يشهد قطاع التعدين في العالم حالة من التدفق والانتعاش فمعظم شركاته مفعمة بالسيولة نتيجة لارتفاع أسعار المعادن كما ان بعضها يشتري البعض الآخر بحماسة شديدة وتقول مجلة "الايكونوميست" ان الشركات الصاعدة في روسيا والبرازيل صارت تتحدي الشركات الغربية الكبيرة المنافسة لها بل ان بعض الشركات العملاقة يقال انها صارت هي الأخري عرضة للاكتساب. ولا شك ان كاينثيا كارول تعيش نفس الحالة من الانتعاش ففي يناير الماضي انتقلت من مونتريال الي لندن بعد أن أصبحت رئيسة للشركة الانجلو أمريكية ثاني أكبر شركات التعدين في العالم وسوف يلحق بها زوجها وأطفالها الأربعة في لندن بعد انتهاء العام الدراسي وقد قضت السيدة كارول معظم الاشهر الستة الاخيرة متنقلة بالطائرات لمتابعة أعمال شركتها الجديدة في مختلف ارجاء العالم وزارت المناجم والمصاهر وتحدثت الي المديرين والعمال. والحقيقة ان شركة انجلو امريكان تعيش حالة اضطراب لم تتعود عليها كما ان السيدة كارول كأمريكية تعد أول رئيس للشركة من خارج جنوب افريقيا وأول رئيس ايضا من خارج الشركة حيث كانت تعمل في السابق في شركة الكان الكندية العملاقة للألمنيوم أما سلفها في انجلو امريكان توني تراهار فقد امضي 33 عاما متصلة في الشركة وعند اختيارها للمنصب قال سيد مارك مودي ستيوارث رئيس مجلس المديرين انها قادمة لتقود التغيير في ثقافة انجلو امريكان ولذلك كان يتعين علي كاينثيا كارول ان تسترد انفاسها في هذه الشركة البالغة قيمتها السوقية 87 مليار دولار خصوصا ان انجلو امريكان تتميز بانها شركة رصينة وذكورية وتعمل بتقاليد انجليزية عريقة وليس بالمنطق الأمريكي الحاد. ولكي نكون منصفين يجب أن نعترف ان سمعة انجلو امريكان مبالغ فيها فهذه الشركة الذي يبلغ عمرها 90 سنة لم تعد مجرد شركة جنوب افريقية وعدد عمالها الآن يناهز 190 ألف عامل منتشرين في 65 بلدا وفي عام 2005 قررت الشركة ان تركز علي التعدين ودخلت في عملية اعادة هيكلة طموح لاتزال مستمرة حتي بعد تولي كارول الرئاسة فوحدة الورق والتغليف "موندي" التابعة للشركة تم قيدها في البورصة هذا الشهر كما تخلصت انجلو امريكان من وحدة صناعة الصلب المتعثرة التي كانت تابعة لها وتخطط لبيع حصتها في شركة التعدين انجلو - جولد اشانتي. وقد أسفرت عملية إعادة الهيكلة عن تحسين هوامش وعوائد انجلو امريكان ورفعت سعر اسهمها بمعدل يفوق اسعار اسهم الشركات المنافسة خلال العام الماضي ومع ذلك فلايزال هناك الكثير الذي يتعين فعله، فأكبر شركتين منافستين لانجلو أمريكان وهما BHP بيليتون وريو تينتو تتمتعان بهوامش وعوائد أكبر بفضل خطط خفض التكاليف التي تقومان بتنفيذها وهو أمر لم تجربه انجلو امريكان من قبل. وتتساءل مجلة "الايكونوميست" هل تستطيع السيدة كارول أن تصقل اداء انجلو أمريكان وترد قائلة ان كارول ليست من خبراء المناجم ولكنها تتحدث بلغتهم لانها حاصلة علي شهادة عليا في الجيولوجيا كما قضت حياتها العملية في أعمال مشابهة بادئة بشركة البترول اموكو ثم شركة الكان التي كانت تدير نشاطها التعديني وقد نجحت كارول في تحسين انتاجية الكان ودمج الشركة المنافسة بيتشيني فيها عن جدارة محققة وفورات كبيرة. وقد بدأت كارول مسيرتها الاصلاحية في انجلو امريكان بعقد عدد من صفقات الاكتساب حيث اشترت حصة في مشروع لخام الحديد في البرازيل وحصة في مينشكويلاي لخام النحاس في بيرو ورصدت 7 مليارات دولار لشراء مشروعات أخري الي جانب 10- 15 مليار مازالت تدرس تخصيصها لنفس الغرض وتعمل السيدة كارول ايضا علي زيادة انتاجية العمال وتطوير الإدارة والاستغناء عن جزء من عناصر بيروقراطية الشركة وهي تحاول ان تدفع أقسام انجلو المختلفة الي تبادل الخبرات بهدف خفض التكاليف أو زيادة الانتاج ووعدت بتشجيع الابتكار خاصة في مجال أمان العاملين وهو أمر كانت تعاني انجلو من نقص خطير فيه ويضاف إلي كل ما تقدم حرصها علي القيام بحملة للعلاقات العامة تستهدف تحسين علاقة الشركة مع حكومة جنوب افريقيا من أجل تسهيل عملها ومشروعاتها هناك الي جانب تحسين العلاقات مع المجتمع المحلي بوجه عام بالاسهام في مشروعات علاج الافارقة من الايدز وبعض الامراض المتوطنة الاخري. وقد شاركت السيدة كارول منذ أسابيع في رئاسة المنتدي الاقتصادي العالمي حول افريقيا وقدمت نفسها كشريك جيد لكل الأطراف والامر المؤكد ان تفاؤل العاملين بقدومها لرئاسة الشركة قد لا يستمر طويلا إلا إذا دعمته الانجازات وها هو ما تعرفه السيدة كارول عن يقين.