كنا نتحدث عن الأفكار الجديدة حول الدعم والخدمة الصحية وغيرهما وقلنا بالأمس إن الوسائل لتحقيق الأهداف قد تختلف وإن هيئة التأمين الصحي مثلا لا تختلف عن الشركة القابضة اذا لم تعتمد الأخيرة أساليب ووسائل مختلفة وتكف عن استخدام اسلوب "الحداقة والفهلوة". الكل يطالب بخدمة متميزة أو معقولة أو مقبولة.. وهذه درجات متفاوتة ولكل درجة تكلفتها ولا يعقل مطلقا أن نطالب بخدمة لا نستطيع دفع تكلفتها، كما أننا لا يمكن أن نطالب "العامل" بالمفهوم الواسع سواء كان طبيبا أو اداريا أو غير ذلك ببذل كل الجهد والطاقة وهو لا يتقاضي أجرا حقيقيا. المسألة إذن في معظم مرافقنا العامة والأداء الحكومي تدور في اطار غير حقيقي، فالسعر غير حقيقي "مدعم" والأجر غير حقيقي "جزافي" وبالتالي فالخدمة تتأرجح بين عوامل مختلفة غير موضوعية وقد تصبح وهما حين لا تؤدي الوظيفة المطلوبة كالأطفال الذين يحصلون علي شهادة إتهام الدراسة الابتدائية وهم لا يستطيعون القراءة والكتابة والاسم أن هناك مدرسة ومدرس وتلاميذ وعملية تعليمية خالية من المضمون. ما نعانيه في مجتمعنا فعلا من أمراض متوطنة مجسم في عدم الاجادة والاحتماء في نظام اداري وقوانين ادارية غير مواتية وغير مناسبة وتعطي الأرباح للمحظوظين فقط القادرين علي اختراق النظام والتحايل عليه او التلاعب به وركوبه بطريقة أو بأخري. والأفكار التي نبحث عنها لا يمكن أن تكون فعالة إلا اذا كنا ندرك أن التكلفة لابد أن يدفعها جانب ما من جوانب العملية كلها.. لا يوجد تطوير دون تكلفة ولا توجد تكلفة غير محسوبة علي أساس عملي واقعي، وأما الفهلوة والحداقة وتعطي شخصا جنيها وتقول له اذهب إلي الاسكندرية مثلا من القاهرة وتقول له اتصرف فهذه دعوة لاختراق القانون والركوب خلسة في أحد القطارات والتهرب من ثمن التذكرة او دعوة له لكي يسرق تذكرة شخص آخر أو... أو..... ان الأفكار كثيرة ولكن الوسائط غير العادلة وغير العملية تثير الشهية إلي الانحراف فما معني أن ندعم شخصا بأن نعطيه في الشهر كام جرام سكر أو زيت.. وهنا ليس هذا دعما رغم أن يكلف الخزانة المليارات، ولكنه بالنسبة للمواطن لا شيء علي الاطلاق نماذج التفكير غير الواقعي وغير العملي هي التي تعطي الأفكار الصحيحة، وهذه موجودة وتلك موجودة المهم الارادة السياحية لاختيار الطريق الصعب.