في ظل زيادة حجم التنافس الاقتصادي بين الدول والشركات الكبري صارت عملية التجسس الاقتصادي إحدي سمات العصر الحالي وإحدي أدوات الحروب الاقتصادية بحيث لم يقتصر مفهوم التجسس علي الجوانب الأمنية والعسكرية فقط بل شمل الشئون الاقتصادية والتجارية أيضا من خلال الحصول علي المعلومات والبيانات الخاصة ومعرفة نقاط الضعف والقوي في هذه الاقتصاديات كما أن الشركات المتنافسة تستخدمه لضرب بعضها بعضاً والحصول علي مكاسب كثيرة وأكد الخبراء الاقتصاديون علي أن زيادة حجم التجسس الاقتصادي سيزداد مستقبلا مع انتشار الشركات والمؤسسات الاقتصادية العملاقة والتي أصبحت ميزانياتها تفوق ميزانيات بعض الدول ومطالبين بوضع برامج حماية للحد من تسرب المعلومات ومكافحة التجسس الاقتصادي. وأشاروا إلي أن مستقبل العالم في السنوات القادمة سيتوقف علي عبقرية الجواسيس ورجال الأعمال واتقانهم جاسوسية عالم الاقتصاد. وشددوا علي ضرورة الحذر وتوفير وسائل الحماية والأجهزة الالكترونية لكشف عمليات التجسس المضادة. وفي البداية يؤكد اللواء جمال مظلوم مستشار مركز الخليج للدراسات السياسية والاستراتيجية علي أن التجسس وجمع المعلومات الاقتصادية صار أبرز مهام أجهزة المخابرات للدول تجاه الدول الأخري وخاصة مع ابتعاد شبح الحروب العسكرية. وأشار إلي أن التجسس الاقتصادي أصبح قضية مسلماً بها فإسرائيل تعرف الكثير عن اقتصاديات الدول العربية فمثلا نجدها نتطرح مشروعات اقتصادية يتضح من خلالها كم المعلومات التي لديها وهي في ذات الوقت تسعي جاهدة لإضعاف اقتصاديات هذه الدول العربية ومحاربتها في أسواقها الخارجية ومعرفة أسرار الاتفاقيات والبروتوكولات الاقتصادية لتكون بدلا مطروحاً لهذه الدول. ويضيف مظلوم أن التجسس الاقتصادي علي دولة يأتي بهدف التخريب أو لمعرفة حجم القوة الاقتصادية لتلك الدولة استعدادا لأي حرب عسكرية واليوم نري أن رؤساء دول بذاتها تقوم بالترويج لأسلحتها العسكرية في العالم "الثالث" ولذلك فهذه الزيارات يهتم بها الجواسيس لمعرفة أهداف وأسرار هذه الزيارة ونوع السلاح المعروض. وأضاف مظلوم أن هناك نوعا آخر للتجسس الاقتصادي وهو تجسس الشركات والمؤسسات الاقتصادية علي بعضها البعض وازدادت هذه النوعية من التجسس كما يقول جمال مظلوم مع انتشار الشركات والمؤسسات العملاقة والتي أصبحت ميزانياتها تفوق ميزانيات الدول وهي عمليات تهدف لسرقة الابحاث العلمية المتطورة أو المشروعات الخاصة بتحقيق معدلات نمو في المجالات الاقتصادية الحيوية وغير ذلك. ويؤكد مظلوم علي أن المستقبل الاقتصادي للدول في السنوات القادمة سوف يتوقف علي عبقرية الجواسيس المتخصصين في المجال الاقتصادي أكثر وشدد علي أهمية الحذر ونشر وتعميق الوعي لدي العاملين في الشركات والأجهزة الحساسة بالدولة وتوفير الاجهزة الالكترونية التي تستطيع كشف عمليات التجسس وتأمين وسائل الاتصال المختلفة بالمؤسسة. ضربات موجعة أما د.حمدي عبدالعظيم عميد أكاديمية السادات السابق فأشار إلي أن التجسس الاقتصادي هو الاتجاه الحالي في ظل شدة المنافسة بين الشركات الكبري ومتعددة الجنسيات حيث إن هذه الشركات دائما ما تتنافس للفوز بعطاءات ومناقصات عالمية وتلجأ إلي التجسس علي بعضها البعض للحصول علي معلومات تفيدها وتضرب بها المنافس. مشيرا إلي أن هذه الشركات تسعي لمعرفة أسرار النجاح ونقاط الضعف والقوة في الشركات المنافسة من أجل التفوق عليها والاستفادة من أخطائها. ويؤكد علي أن رجال الأعمال يقومون بالتجسس علي بعضهم للحصول علي بيانات ومعلومات تساعدهم في التخلص من منافسيهم في السوق وذلك من خلال معرفة خططهم ومستوي الكوادر البشرية لديهم واستقطابها واضعاف نقاط القوي وذلك في إطار عمليات مخططة. ويضيف عبدالعظيم أن هناك الجاسوسية الاقتصادية للحكومات وعلي الدول المعادية سياسيا والتي تهدف إلي ضرب اقتصادها وتدمير القطاعات الحيوية في اقتصاديات تلك الدول سواء في مجال الزراعة والصناعة والصحة والبنية الاساسية لها ومحاولة تعطيل المشروعات الكبري بها. ويؤكد علي أن التجسس الاقتصادي مرحلة تمهيدية لحرب عسكرية وهو منهج طويل الأجل يستغرق فترة زمنية طويلة ويظهر ذلك واضحا من التجربة الأمريكية وتجسسها الاقتصادي علي الاتحاد السوفيتي السابق والتي نجحت في تنفيذ ضربات موجعة للاقتصاد السوفيتي بما ساعد علي انهيار وتفتت الاتحاد السوفيتي.