جيهان فوزي تجند أعضاء حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية منذ اليوم الأول لتشكيلها في مارس الماضي لتحقيق مهمة أولي عاجلة هي رفع الحصار المالي الذي بدأ بإحداث انهيارات واسعة وجدية في الخدمات الاساسية مثل التعليم والصحة وصلت حد وقف طباعة الكتب المدرسية ووقف النسبة الأكبر من الخدمات الطبية. جولة الرئيس عباس وزير المالية سلام فياض إلي أوروبا وأمريكا لم تسفر عن أكثر من وعد أمريكي بدراسة طلب رفع القيود المالية رغم أن جهود الرئيس عباس وأركان الحكومة في هذه المرحلة تنصب علي مطالبة الادارة الأمريكية برفع القيود علي التحويلات المالية الموجهة إليها ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط علي إسرائيل لتحويل المستحقات المالية المحتجزة والتي تبلغ نحو 60 مليون دولار وهو ما يساوي 70% من عائدات الحكومة. إذن الحالة الاقتصادية الفلسطينية في أسوأ درجاتها والفقر طال كل شيء وحينما يأتي التأكيد من الدول المانحة نفسها بما وصل إليه الحال في الأراضي الفلسطينية فلن يكون هناك قول بعد ذلك حيث كشفت مصادر أوروبية أن التقديرات الرسمية تشير إلي أن العجز في الموازنة الفلسطينية سيبلغ هذا العام 6.1 مليار دولار أمريكي الأمر الذي ينذر بنشوب حرب أهلية ستكون بديلا لحكومة الوحدة الوطنية إذا لم يتم تدارك ذلك وفورا. قد تكون الجهود المبذولة في سبيل كسر الحصار المالي والسياسي عن حكومة الوحدة حققت تقدما ملحوظا رغم بطئها وعدم وضوح نتائجها حتي الآن وربما يكون تلويح الاتحاد الأوروبي بزيادة المساعدة الموجهة إلي أفقر الفلسطينيين هذا العام بأزمة أمل في قلوب الفلسطينيين الذين كسرتهم الفاقة ودمرت عزيمتهم الحاجة. واختلط الفقر بحالة الفلتان الأمني الذي طال كل شيء حتي القيم والعادات والموروثات التي نشأ عليها الشعب الفلسطيني منذ أمد بعيد حتي أن هناك اشارات عدة تؤكد أن خاطفي الصحفي البريطاني جونسون يطالبون السلطة بمبلغ خمسة ملايين دولار لقاء اطلاقه وحادث خطف جونسون بهذه الطريقة يشكل نموذجا لسطوة "امراء الحرب" الذين أنجبتهم حالة الانهيار الكامل للاقتصاد والأمن الفلسطيني. ربما يدرك وزير المالية سلام فياض أن نكوص الدول المانحة وخاصة الولاياتالمتحدة عن حالة الحصار ليس بالأمر السهل فهذه المجموعة تحاول أن تمارس ضغوطها علي الحكومة الفلسطينية بهدف استجابة أوضح وأكثر جرأة لمتطلباتهم السياسية تحديدا كما يدرك أن الدور الاسرائيلي في التأثير علي قرارات هذه المجموعة مازال الأكثر تأثيرا علي قراراتها كما أن حالة الفلتان الأمني المستشرية في الشارع الفلسطيني تشكل سببا اضافيا لتبرير هذه المجموعة موقفها غير المتسامح مع حالة الحصار. وقد يكون جهد وزير المالية متمثلاً في محاولة التخلص من قيود الحصار وفتح ثغرات صغيرة في جداره مستفيدا من خبرته الطويلة في التعامل مع الدول المانحة وعلاقاته الطيبة مع قادة وأصحاب القرار لديها ولأنه يدرك نتيجة لكل ذلك أن مسألة رفع الحصار المالي والاقتصادي والسياسي لن تكون سهلة بل مستحيلة دفعة واحدة. مارس فياض سياسة الخطوة خطوة لجمع المساعدات وذلك بتقديم خطة تقضي باستخدام "حساب خارجي" تحت سيطرته لجمع أموال المساعدات العربية بهدف تسديد الرواتب الحكومية المتراكمة بحيث توضح الولاياتالمتحدة للبنوك والمانحين علي السواء، ان بوسعهم ارسال الأموال إلي حساب منظمة التحرير الفلسطينية الخاضع لسيطرة فياض وفي حال موافقة واشنطن كما ترجح مصادر عديدة علي هذه الخطة، فان ذلك سيمكن المانحين العرب علي الأقل، تحويل مئات الملايين من الدولارات التي تعهدوا بها وسيشكل ذلك ثغرة مهمة في الموقف الامريكي الذي حال في السابق دون وصول الأموال التي قررتها المجموعة العربية عندما حاولت فك الحصار، رغم القرار العربي في الجامعة العربية إذ إن الموقف الأمريكي في ذلك الوقت حال من تنفيذ القرار العربي بهذا الخصوص كما هو معروف. لاشك في ان موافقة واشنطن علي خطة فياض تشكل مخرجا من جانب الولاياتالمتحدة، يسهل علي المانحين الآخرين خاصة الدول الأوروبية واليابان التعامل مع قطاعات مختلفة في حكومة الوحدة حيث يقول فياض انه تم الحصول علي نحو 55 مليون دولار شهريا من اعضاء الجامعة العربية ما يشكل نصف المبلغ المطلوب لتسديد الرواتب اذ تحتاج السلعة الفلسطينية إلي ما يقدر بنحو 511 مليون دولار شهريا لتغطية الواتب وبين 50 و60 مليونا شهريا لتغطية النفقات التشغيلية التي تصل في بعض الأحيان إلي 75 مليون دولار شهريا. لكن اذا ما أصرت الادارة الامريكية علي موقفها من الحصار فإن ذلك ينذر بانسحابات جماعية من الحكومة مما يهدد بانهيارها وانهيار السلطة برمتها ففي وقت سابق اكد عزام الأحمد نائب رئيس الحكومة عن حركة فتح أن استمرار الحصار لأشهر اخري يقتضي من حركته اعادة مراجعة موقفها في اشارة إلي احتمال انسحابها من الحكومة. لقد تراكمت علي الحكومة الفلسطينية في السنة الأخ