تسعي الحكومة بعزيمة صادقة إلي إيجاد حلول لمشكلات الإدارة الحكومية المترتبة علي احياء التنمية المجتمعية والمؤشر الدولي للحكومات أصبح يقاس بقدر كفاءة الجهاز الإداري للدول وقدرته علي القيام برسالته الأساسية في تقديم خدمات متميزة للمواطنين وتهيئة بيئة مواتية لنمو الاستثمار. فالجهاز الحكومي في كل دولة بات الواجهة الحقيقية لاجتذاب الاستثمارات. لقد تغير دور "الدولة" في العصر الحديث وبالتالي أعيد تعريف دور الحكومات. صارت رسالة الحكومة هي خدمة المواطنين. إن عبارة خدمة المواطنين هي في تقديري جوهر القضية المعني بها د. أحمد درويش وزير التنمية الإدارية. نعم ان مصر بحاجة شديدة للتنمية خصوصا "الإدارية". فالإدارة قضية مصر رقم واحد. والإدارة هي صانعة الحضارة. وباختصار فإن الأهم عند الناس هو رفع أداء الجهاز الإداري للدولة. في ألمانيا مثلا تركيب تليفون لمواطن ألماني، سريع الاستجابة قليل الأوراق. ويتم التركيب "ln no time" ولكن تركيب تليفون في مصر، يستغرق وقتا غير قليل. في امستردام بهولندا يعيش المواطن الهولندي في مكان صحي ونظيف وربما مكيف. في مصر، ذهبت بالصدفة بنفسي إلي إدارة شبكات الكهرباء بالإسكندرية ووجدت المدير يجلس علي كرسي "مخلع" وعلي وشك أن يقع لولا أنه يحافظ علي توازنه! سألته: لماذا لا تطلب كرسيا جديدا؟ قال: موضوع عاوز اجراءات! قلت: هات نجار يصلحه قبل ما تقع وتروح لطبيب عظام. قال: ممكن أتعرض لمؤاخذة لأني صلحت بدون إذن. والكرسي عهدة! هنا توقفت عند "المكان" الذي يمارس فيه موظف الدولة العمل وتقديم الخدمات، مؤكدا أن وجود موظف الدولة في مكان خطأ وفي وضع خطأ يجعله متربصا بالجمهور القادم له الطامح في أداء محترم للخدمات. والنجاح الحقيقي في ذهن د. أحمد درويش للجهاز الحكومي في أداء رسالته علي الموظف القادر علي القيام بمسئولياته في خدمة المواطن. ولكن كيف..؟ ذلك كما اجتهد.. بالارتقاء بالموظف العام وتحسين اوضاعه المادية والأدبية وحل مشكلاته الوظيفية مع الحرص الشديد علي زيادة الأجور سنويا علي أن تكون الاستفادة للموظف محدود الدخل. هنا يتواري الازدحام والتكدس والزحام و"الرشوة" من أجل خدمة أفضل!! جميل أن تقام حلقات تنافسية في الإدارات وبين 800 مدير وقيادة لاختيار الأكفأ. وصحيح أن المسابقات هي إحدي آليات التحفيز لرفع الكفاءة. ولكن الأهم: ان تحصي كل وزارة والهيئات والإدارات التي تتبعها وتسهل سير الأوراق "جغرافيا" بهدف تثبيت مواقع الخدمات. ان تحدد الحالات الصارخة من الموظفين، حتي تستقيم المعادلة بدلا من مرارة تسكن الصدور وتسخر من طموحات درويش من أجل جهاز إداري محترم وحضاري. إن الموظف الصغير وليس المدير الكبير هو "النقاية اللي تسند الزير!"