رسالة الكويت - مصطفي عبد السلام: أسواق المال الخليجية لا تتحدث الآن سوي عن موضع واحد وهو القرار الكويتي المفاجئ بفك الارتباط بين الدينار الكويتي والدولار الأمريكي وربط العملة بسلة عملات تضم الي جانب الدولار عملات رئيسية أخري علي رأسها الجنيه الاسترليني واليورو الأوروبي والين الياباني والفرنك السويسري. المستثمرون الخليجيون والمحللون الماليون داخل هذه الاسواق يطرحون سؤالا واحدا لم يجد الكثيرون منهم اجابة مقنعة له حتي الآن وهو: ما مغزي القرار الكويتي؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ وهل أستأذنت الكويت الولاياتالمتحدة الحليف القوي لها في هذه الخطوة الحساسة التي قد تجلب لها بعض المصاعب المستقبلية؟ بل إن بعض المحللين ذهبوا بالأسئلة لأبعد من ذلك حينما طرحوا سؤالا هو: وماذا بعد؟ والسؤال يعني ببساطة: ما الخطوة القادمة التي ستقدم عليها الكويت؟ هل تتوقف خطوتها عند فك ارتباط عملتها الوطنية بالعملة الأمريكية؟ أم ستمتد لأبعد من ذلك؟ وهل يمكن ان تتخذ الكويت قرارا في القريب العاجل بالتخلي عن الدولار في تكوين احتياطياتها الدولية من النقد الاجنبي والبالغة نحو 21.5 مليار دولار وبالتالي تكرر تجربة عدد من البلدان الاخري بما فيها مصر والتي أقدمت علي تنويع احتياطياتها وتكوين سلة عملات رئيسية أم أن الأمر يتوقف عند فك الارتباط بين عملتها والدولار؟ بل ان البعض ذهب في الأسئلة لأبعد من ذلك حينما سأل عن امكانية قيام الكويت بتسعير بترولها المصدر للأسواق العالمية باليورو وليس بالدولار وذلك علي غرار الخطوات التي اقدمت عليها بعض البلدان المعادية للولايات المتحدة مثل ايران؟ غموض شديد ولم تتوقف الأسئلة عند هذا الحد حيث ان محللين خليجيين تساءلوا عن مصير العملة الخليجية الموحدة والاتحاد النقدي المقرر اطلاقه في عام 2010 في ظل الخطوة التي أقدمت عليها الكويت الأسبوع الماضي وفاجأت بها أسواق المال الخليجية. ولم يتوقف المحللون عند طرح هذا السؤال حيث إن العديد منهم اكدوا ان هناك حالة غموض شديدة تكتنف مستقبل العملة العربية الموحدة خاصة وان بلدانا خليجية أعلنت صراحة معارضتها لهذه العملة وعدم الانضمام لها ويأتي علي رأس هذه البلدان سلطنة عمان وعلي الرغم من أن عدة دولة خليجية علي رأسها السعودية والامارات والكويت أعلنت تمسكها بالانضمام لهذه العملة والعمل بشكل جاد لاطلاقها في الموعد المحدد لها، إلا أنه في المقابل شكك مسئولون وخبراء بهذه الدول من امكانية اطلاق هذه العملة في عام 2010 خاصة في ظل التطورات الأخيرة. من بين هؤلاء سعيد الشيخ كبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي التجاري السعودي الذي وصف القرار الكويتي بانه خطوة للوراء وتوقع ان تتبع هذه الخطوات خطوات مماثلة من بلدان خليجية اخري علي رأسها قطر والامارات وبرر ذلك بأسباب اقتصادية بحتة علي رأسها ارتفاع التضخم بهذه الدول لمعدلات غير مسبوقة خلال الشهور الماضية وهو الأمر الذي لم تتعوده اسواق هذه البلدان التي شهدت معدلات تضخم متدنية طوال السنوات الثلاثين الماضية. ويبدو انه التضخم سيلعب دورا مهما في نسف مشروع العملة الخليجية الموحدة إذ ان هناك توقعات قوية بمواصلة معدلات التضخم لارتفاعاتها داخل هذه الدول في الفترة المقبلة خاصة مع توافر سيولة مالية ضخمة ناجمة عن ارتفاع اسعار النفط ومواصلة هذه الأسعار لارتفاعاتها خلال السنوات العشر القادمة كما ان قطاعات رئيسية علي رأسها العقارات والبورصات ستتأثر سلبا بمعدلات التضخم المرتفعة حيث ستواصل الأسعار بهذه القطاعات زيادتها وهو ما قد يؤثر سلبا علي الاقتصاد الكلي. وعلي الرغم من أن البعض ينظر لقرار سلطنة عمان الانسحاب من الاتحاد النقدي الخليجي بمنظور تآمري نابع من وجود مؤامرة علي المشروع الخليجي، إلا أن حمود بن ستجود الرئيس التنفيذي لبنك عمان المركزي أكد أن هناك اسبابا اقتصادية بحتة وراء القرار وان السلطنة غير مستعدة للانضمام للعملة الموحدة بحلول عام 2010 لاسباب اقتصادية بحتة.