شهدت الأسواق الناشئة إقبالا شديدا من قبل المستثمرين في الأعوام القليلة الماضية، فالبحث عن أرباح وفوائد ربحية ضخمة قد دفع المستثمرين الي الاستثمار في أكثر المناطق خطورة وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر ما يقارب 542 مليار دولار في البلدان النامية عام 2005 وذلك بنسبة زيادة بلغت حوالي 37%. وماتزال الأعداد في تزايد مستمر، لدرجة أن العديد من خبراء الاقتصاد قد بدأوا بالرهان علي الدول التي ستتعثر أولا. لكن عوضا عن الاشتباه المعتاد في كل من آسيا أو أميركا اللاتينية، يشير الكثير من الخبراء بأصابعهم الي أوروبا الشرقية فهناك دول، كبولندا والمجر تواجه خطر فقدانها لهالاتها الاقتصادية نتيجة للإعياء الذي أصاب عمليات الإصلاح، وبسبب الإنفاق المفرط الذي يهدد استمرار عملية التنمية والازدهار. وكما أشار نيل شيرينغ، المحلل بمركز كابيتال إيكونوميكس بلندن، فإن '' جميع الديناميكيات والعوامل متوفرة لانهيار اقتصادي كامل.'' في تلك البلدان. وقد تمت الاشارة الي أن أكبر أربعة اقتصادات أوروبية انضمت للاتحاد الأوروبي في عام ،2004 جمهورية التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا، قد بلغ متوسط نمو إجمالي الناتج المحلي فيها حوالي 5 % العام الماضي. الجدير بالذكر أنه تمت تغذية هذه الطفرة من قبل رأس المال الأجنبي، بنسبة زيادة بلغت 19 %، بما يعادل 57 مليار دولار. وإذا ما نظرنا الي دول جنوب اوروبا، كاليونان وايطاليا، فمن الملاحظ أنها تحاول تحقيق التوازن في الحسابات الجارية. أما دول شرق أوروبا، فما زالت تستهلك أكثر مما تنتج، بمتوسط أرصدة للحسابات الجارية السلبية بلغ حوالي 5 % من إجمالي الناتج المحلي. في حين نجد أن ديون بعض الحكومات الأوروبية قد أصبحت خارجة عن السيطرة، حيث بلغت نسبة العجز في العديد من البلدان الأوروبية ضِعْفَي أو ثلاثة أضعاف ما يقبل به الاتحاد الأوروبي. وعلي المدي الطويل، فإن الديون الثقيلة الواقعة علي دول أوروبا الشرقية ستؤدي الي ارتفاع أسعار الفائدة علي القروض، وحتي علي الائتمان، الأمر الذي من شأنه أن يسبب انهيارا اقتصاديا. وعلي سبيل المثال بلغاريا، فقد بلغت نسبة عجزها الاقتصادي حوالي 10,1 % من إجمالي الناتج المحلي، وهي أعلي نسبة عجز تشهدها أوروبا وقد شهدت نسبة الديون الواقعة علي الحكومة البلغارية نموا من 60 الي 70 % من إجمالي الناتج المحلي منذ عام 2005 ويتمثل هدف الخطة الجديدة في إدراج بلغاريا ضمن خطة العملة الموحدة. ويذكر أنه حتي الآن، سلوفينيا هي الدولة الوحيدة من الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي التي أمكنها تحقيق ذلك* أما بولندا، فقد كان من المقرر أساسا أن تنضم الي الاتحاد بحلول عام 2009 أما الآن، فقد تغير الوضع حيث أصبح من غير المتوقع انضمامها الي الاتحاد الأوروبي قبل عام 2012. أما موعد انضمام جمهورية التشيك، فمن المرجح تأجيله من منتصف عام 2009 المقبل الي عام 2011 مما يعني أن تقلبات العملة المحلية لتلك البلدان ستشكل خطرا علي المستثمرين الأجانب. ويذكر أن جولة جديدة من عملية تحرر الأسواق الأوروبية من شأنها ان تساهم في عملية التعويض والإصلاح. إلا أن الإنفاق الضخم وغير الحكيم من قبل الحكومات المحلية، وعدم كفاءة مشاريع الرعاية الصحية في ازدياد مستمر، وذلك مقابل انخفاض معدل الإنفاق علي المشاريع التنموية والتطويرية. فعلي سبيل المثال لا الحصر، بولندا غيرت ستة وزراء للمالية في غضون سنتين. وقال سيمون جانكوف، خبير اقتصادي في البنك الدولي: '' اعتقد ان كل دولة من تلك الدول ستعاني في مرحلة ما من أزمات اقتصادية قوية خلال العشرة أعوام القادمة