الدعم العيني والنقدي.. "الحوار الوطني" ينشر قاموسًا يهم المواطنين    أبو قير للأسمدة: انخفاض صافي الأرباح بنسبة 4% خلال 2023-2024    وزير الدفاع الأمريكي لنظيره الإسرائيلي: عازمون على منع إيران من استغلال الوضع في لبنان    الكرملين: التصريحات الغربية حول صراع مسلح محتمل مع روسيا بمثابة "موقف رسمي"    ألونسو يعلن تشكيل ليفركوزن لمواجهة بايرن ميونخ    وزير التعليم يشدد على استخدام المعامل غير المستغلة وتخصيص حصة داخلها أسبوعيًا    سعر الدرهم الإماراتى أمام الجنيه بالبنوك اليوم السبت 28-9-2024    الضرائب: تحديث موقع المصلحة الإلكترونى لتيسير سُبل التصفح وتقديم خدمة مميزة    اختيار باسم كامل أمينا عاما للتحالف الديمقراطي الاجتماعي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الله منحنا الغفران ونحن مدعوون جميعًا أن نكون رحماء تجاه إخوتنا    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة ل41586 شهيدا و96210 مصابين    المجر تنضم إلى منصة "أصدقاء السلام" بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية    اتهامات جنائية بحق إيرانيين في أمريكا باختراق حملة ترامب الانتخابية    محمد صلاح يدعم سعود عبدالحميد بعد مشاركته الأولى مع روما (صورة)    وزير التربية والتعليم يعقد لقاءً موسعا مع موجهى المواد الأساسية بالمديريات والإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية    تذكرتي تهنئ الزمالك بلقب السوبر الأفريقى    ضبط مخدرات بقيمة 5.6 مليون جنيه في حملات أمنية    انخفاض طفيف فى درجات الحرارة على معظم المحافظات.. فيديو    وزير الإسكان يتابع استعدادات فصل الشتاء بعدد من المدن    اتجاه لعرض فيلم التاريخ السرى لكوثر على إحدى المنصات قريبا    القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر "بليغ عاشق النغم" بنقابة الصحفيين الإثنين    تشييع جثمان زوجة إسماعيل فرغلى بعد صلاة الظهر من مسجد الشرطة بالشيخ زايد    سناء منصور عن علاء ولي الدين في ذكرى ميلاده: كان مدرسة ضحك    اليوم العالمى للمسنين.. الإفتاء: الإسلام وضع كبار السن بمكانة خاصة وحث على رعايتهم    مستشار الرئيس للصحة: وطّنا الأنسولين بمصر ومشروع البلازما من أنجح المشاريع    اليوم العالمى لمرض السعار.. كيف يؤثر داء الكلب على جسمك؟    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الإيمان خلال جولة مفاجئة ويطمئن على توافر الأدوية    ذكرى رحيل رضا ساحر الإسماعيلى فى حادث مروع اليوم    نبيل الحلفاوي بعد إخفاق الأهلي: لابد من شد الفريق وضبط وربط صواميله المفككة    بتحية العلم والنشيد الوطني.. رئيس جامعة القاهرة يشهد انطلاق العام الدراسي الجديد    نائب محافظ شمال سيناء يتفقد نادي الهجن الرياضي    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    ضبط 15 ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    توقعات مواليد برج الميزان.. اعرف حظك وأبشر بانفراجة    «وكيل صحة الشرقية» يطمئن على الحالات المصابة ب«النزلات المعوية»    «الإفتاء»: المشاركة في ترويج الشائعات حرامٌ شرعًا    مفاجآة.. تغيير في الجهاز الفني للأهلي بعد هزيمة السوبر الإفريقي    محافظ جنوب سيناء يشكر "مدبولى": يقود باقتدار أهم مراحل بناء مصر الحديثة    البورصة المصرية تربح 56.9 مليار جنيه في أسبوع    رئيس الوزراء يوجه بضغط البرنامج الزمنى لتنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" بسانت كاترين    جذب الاستثمارات الأجنبية والعربية على رأس اهتمامات مبادرة «ابدأ»    «الفريق يحتاج ضبط وربط».. رسالة نارية من نبيل الحلفاوي لإدارة الأهلي بعد خسارة السوبر الأفريقي    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    مرض السكري: أسبابه، أنواعه، وعلاجه    ضبط 97 مخالفة تموينية و295 ألف لتر مواد بترولية مهربة بقنا    علي جمعة: سيدنا النبي هو أسوتنا إلى الله وينبغي على المؤمن أن يقوم تجاهه بثلاثة أشياء    بعد واقعة النزلات المعوية.. شيخ الأزهر يوجه ب 10 شاحنات محملة بمياه الشرب النقية لأهل أسوان    إسرائيل تستبعد مقتل القيادي بحزب الله هاشم صفي الدين    حبس المتهمين بقتل سائق لسرقته في الهرم    عمرو سلامة يوجه الشكر ل هشام جمال لهذا السبب    صحة غزة: 52 شهيدا و118 إصابة جراء عدوان الاحتلال آخر 48 ساعة    تحرير 1341 مخالفات للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    "لا تقلل من قوته".. لاعب الزمالك الأسبق يحتفل بالتتويج بكأس السوبر الأفريقي    سعر الفراخ اليوم السبت 28 سبتمبر 2024.. قيمة الكيلو بعد آخر تحديث ل بورصة الدواجن؟    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي
سكان "العشش" و"المقابر"..!
نشر في العالم اليوم يوم 16 - 04 - 2007

عادت قضية سكان "العشش" و"المقابر" الي الواجهة مرة اخري في ضوء اهتمام لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الامم المتحدة بشأنها.
فقد نشرت صحيفة "إلبابيس" الاسبانية قلق لجنة الامم المتحدة من احوال 15 مليون مصري قالت انهم يعيشون في المقابر وقوارب نيلية وعشش فوق اسطح المنازل وأماكن اخري غير صالحة للسكن.
وقالت ان هناك احصاءات غير رسمية تؤكد ان نحو مليون ونصف المليون يعيشون داخل المقابر، منهم 50 ألفا يعيشون داخل المقابر ذاتها بينما يقيم الآخرون في مساكن غير لائقة تم بناؤها فوق المدافن القديمة، وحتي يتأقلم السكان مع ظروف الاقامة في المقابر، قام بعضهم بسرقة خطوط الكهرباء القريبة أو مواسير المياه، اضافة الي اقامة بعض الورش والمحال التي تغطي احتياجاتهم!!
والواقع انها قضية مؤلمة للغاية وثار الجدل بشأنها في المجتمع المصري طويلا وتداولتها الكثير من الاقلام الصحفية والافلام السينمائية ومع ذلك ظلت القضية بلا حل واصبحت جزءا من الواقع القائم وتأقلم معها المجتمع بحيث لم تعد تثير انتباهه أو قلقه أو يعمل علي ايجاد حلول لها.
وتصل ذروة المأساة الي حد تأقلم سكان المقابر مع هذا الواقع ورفضهم ايضا الانتقال الي اماكن اخري عند تحسن احوالهم المادية، بل ان بعضهم يعتبر ان الاقامة في هذه الاماكن تتيح له حرية ممارسة بعض الحرف والاعمال التي تدر دخلا كبيرا دون ملاحقات أمنية او ضرائبية.
ففي بعض المناطق التي تكثر بها تجمعات حول المقابر القديمة فانها اصبحت تتمتع بشهرة وجود العديد من ورش السمكرة والدهانات واصلاح السيارات التي يعمل بها عدة آلاف من أمهر العمال في هذا المجال والذين اصبح لهم زبائنهم من كل الطبقات الذين يقصدونهم من كل الاحياء المجاورة.
ولكن هذا لا يعني القبول بوجود هذه الظاهرة كواقع لا سبيل الي تغييره أو تطوير وتحسين أوضاع المقيمين بهذه المناطق الي الافضل ومنحهم الفرصة في التكيف مع واقع اجتماعي جديد يراعي آدمية الإنسان ويلبي احتياجاته المعيشية والاجتماعية.
فنحن نتحدث كثيرا عن العملية الديمقراطية والاصلاح السياسي ونبالغ في عقد الآمال علي التغيير علي انه الطريق لاصلاح مشاكلنا واحوالنا..!
وهي نظرة ذات جانب واحد تغفل الي حد كبير القاعدة الاساسية في عملية النهوض والتحديث في المجتمعات وهي التي تركز علي ان تكون البداية متعلقة بتنمية الانسان أولا، فبدون ان تتحقق للانسان حقوقه الاساسية في مسكن ملائم وبنية اساسية متطورة وفرصة الحصول علي عمل مناسب ودخل يتلاءم مع متطلبات الحياة، فان هذا الانسان سيظل محروما من حقوقه الاساسية ولن يكون راغبا في ان يكون جزءا من المجتمع الذي ينتمي اليه..!
ولعل هذا يفسر ظاهرة عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية الفعالة وإحجامهم عن الادلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة او الاستفتاءات المصيرية فهم علي قناعة بان اصواتهم لن تغير من واقع الحال وانهم ظلوا لعقود طويلة من الزمان يشاركون دون ان يتغير شيئا ودون ان يتحقق الرخاء الموعود الذي منوا أنفسهم به طويلا..!
كما ان هذه الغالبية الصامتة التي تعيش اوضاعا اجتماعية واقتصادية صعبة لم تلتفت باهتمام الي دعوات بعض النخب لتحريكها شعبيا واستخدامها كوسيلة للضغط لانها من جانب آخر لا تثق في نوايا هذه النخب المثقفة ولا في نواياها ولا تريد أن تكون طرفا في قضايا هي في الاساس لصالح بعض النخب دون ان يكون المواطن العادي هو المستفيد منها ناهيك بالطبع عن عجز هذه النخب في ايصال رسالتها بوضوح وبواقعية واقناع الي المواطن العادي..!
ولأن السلطات التنفيذية ادركت ان هذا الواقع من الصعب تغييره، وليس بالامكان ايجاد مساكن مناسبة لهذه الملايين التي اقامت العشوائيات في كل مكان، حول المقابر، وحول الاحياء السكنية فانها لجأت الي الحل الاسهل في هذه الاحوال وهو تقنين اوضاع المقيمين في هذه المناطق وادخال الخدمات اليهم واقامة مراكز للشرطة داخلها ايضا والاعتراف بها كأحياء سكنية متكاملة تستدعي وجود المدارس والمستشفيات والمجمعات الاستهلاكية وبذلك تتجنب الضغوط الشعبية من اجل حل مشاكلهم الاسكانية والاجتماعية.
وفي رأينا فإن هذه حلول مؤقتة لمشكلة إنسانية متفاقمة يمكن ان تتحول مع الوقت الي مصدر قلق وتهديد للأمن والاستقرار الداخلي.
ففي داخل هذه التجمعات المغلقة التي يتضاءل فيها نفوذ السلطات التنفيذية والامنية فان المناخ يصبح مهيئا لانتشار افكار التطرف والعنف وتزايد وجود وانتشار الجماعات الاصولية من منطلق ان الذين لا يعرفون معني الحياة يستعذبون دائما الموت ويبحثون عنه، ولا يوجد افضل من ان يموتوا شهداء كما يعتقدون اذا ما تم توظيفهم وتسييرهم في هذا الاتجاه..!
كما ان العصر الجديد عصر السماوات المفتوحة حيث القنوات الفضائية التليفزيونية التي ازالت المسافات والحدود اتاح لهؤلاء ان يتعرفوا علي ثقافة المجتمعات الاخري وان يشاهدوا علي الهواء مباشرة مجتمعات مختلفة تنعم بالحياة والسعادة وتمارس حقها في الحياة وفيها الانسان يلقي كل التقدير والاحترام وهو ما سيساهم بلاشك في تغيير نظرتهم لواقعهم وتطلعهم الي التساؤل والتذمر ايضا من الواقع الذي يعيشونه والذي اعتادوا عليه..!
ويزيد ايضا من احتمالات المخاطر في المستقبل ما اصبحوا يشاهدونه بالقرب منهم من تجمعات سكنية جديدة علي اعلي مستوي تقام للأثرياء والاغنياء وتنفق عليها المليارات والمليارات وتمارس فيها الحياة كما ينبغي ان تكون بينما هم بعيدون تماما عن اي تغيير متوقع وربما تزداد احوالهم سوءا وتدهورا.
اننا يجب ألا نركن كثيرا الي ان هذه القضية تمثل واقعا تكيف معه اصحابها ولم تعد تشكل خطرا اذ ان الحقيقة هو ان الخطر يكمن في هذا الصمت الغريب الذي يتجاهل علاجها وايجاد حلول لها، فهذا البلد العظيم يجب ألا يكون فيه هذا العدد الكبير من السكان في هذه الدرجة الدنيا بينما نسمع عن تجمعات ومنتجعات في بعض مناطقنا الساحلية تباع فيها الفيللا الواحدة بثمن يكفي لبناء حي سكني جديد بالكامل..!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.