في حوار لا تنقصه الصراحة.. طالب د. نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق بضرورة وقف فوضي الفتاوي الدينية وتصحيح مسارها وخاصة الفتاوي المتعلقة بمجال المعاملات المصرفية والمالية والتجارية المعاصرة.. كما طالب الحاكم بالتدخل لضبط الأسواق ومنع الممارسات الاحتكارية بكل صورها وفرض السعر العادل.. مشددا علي أن بيزنس الغش يجب أن يواجه بكل حزم من الأجهزة الرقابية ومن منظمات المجتمع المدني، وجمعيات حماية المستهلك.. ورفض بشدة المتاجرة بالشعارات الدينية واستغلال الدين في تحقيق أهداف سياسية.. وأشار إلي أن وسائل مكافحة الفساد في الشريعة الإسلامية لا تعرف الخطوط الحمراء ولا الكيل بمكيالين أو ازدواجية المعايير. وأشار د. واصل إلي أن فوضي الفتاوي التي نشاهدها هذه الأيام في وسائل الإعلام المختلفة وفي الفضائيات علي وجه الخصوص وراءها عدم فهم لقضايا الواقع المعاصر ومعاملاته المالية والتجارية والمصرفية التي تغيرت بشكل كبير، وأصبحت مختلفة تماما عن العصور الأولي للإسلام، موضحا أن هذه العصور لم يكن فيها بنوك تتعامل بالفائدة وبورصة تتعامل في الأسهم والسندات والأوراق المالية ومؤسسات مالية عملاقة تقرض أصحاب المصانع والمستثمرين بعائد محدد مقدماً. ولم يكن في عصور الإسلام الأولي أيضاً كما يقول د. واصل تأمين تجاري أو تأمين علي الحياة أو نقل للأعضاء البشرية... إلخ وبالتالي فإن هذا يتطلب أن يلم كل من يتصدي للإفتاء بقضايا الواقع المعاصر إلي جانب إلمامه بفقه الكتاب والسنة علي نحو صحيح، والابتعاد عن التقليد الأعمي للآخرين! الإفتاء بغير علم ويؤكد د. نصر فريد واصل أن الإفتاء بغير علم من جانب غير المتخصصين في سوق الفضائيات.. هو سبب كل هذه الفوضي التي نشاهدها مشددا علي أن العالم الذي يتصدي للافتاء يجب ان يراعي وخاصة عندما يفتي في المعاملات المالية والتجارية والمصرفية عددا من الضوابط من أهمها: * تغليب روح التيسير والتخفيف وروح الإسلام الوسطي السائدة في مصر. * رعاية مصلحة الفرد والمجتمع والإلمام بمتغيرات العصر في جميع المجالات وقراءة الواقع المعاصر قراءة صحيحة وخاصة الواقع الاقتصادي والسياسي والعلمي والمعرفي. * تغيير الفتوي بتغيير الزمان والمكان والأحوال والأعراف وقد فعل ذلك الفقهاء القدامي: مالك وأبو حنيفة والشافعي وكثير من الفقهاء المعاصرين. فقه المال والمرأة وحول ضرورة تجديد فقه المال والمرأة ليواكب مستجدات ومتغيرات العصر قال د. واصل: من المعروف ان النصوص الدينية التي يستعين بها الفقهاء محدودة.. ولكن وقائع الحياة ومستجدات كل عصر لا تنتهي.. ومن أجل ذلك فمبدأ التجديد مبدأ إسلامي وكما قلت قضايا المال قد تغيرت بشكل كبير.. فلم يكن في الزمن القديم بنوك أو بورصة أو اسهم او سندات أو تجارة الكترونية أو انترنت... إلخ وبالتالي يجب تجديد العلوم الدينية لتواكب العصر والقضايا الجديدة. واشار إلي أن تطوير التعليم الديني.. قضية في غاية الأهمية مشددا علي ان المسئول عن التمييز ضد المرأة وقهرها في وانتشار ثقافة التطرف وثقافة العرف.. فالعرف هو الذي يمنع المرأة من ممارسة الكثير من حقوقها وليس الدين! يضيف: ان القرآن الكريم يحمل الجنسين معا - الرجال والنساء- مسئولية النهوض بالمجتمع واصلاحه في شتي النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وقد اكد هذا التوجه قوله تعالي (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر). الشعارات الدينية * وردا علي سؤال: هل الإسلام يسمح بالمتاجرة بالشعارات الدينية واستخدام الدين وسيلة لتحقيق أغراض سياسية او اقتصادية؟! ** أجاب د.واصل مفتي مصر الاسبق: شريعة الاسلام ترفض المتاجرة بالشعارات الدينية.. وعالم الدين ليس له سلطان علي ضمائر ومعتقدات الناس.. والإسلام ليس فيه كهانة او رهبانية ولا يعرف ما يسمي بالدولة الدينية.. لكن هذا لا يعني الفصل بين الدين والدولة فالشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في الدستور.