د. محمد الباز هل للثروة رحلة؟ وماذا تعني بها؟ نعم للثروة رحلة تقطعها من المنبع إلي المصب.. فبالنسبة للفرد فإن تلك الرحلة قد تبدأ من ميراث آل إليه أو من عمل يقوم به يحقق له دخلا أو من اختراع اهتدي إليه.. المصادر متعددة وبالنسبة للأمة أو المجتمع فإن العملية قد تكون من ثروات طبيعية توافرت له كالبترول أو المعادن أو غيرهما من الموارد الطبيعية.. وقد تكون من صناعات عملاقة تحول الخامات التي في الطبيعة إلي منتجات مفيدة كالسيارات والطائرات وغيرها من السلع الضرورية لحياة الإنسان ورفاهيته أو قد تكون من خدمات مهنية أو فنية أو مالية أو غيرها من أنواع الخدمات، أي إن المصادر هنا دوما متعددة كذلك ولكن السؤال سواء علي مستوي الفرد أو علي مستوي الأمة أي تلك المصادر المتعددة هي الأكثر إنتاجا للثروة؟ وأين تكمن الآن ثروة الأمم؟ لقد قطعت الثروة رحلة طويلة عبر الزمن لكي تصل بنا إلي معادلة مختلفة يمكن وصفها علي النحو الاتي: 1 - العلم 2 - أصول بشرية 3 - أصول معرفية 4 - ثروة حقيقية 5 - قوة ويعني ذلك أن الثروة أصبحت مصدر القوة إذا استندت في عالم اليوم إلي منظومة تبدأ من التعليم المتميز الذي يتولد عنه أصول بشرية مبدعة التي تؤدي بدورها إلي تراكم الأصول المعرفية في مختلف المجالات والتي تخلق الثروة التي تعطي القوة والتي بها تزداد فاعلية العلم وهكذا في دائرة مستمرة تجعل من العلم ثروة ومن الثروة قوة، كل يغذي بعضه بعضا في مسيرة منتظمة ومتواصلة ومستدامة.. وتجارب الدول ماثلة أمامنا ورحلة النهضة التي قطعتها البشرية كتاب مفتوح يتبدي لنا يشير بكل وضوح إلي صدق تلك المعادلة: تعليم - بشر - معرفة - ثروة - قوة. إن رحلة الدول وثروة الأمم أصبحت علي هذا النحو وليس هناك مسارات بديلة، لقد تحققت الآن ثروة الأمم بذلك ومن خلال ذلك، كما أنه علي مستوي الأفراد أصبحت نفس المعادلة قائمة ومتحققة. تعليم - معرفة - استخدام - ثروة - قوة .. نعم أيها السادة هي رحلة الملايين والمليارات وما هو أكثر من ذلك بكثير، إنها رحلة الثروة والقوة الحقيقية في عالم اليوم. اما إذا تولدت الثروة عن غير هذا الطريق فيمكن أن نطلق عليها شيئا آخر غير أنها ثروة.. نحن نتحدث هنا عن الثروة الحقيقية. وللحديث بقية بمشيئة الله.