د. محمد الباز في رحلتنا مع الثروة وخريطتها التي تحتوي علي أحد عشر دربا ومسلكا وجدنا أول هذه الدروب والمسالك هي "ثروة الفكر" ونحن نعلم العبارة الشهيرة "فقر الفكر وفكر الفقر" نعم هناك نوع من الفكر يمثل فقرا ولا يمكن أن يوصل إلي ثروة هو نوع من الفكر يورث فقرا وتخلفا ويؤدي إلي التراجع وفي نفس الوقت يوجد نوع من الفكر يورث ثروة وتقدما ويؤدي إلي النهضة والنمو الخلاق وعندما نعرف أن المخ يحتوي علي 10 ملايين خلية عصبية - عشرة ملايين - كل واحدة منها قادرة علي التفاعل مع المئات أو الآلاف من الخلايا الأخري.. وعندما نعرف أن الوصلات العصبية التي تربط بين الخلايا يقدر طولها بحوالي 150 ألف كيلو متر من الأسلاك فإن ذلك هو مصدر الثروة الحقيقية غير أنه عندما نقارن بين امكانيات المخ البشري وبين المستخدم منه بالنقل فسوف نندهش عندما نعلم أن التقديرات الخاصة بنسبة المستغل من امكانيات المخ لا تتجاوز 10% - عشرة في المئة - وقد لا تتجاوز واحد من عشرة في المئة أحيانا والثابت أن امكانيات المخ تفوق بكثير ما هو مستخدم منها ويلعب نظام التعليم دورا بالغ الأثر ما بين تطوير العقل لزيادة القدرة علي استخدام امكانياته أو القضاء علي تلك القدرة. فبينما يحسن نظام التعليم الجيد من قدرتنا علي جمع ومعالجة المعارف المختلفة فإن نظام التعليم غير الجيد يفعل عكس ذلك تماما. والعقل يحتوي علي نظام هائل من الوظائف والامكانيات اهتم "بريان كليج" الصحفي والذي يعمل أيضا كمستشار في مجال الابداع اهتم في كتابه عن إدارة العقل بثلاثة مجالات أساسية منها هي المعرفة والذاكرة والابداع والتي يمثل كل واحد منها جانبا محددا في إدارة العقل وتعرض في كتابه لمدي كفاءتك في انشاء مخزن المعارف الخاص بك؟ ومدي قدرتك علي الاستفادة منه؟ ومدي قوة ذاكرتك؟ وهل من السهل أو الممكن أن تكون مبدعا؟ وعلاقة ذلك كله بالوعي واللاوعي. وقد أوضح عالم النفس GUY CLAXTON أننا تعودنا علي التركيز علي الوعي والخطوات التدريجية للتقليد في حين ان اللاوعي أيضا يمكن الاستفادة منه من خلال تدريبات معينة سنعرض لها لاحقا وإذا كان لنا أن نركز علي المثلث الذي أشرنا إليه وهو المعرفة، الذاكرة، الابداع والتي سنطلق عليه مثلث الفكر فإن علينا في البداية أن نتفحص الضلع الأول فيه وهو المعرفة فماذا نقصد بالمعرفة؟ إن هذا السؤال رغم أهميته فإنه سؤال خادع إلي حد بعيد ولكي نتوصل إلي اجابة شافية في شأن ما هية المعرفة علينا أن نتأمل المثلث التالي: المعرفة المعلومات البيانات فهذا المثلث يحتوي علي ثلاثة مستويات المستوي الأول يتعلق بالبيانات DATA وهي مجموعة من الحقائق الخالية من أي تأويل فعلي سبيل المثال نتيجة مباراة كرة قدم بين فريقين هي مجرد بيان لا يحمل أي تأويل أو تحليل أما المستوي الثاني فهو المعلومات "INFORMATION" وهي اتحاد البيانات والتحليل الذي يعالج تلك البيانات م ل تعليق علي نتيجة مبارة كرة القدم التي أشرنا إليها يوضح لماذا جاءت النتيجة علي النحو الذي انتهت إليه المباراة. والمستوي الثالث هو المعرفة "KNOWLEDGE" وهي مزيج من البيانات والمعلومات والعناصر الفعالة في عقل وتفكير الفرد الخبرة والتفكير المنطقي وتفاعلها مع الظروف والأوضاع لتحويل المعلومات إلي معرفة والتي تعتبر هي - أي المعرفة - طوق النجاة الذي نسعي جميعا خلفه.. والحديث متواصل بمشيئة الله لنتعرف علي كيفية إدارة المعرفة.