هل مات قطاع النقل البحري المصري إكلينيكيا؟ سؤال يطرح نفسه في ظل المعوقات والتحديات التي تواجه ذلك القطاع الحيوي والارقام تؤكد ان الدول المتقدمة تمتلك 95% من الحمولة المنقولة علي مستوي العالم وينخفض نصيب الدول النامية الي 5% فقط من هذه النسبة. والواقع يؤكد ان 75% من السفن في الاسطول المصري انتهي عمرها الافتراضي ويمتد عمرها لاكثر من ربع قرن اما السفن التي يبلغ عمرها اقل من 10 سنوات يبلغ عددها 96 سفينة فقط. "الاسبوعي" ناقش خبراء الاقتصاد واعلامه في التحديات التي تواجه قطاع النقل البحري المصري في ظل التراجع المخيف لدوره حيث ان 75% من صادراتنا ووارداتنا تحملها سفن اجنبية حيث يؤكد الخبراء ان القطاع مات اكلينيكيا ويحتاج الي فكر جديد واستثمارات ضخمة حتي نعيد اليه الحياة مع ضرورة الاتجاه الي بناء اسطول عربي وربط استراتيجية التصنيع بالنقل البحري. يري د. عبدالرحمن جاب الله استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان هناك حالة من الصمت والاستسلام غير المبرر للحالة المزرية التي وصل اليها النقل البحري المصري. اضاف ان المشكلة لا تتعلق الان بمصر فقط بل تمتد الي مشكلة اقليمية في المنطقة العربية والتي لم تفكر إلي الان في الثروة الهائلة التي تمتلكها الدول العربية وسيطرتها علي اهم المعابر في العالم ومع ذلك لم تفكر في ازالة الجدران والمعوقات التي تحيط بها فالملاحة العربية عموماً تمتلك سفناً ملاحية قليلة جداً وحمولات لا تذكر لاتتجاوز 15 مليون طن خلال السنوات الاخيرة وتقسم هذه المحفظة علي قطاعات مختلفة يتصدرها البترول بنسبة 70% من هذه النسبة تليها البضائع العامة ثم الحاويات. اشار جاب الله الي الازمة التي ضربت النقل البحري المصري بدأت تلوح بوادرها في الافق منذ عام 1976 منذ ارتفاع اسعار الحديد المستخدم في تصنيع هذه السفن ثم البترول والذي اخذت اسعاره تتزايد بمتوالية هندسية ثم مرحلة انهيار الشركات الثلاث العملاقة في النقل البحري منها اورابيا والفرعونية. الاسكندرية والتي اعتمدت في بداية انشائها علي القروض والتي ادت الي زيادة تعثرها ثم انهيارها في النهاية. حلول غير منطقية اوضح جاب الله ان الاصوات التي تتصاعد مطالبة بضرورة ترميم السفن المتهالكة هي غير منطقية!! لان الحل هو ايجاد صيغة جديدة غير تقليدية لضخ استثمارات جديدة في هذا القطاع العملاق وانشاء اسطول ضخم عربي مشترك لإيجاد مصدر للقوة والاستقلالية الاقتصادية التي تسعي الدول الغربية دائماً الي وأدها عن طريق ترسيخ التبعية وتدعيم السيطرة الاقتصادية علي البلدان العربية والتي تمتلك اكبر معابر في العالم وذلك لن يتأتي الا من خلال تبني استراتيجية تدعم توفير الاستثمارات الخاصة بالنقل البحري والموانئ والنقل المتعدد الوسائط. اشار الي ان الموانئ العربية عموما لم تتطور بما فيه الكفاية لمواكبة التغيرات التي يشهدها العالم في ظل الحاجة الملحة الي اقامة تكتل رأسمالي ضخم عربي يحقق الحلم المنتظر. اضاف د. عبدالرحمن جاب الله ان الامر يصبح اكثر خطورة عندما تكون دولة صافية الاستيراد وتستورد 50% من احتياجاتنا من الحبوب والتي تحملها سفن اجنبية لنا فالامر الان اكثر ارتباطاً باستخدام الورقة الاقتصادية عوضا عن الآلة العسكرية. ويري الربان عاطف ماروني الرئيس السابق للشركة القابضة للنقل البحري والبري ان الحديث عن اسطول نقل بحري مصري حلم جميل لابد ان يقترن بالواقع فنحن نتحدث عن تجارة مصرية لا تمثل سوي 3 من الالف لاجمالي التجارة العالمية بمعني اننا لسنا مؤثرين في التجارة العالمية. صراع ضخم اشار الي ان خريطة النقل البحري العالمية تشير الي صراع ضخم من قبل جميع الدول للحصول علي نصيبها من الكعكة تأتي في مقدمتها الصين والهند وكوريا واليابان فأين نحن الان من هذا؟! اضاف ماروني ان النصيب الاكبر من هذه الكعكة يسيطر عليها ثلاث نقاط اساسية وهي دول تمتلك التكنولوجيا واخري تمتلك الصلب والثالثة تملك الايدي العاملة وهي تصب في محيط الدول العظمي والتي تسيطر علي 95% من نصيب النقل العالمي تاركة لنا 4% بجميع الدول النامية فالامر الان يتطلب وجود استراتيجية واضحة المعالم لتحقيق بناء الاسطول المصري الحقيقي. ومن جانبه يري مجدي البنداري مستثمر في احدي شركات النقل البحري ان قضية وجود اسطول مصري حقيقي بالمعني المألوف يحيطه الكثير من المعوقات اهمها رأس المال الضخم جدا كذلك فإن الاستثمار في هذا القطاع يخضع لنوعية الاستثمار طويل الاجل وبالتالي فإن هناك عزوفا عن الاقبال عليه. اضاف البنداري أن المخيب للآمال هو رفض البنوك تمويل الاستثمار في النقل البحري بدعوي ارتفاع نسبة المخاطرة فيها. اما ايمن السماك عضو لجنة النقل لجمعية شباب رجال الاعمال فيري اننا لابد ان نمتلك نظرة اكثر شمولية فلابد عند نظرتنا لانشاء اسطول نقل بحري مصري ان نخرج بهذه النظرة الي اطار اكثر واقعية بعيداً عن الوطنية. فالمطالب المتعلقة بهذا الشأن كانت صحيحة وصالحة في الستينيات اما الان فنحن نعيش في ظل الانفتاح الاقتصادي فهناك فرص متاحة للاستثمار المحلي والاجنبي علي حد سواء ولكن من حق الشركات ان تختار نقل بضائعها علي السفن الاكثر امنا والاكثر جدوي اقتصادية فالامر الان يخضع للسوق الحر والبقاء فيه سيكون للاكثر فعالية. وشدد السماك علي ضرورة تبني استراتيجية فاعلة تهدف الي تطوير الموانئ وربط التصنيع بالنقل البحري لاستحداث منظومة جيدة تواكب الاقتصاد الحر. قصور وتفاؤل اما د. ايمن فرج الباحث الاقتصادي بجامعة القاهرة فيري ان الاستثمار في النقل البحري في مصر محاط بالعديد من المعوقات ابرزها نقص العمالة المدربة ونقص التمويل اللازمة وعدم وجود رؤية واضحة المعالم لاحياء هذه الصناعة الا ان هذا مرهونا بالتخلص من سياسات الفهلوة التي تحكم القطاع الان مثل فنون ضرب شهادات الصلاحية وتحميل السفن بكم اكبر من البضائع لايخضع للقوانين فالامر الأن يتعلق بسلوك المستثمر والذي من الضروري ان يصبح اكثر عقلانية ويخضع للاسس الاقتصادية سليمة بدلاً من اللاعب وراء الكواليس من خلال التزوير وفبركة صيانة السفن وتكهين السفن الصالحة لتحقيق ارابح علي حساب الصناعة.