وسط التداعيات الاقتصادية الجارية حاليا في في قطاع الصناعة التقت العالم اليوم "الاسبوعي" مع وزيرها الاسبق المهندس محمد عبدالوهاب لمدة عشر سنوات منذ منتصف الثمانينيات وحتي بداية التسعينيات من القرن الماضي. لم يخف المهندس عبدالوهاب أنه خرج من الوزارة بسبب موقفه من الخصخصة، وقال إنه لا يعترض عليها من الناحية النظرية ولكنه ضدها من حيث التطبيق الذي لا يؤدي إلي تحقيق أي عائد أو قيمة مضافة للاقتصاد القومي ووصفها بأنها برنامج فاشل لا يقوم علي منهج كما هوالحال في التجربة البريطانية التي كانت علي قاعدة اقتصادية غير متوافرة في مصر حتي الآن. كما أكد اعتراضه علي استمرار رفع الحماية عن الصناعة الوطنية في الوقت الذي مازالت الدول المتقدمة تلجأ إليها مشيرا إلي أن الصناعة في مصر غير متكاملة ومازال ينقصها الكثير وفيما يلي نص الحوار مع المهندس محمد عبدالوهاب حول قضايا الصناعة المختلفة. * ما رأيك كشاهد وخبير في النهج الصناعي والإنتاجي الآن وهل نحن نسير نحو الأمام أم أننا نتخبط ونعود للوراء؟ ** لابد أن اعترف بداية أنه لا يوجد وزير سابق يعطي لنفسه الحق في الحكم علي ما يحدث الآن في الوزارة التي كان يشغلها من قبل ولكي يقوم وزيرمن الوزراء السابقين بالحكم علي عناصر النجاح والفشل لابد أن يكون هذا الوزير متواجدا في نفس المطبخ الوزاري.. ولكن رؤيتي كشاهد علي العصر تتلخص في أن جميع المصريين ظروفهم سيئة وسبب ذلك الرئيسي هو الأزمة الاقتصادية الطاحنة والتي جعلت آمال وطموحات التنمية محدودة للغاية فقد كنا نعتقد أن الصناعة المصرية في النصف الثاني من القرن العشرين سيكون أمامها فرصة جيدة للنمو والتقدم وتتكامل ويكون لها دور في أمور البحث العلمي والتطوير المرتبط بالإنتاج الصناعي وهي نقطة مهمة وبدونها لا يوجد أفق يمكن الوصول إليه وما حدث كان نتيجة لظروف كثيرة من أهمها نظام العولمة واتجاه معظمها نحو الاقتصاد الحر حيث إنه سمة وضرورة ولكن لكل شيء له سلبيات وايجابياته. * إذن فما هي سلبيات الاقتصاد الحر الذي تعاني منه مصر؟ ** سلبيات الاقتصاد الحر أننا افترضنا أننا جزء من الاقتصاد العالمي برغم أننا للأسف غير مؤهلين ذلك.. وهناك فرق كبير بيننا وبين دول العالم الخارجي سواء من ناحية المؤشرات الاقتصادية أو من ناحية الإنتاج والتطوير والابداع والاختراعات ومصر دخلت العولمة وهي مصنفة ضمن التابعين ليس المبدعين وطالما نحن من التابعين فعلينا أن نلتزم بذلك "وربنا يسترها معانا" وبقدر الطاعة ولولاء للمبدعين تكون الاستفادة رغم أن هدفهم الرئيسي هو أن نكون مستهلكين باالدرجة الأولي وإذا فكرنا في غير ذلك نكون أفلاطونيين وغير واقعيين. موقف من الخصخصة * وكيف تنظر إلي عمليات الخصخصة والتي بدأت منذ أن كنت وزيرا للصناعة في الثمانينات؟ ** اعترف بأن من أهم الاسباب التي جعلتني أترك وزارة الصناعة وعدم الاستمرار فيها هي عملية الخصخصة ومع ذلك فأنا لست ضد الخصخصة كنظرية لأن افاق القطاع الخاص في مصر غير محدودة في حين أن المال العام افاقة في غاية المحدودية وبالتالي فإن الاتجاه للقطاع الخاص اتجاه حميد وجيد وعلي الحكومة أن تؤيد وتساند القطاع الخاص لأنه يستطيع أن يتحمل مسئولية التنمية وتوفر له كل السبل حتي تجعل له دورا في توسيع القاعدة الاقتصادية وليس بطريقة الاحلال والتغيير أي أنه لا يجوز بيع منشأة موجودة وقائمة لشخص آخر دون توسع أو اضافة كالذي يبيع عمارة سكنية بها سكان لشخص آخر في وجود أزمة سكان وبالتالي فهو لم يضف شيئا وتسبب ذلك النظام في أن جميع مدخرات القطاع الخاص والتي كان يجب أن توجه إلي التنمية إلي مشروعات جديدة فهذه المدخرات للأسف وجهت إلي الاستحواذ علي ما هو قائم.. ومع انني لست من علماء الاقتصاد ولكن أتحدث بمنطق بسيط جدا وقد قلت رأيي وأنا في الحكومة وكان معارضا لاتجاهات الحكومة وعلاقتها بالمؤسسات الدولية وأعترف بأنني لم أكن علي حق في هذا الرأي ولكن كنت علي حق في المنطق.. والحمد لله تركت الوزارة والحكومة وقاموا بعدها بتنفيذ الخصخصة. * هل تري أن الحكومة قامت بخصخصة الشركات علي النحوالمطلوب وكانت هناك استفادة ملموسة من الخصخصة؟ ** أحب أن اقول أنه منذ الثمانينات وحتي الان لا يوجد منطق للخصخصة وإذا سألنا لماذا قمتم بالخصخصة؟ لا نتلقي ردا مقنعا من أحد ولقد اتيح لي الإطلاع علي بعض برامج الخصخصة في دول العالم ومنها البرنامج الانجليزي الذي تميز بأنه أول برنامج للخصخصة في العالم ويحمل اسم "التاتشاريزم" نسبة إلي مار جريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة التي سألوها: لماذا تقومون بالخصخصة فقالت انهم يتجهون بالخصخصة من أجل الارتفاع بالكفاءة الإنتاجية وهو سبب أساسي ونجد أن في بريطانيا القاعدة كاملة وواسعة وكان ينقصهم الكفاءة الانتاجية في الوحدات والوزارات والهيئات المتخصصة.