من ينظر إلي خريطة العالم السياسية سيجد العجب المستمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، سيجد أننا في منطقتنا العربية نملك مشاعر الحب النادر للأمريكيين، بينما تضع أمريكا قلبها ومشاعرها بعيدا عنا، فهي من قبل وجود إسرائيل كانت تضع قلبها في محبة بلا حدود لإيران أيام الشاه، ثم ازداد الحب ولها عندما قامت دولة إسرائيل، وحين طرد الشعب الإيراني شاه إيران جاء إلينا لنحتضنه نحن إلي أن لفظ أنفاسه، وبقي الحب الأمريكي لإسرائيل في حالة اشتعال متجدد، بينما نحن لا نلقي من الولاياتالمتحدة إلا كل صد وكل هجر، حتي جمال عبد الناصر الذي أراد أن ينال من الغرب - خصوصا الولاياتالمتحدة كان يحب الولاياتالمتحدة، ولكنها الولاياتالمتحدة رفضت الحب المتساوي، ولذلك حاول عبد الناصر أن يعاقب الولاياتالمتحدة طوال أحد عشر عاما بالهجر والابتعاد والاقتراب من الإتحاد السوفيتي أي في الفترة من عام 1959 وحتي قبوله لمبادرة روجرز في أواخر الستينيات. وبطبيعة الحال كانت أمريكا تعطف وتندمج مع اسرائيل ضد العرب أجمعين، وشاءت الظروف أن يستوعب انور السادات كل تفاصيل ما تريده الولاياتالمتحدة وكل تفاصيل ما يحلم به العرب، فقد انتصر في الحرب عام 1973 وحاول صناعة السلاح بعد حرب اكتوبر، ولكن السلام هو الذي بقي مستقراً بين مصر وإسرائيل أما حكاية تصنيع السلاح كما كان يحلم به الرئيس السادات فلم يسر في الطريق الذي أراده، لأن الخلافات العربية العربية انفجرت، وجاءت الثورة الإيرانية لتقلب الميزان، وهكذا أصبحت أمريكا أمام صداقة عميقة مع العالم العربي بشرط أن يحقق العرب لها مصالحها، بداية من هزيمة الثورة الإيرانية ومرورا برغبتها في فرض السلام بقوة الجبر والرضوخ بين العرب واسرائيل وتشاء رحلة الأيام أن تنفجر في المنطقة العربية العديد من الانتفاضات، بداية من انتفاضات الفلسطينيين، ونهاية بنجاح الثورة الايرانية في تصنيع السلاح اللازم لمواجهة لا إسرائيل وحدها، ولكن لاقتناص الضعف الامريكي ان ظهر وها هي الأيام تأتي بضعف كل من الامبراطورية الامريكية، وضعف الدولة الاسرائيلية بشكل غير مسبوق، فهل تلتفت الولاياتالمتحدة إلي صيحة رئيسها الأسبق كارتر حين طالب هذا الرجل ساسة الولاياتالمتحدة بضرورة العدل في التوازن العاطفي بين أمريكا والعرب وبين أمريكا وإسرائيل؟ السؤال الذي أطلقه كارتر نال عليه إجابة واحدة هي الهجوم الجارح من قبل أنصار اسرائيل في الولاياتالمتحدة، ولكن الأيام تؤكد ضرورة تعديل مسار العلاقات العربية الأمريكية وذلك كي ينسحب التطرف من قلب الشرق الأوسط. الحب من طرف واحد صار يحمل قبلة الموت للولايات المتحدة في الشرق الأوسط فهل ستعيد النظر في سياساتها؟ أعتقد أنها سوف تفعل مرغمة لصيانة دولة إسرائيل.