة حاليا يقتصر علي محاولة تحسين هذا الدعم وتحسين قدرة المجتمع علي مساعدة الطبقات الفقيرة والمحرومة، من خلال "الترشيد" وتلافي سلبيات النظام الحالي الذي توجد به ثغرات كثيرة تتسرب منها نسبة كبيرة من الدعم إلي الأغنياء والطبقات القادرة التي لا تستحقه والتي لا يجوز لها أن تزاحم محدودي الدخل في الحصول عليه. وقال رئيس مجلس الوزراء، في لقاء عقده صباح أمس بمكتبه مع أربع عشرة شخصية صحفية وإعلامية من قيادات الصحف الخاصة والحزبية ومقدمي البرامج الحوارية التليفزيونية، إن ترشيد الدعم قضية مجتمعية وليس قرارا حكوميا، وأن هناك عددا من البدائل التي تبحثها الحكومة، من بينها استبدال الدعم العيني بدعم نقدي، مشيرا إلي أن العيب الأول لهذا البديل هو ما يثيره من اشكاليات حول من يحصل عليه ومن لا يحصل، والعيب الثاني هو أن الدعم العيني مطمئن للناس لأنه يضمن توفير السلع بأسعار معينة بينما الدعم النقدي يمكن أن يوفر السلعة بسعر معين اليوم لكنه يمكن أن يرتفع غداً، مما يعني أن الحكومة تسلب من الناس حقاً مكتسباً. وعلي الجانب الآخر، فإن ميزة الدعم النقدي في رأي الدكتور نظيف أنه يساعد علي تحسين جودة السلع ويضمن وفرتها بالأسواق كما أنه يساهم في ترشيد الاستهلاك. وأعرب د. نظيف عن ثقته في "مروءة" الشعب المصري، مراهنا علي أن القادرين لن يزاحموا الفقراء في التقدم بطلبات للحصول علي هذا الدعم النقدي. وشدد رئيس مجلس الوزراء علي أن الرئيس حسني مبارك أصدر توجيهاته للحكومة بفتح حوار مجتمعي حول هذه القضية قبل اتخاذ قرار نهائي بصددها. وفي مواجهة هذه المبادرة الحكومية ركزت القيادات الصحفية والإعلامية علي أن قضية الدعم مجرد "عرض لمرض"، وأنه لا يمكن مناقشتها بصورة منفصلة عن مجمل قضايا الإصلاح السياسي والاقتصادي، كما أنه لا يجدر تجاهل القلق الشعبي والانفلات في الشارع الذي وصل إلي حد الفوضي وهي أوضاع تنذر بقلاقل إذا ما تم التسرع في اتخاذ قرار خاص بالدعم في مثل هذه الظروف الملتهبة، لاسيما أن هناك هواجس كثيرة حول سياسات حكومية ليست فوق مستوي الجدال مثل دعم أسعار البترول والغاز الطبيعي والتي يتم تصديرها إلي إسرائيل ودول أجنبية أخري، وعدم محاسبة المسئولين عن نهب المليارات وأراضي الدولة وأخطاء الماضي والفوضي في الدولة والمجتمع، وهي أمور تعمق أزمة الثقة بين الناس والحكومة. وتعقيبا علي هذه التحذيرات والمخاوف أعرب الدكتور نظيف عن اتفاقه مع القيادات الصحفية والإعلامية علي أن قضية الدعم ليست قضية منفصلة، وأنها جزء من منظومة سياسات شاملة ومتكاملة، كما أعرب عن اتفاقه علي توسيع نطاق المناقشة وعدم قصرها علي الدعم، مشيرا إلي أن الوقت ليس في صالحنا وأنه كان من الأسهل علي الحكومة ألا تطرح هذا الموضوع من الأصل وأن تتجنب ما سيثيره من جدل، وفي كل الأحوال إذا أسفر الحوار المجتمعي عن رفض هذا "الترشيد" المقترح فإن الحكومة لن تقدم عليه. واعترف رئيس مجلس الوزراء بوجود أزمة ثقة بين الناس والحكومة، وأن هناك "تعبا" و"احتقانا" في البلاد، بينما نفي أن تكون الحكومة قد تعمدت دعم أسعار تصدير البترول والغاز، ومع ذلك فإنها قد فتحت حوارا مع عدد من الدول المستوردة لإعادة النظر في الأسعار رغم أنه ليس من حقنا في العقود المبرمة، وقد نجحت المساعي مع فرنسا بالفعل ومازالت المناقشات جارية مع إسبانيا. كما نفي الدكتور نظيف أن يكون هناك تناقض بين طرح الحكومة للقضية وبين تصريحات الرئيس مبارك مؤكدا أن ما أثير بهذا الصدد ناجم عن خطأ في الترجمة. واختتم رئيس مجلس الوزراء رده علي أسئلة القيادات الصحفية والإعلامية بقوله إن حكومته ليست لديها حلول "مسبقة" وإنما حلول "مفضلة"، وحث الصحافة والإعلام علي فتح حوار وطني حولها مؤكداً أنه ينتظر "تغذية عكسية" من هذا الحوار الشامل.