خرج قطار الاقتصاد الأمريكي عن القضبان في الربع الأول من العام الحالي ولكنه سرعان ما عاد إلي مساره مرة أخري ويعتقد معظم خبراء وول ستريت ان ما حدث في الربع الأول كان مجرد كبوة صغيرة وليس توقفا ممتدا وتقول مجلة "الايكونوميست" ان معدل النمو الامريكي لم يتجاوز 0.6% سنويا في الأشهر الثلاثة الأولي من العام الحالي ولكن الأرقام التي أعلنت أخيرا عن الأاء الاقتصادي في الربع الثاني تقطع بأن الاقتصاد الأمريكي قد عادت إليه صحوته وان كانت صحوة محدودة حتي الآن. فالأرقام تقول بان الزيادة في الوظائف قوية وان قطاع الصناعات التحويلية يصلح نفسه وحتي سوق الاسكان المضطرب يطلق اشارات تؤكد انه مازال علي قيد الحياة ومن هنا فإن معظم الخبراء يتوقعون أن يكون معدل نمو الاقتصاد الأمريكي في الربع الثاني من العام الحالي في حدود 2.5% سنويا أو أكثر. وعموما فإن أسواق المال تسودها مشاعر مختلطة بشأن احتمال استمرار هذه القوة ويرجع ذلك إلي الانخفاض الحاد الذي لحق بأسعار الأسهم في البورصة يومي 5 و6 يونية الماضي نتيجة شعور المستثمرين بان النمو القوي يخفض من احتمالات اجراء المزيد من الخفض لأسعار الفائدة وقد لوحظ أن أسعار الفائدة علي سندات الخزانة الأمريكية التي تبلغ مدتها عشر سنوات قد ارتفعت لتزيد علي 5% سنويا يوم السابع من يونية. وهذه المشاعر المختلطة يمكن أن تكون مبررة علي المدي القصير لأن الاقتصاد الأمريكي خارج لتوه من كبوة الربع الأول وهي كبوة سببها يرجع بالأساس إلي عوامل مؤقتة بطبيعتها فتآكل أسعار المساكن أدي إلي انخفاض معدل النمو تماما مثلما حدث في العام الماضي ولكن الشركات ايضا خفضت عدد اسهمها المتداولة والصادرات انخفضت والانفاق الحكومي تباطأ وهذه الانتكاسات مرشحة لأن تتغير بسرعة الي النقيض وعلي سبيل المثال فإن المخزونات قد قلت كما أن انتعاش الاقتصاد العالمي يمكن أن يدفع الصادرات الأمريكية الي الزيادة واكثر من ذلك فإن النظر الي المستقبل يوضح ان الحذر الزائد ليس له ما يبرره ونحن نعرف أن اضطراب سوق الاسكان ليس ظاهرة جديدة وان الركود فيه لايزال مستمرا فرغم زيادة مبيعات المساكن الجديدة نجد ان مبيعات المساكن القديمة قد انخفضت بشدة كما انخفض أيضا عدد تصاريح أو تراخيص البناء الجديدة وهذه عناصر تشير الي احتمال حدوث مزيد من الانخفاض في الطلب، كما تشير الي ان تعافي سوق المساكن لن يحدث بسرعة علي الرغم من ان سرعة تراجع هذا السوق سوف تقل وعموما فان اختلاف المعايير المستخدمة في تقدير مدي قوة أو ضعف سوق المساكن يؤدي الي وجود هذه المشاعر المختلطة لدي المستثمرين ويجعل من الصعب القطع بما يمكن ان يحدث لمعدل النمو الاقتصادي الأمريكي خلال النصف الثاني من العام الحالي. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان بعض المؤشرات تقول بانخفاض اسعار المساكن في حين تقول مؤشرات اخري ان اسعار المساكن لم تنخفض وانما هي علي العكس زادت وهناك من يري ان الانخفاض يقتصر علي أسعار المساكن الفاخرة خاصة في ولايات مثل كاليفورنيا والأرجح علي أية حال هو ما يوضحه المؤشر القومي S&P كيس -شيللر الذي يؤكد انخفاض اسعار المساكن عموما بنسبة صغيرة لا تتجاوز 1.4% في العام الأخير وهو أول انخفاض يسجله هذا المؤشر القومي الأمريكي المهم منذ عام 1991 وبناء علي ذلك يعتقد كثير من المستثمرين ان اسعار المساكن سوف تتجه إلي مزيد من الانخفاض ولكن المسألة المهمة هنا هي إلي أي مدي سيؤثر هذا الانخفاض في أسعار المساكن علي انفاق المستهلكين؟ حتي من المرجح أن يكون تأثيره محدودا ففي الربع الأول من العام الحالي زاد انفاق المستهلكين بنسبة 4.4% وهي نسبة عالية وخلاصة القول ان صحوة الاقتصاد الأمريكي في الربع الثاني قد تستمر في حدودها المنخفضة ولكنها لن تتحول أبدا إلي انتعاش كبير في النصف الثاني من العام الراهن.